بالنظر إلى آراء وأقوال الفقهاء السابقين في تحديد الفقراء المستحقين لأموال الزكاة، نجد أنها غير ملائمة لظروف الناس وأحوالهم في الواقع المعاصر، ولحل هذه المشكلة لا نحتاج إلى جهود كبيرة، فيمكن تحديد المستحقين لأموال الزكاة، عن طريق المؤسسات والمنظمات المتخصصة في دراسة الأوضاع الاقتصادية السائدة، ومن أهم المعايير التي استُخدمت في هذه الأيام لتحديد مستحقي الزكاة هو معيار حد الكفاية.
ما المقصود بحد الكفاية؟
هو المستوى الذي يكون عنده الإنسان قادراً على توفير ما يكفيه، ويحقق متطلبات حياته، ويؤمن حاجيات أسرته التي يعيلها من ضروريات الحياة، ليخرج من دائرة الفقر، ويعتمد على نفسه في تأمين حياته بعيداً عن سؤال الناس، وطلب العون منهم.
ويتبع ذلك إلى الظروف الاقتصادية التي يعيشها الإنسان، فقد يملك الشخص المال، لكنه في بعض الأحيان لم يكن قادراً على تأمين ضروريات حياته وتوفير كفايته، بسبب سوء الأحوال السائدة في عصره، مثل ارتفاع الأسعار، وزيادة الضرائب المفروضة على الناس، وغيرها من التزامات الحياة التي تحتاج لتغطية مالية دائمة.
حد الكفاية لتحديد مستحقي الزكاة:
يعتبر حد الكفاية المستوى الذي اعتمده الفقهاء المعاصرون لتحديد الفقراء المستحقين لأموال الزكاة، من خلال تكليف بعض المؤسسات والأجهزة الحكومية، التي تختص بالدراسات الاقتصادية والإحصائية، فتقوم بتحديد متوسط الدخل الشهري، الذي من خلاله يقدر الفرد على توفير حد كفايته، وتأمين حياة كريمة، اعتماداً على أسس وتفصيلات علمية دقيقة.
ومن الأمور المهمة التي يجب أخذها بعين الاعتبار خلال تحديد متوسط الدخل الشهري اللازم لكل فرد، هو دراسة الأوضاع الاقتصادية السائدة، متمثلة بأسعار السلع والخدمات في الوقت المعاصر، والتزامات الحياة الضرورية، التي يجب تغطيتها في كل شهر.
وبالاعتماد على ما يتم تحديده لمتوسط الدخل الشهري اللازم لتوفير حد الكفاية، يتم معرفة الأفراد الفقراء المستحقين لأموال الزكاة والصدقات، فالفرد الذي لا يقدر على تأمين حد الكفاية له ولأسرته، يعد من الفقراء، الذين يستحقون أموال الزكاة والصدقات.
ومن خلال ما سبق يمكننا الاعتماد على تحديد حد الكفاية للتمييز بين الفقراء والأغنياء، وتعيين الأفراد المستحقين لأموال زكاة، وعليه يتم توزيع أموال الزكاة والصدقات، بما يرضي الله تعالى، ويحقق العدالة بين الناس.