تعلم آدم عليه السلام الأسماء

اقرأ في هذا المقال


تعلمُ آدم عليه السلام الأسماء:

بعد ما خلق الله بيده، ونفخَ فيه من روحه، توجهت إرادتهُ سبحانه وتعالى لإظهار شرفه بين المخلوقات؛ وذلك لأن الملائكة عندما قالوا أتجعلُ فيها من يُفسدُ فيها، أراد الله بذلك أن يُظهر لهم شرفُ هذا المخلوق الذي وصفوه بالإفسادِ وسفك الدماء، فعلّم آدم الأسماء كلها وذلك بأن عرض عليه الأشياء وسماها له بأسمائها حتى استيقَنها وحفظها ثم بعد ذلك ابتدأت المناظرة فعُرضت الأسماء على الملائكة، فقال تعالى: “فقال أنبِئونِي بأسماءِ هؤلاء إنّ كنتم صادقين” البقرة:31. أي بمعنى أخبروني أيها الملائكة بأسماء المخلوقات إن كنتم حقاً أولى بالخلافة من هذا الإنسان، وأنى للملائكة أن تعرف أسماء المخلوقات وهي التي تأخذ علمها من الله، والله يعلمُ عجزَ الملائكةِ عن الإخبار بتلك الأسماء، لكنهُ أراد سبحانه أن يُقيم الحجة عليهم، حتى إذا قيل لهم اسجدوا، سَجدوا وهم مستسلمين لإرادة الله عارفين شرف هذا الإنسان وقدرهُ عند الله، قال تعالى: “قال يا آدم أنبئهم بأسمائهِم” البقرة:33.
أمر الله تعالى آدم أن يُسمي المسميات بأسمائها، هذا اسمهُ كذا وهذا اسمهُ كذا وما أن بدأ آدم في تسمية الأشياء حتى استيقنت الملائكة شرف هذا المخلوق، فخضعت الملائكة واستسلمت لإرادة الله.؛ لأنها علمت علم اليقين أن آدم ما عُلّم هذه الأشياء إلا بإرادة الله، فالبلعلمِ نالَ هذا المخلوق المكانة الرفيعة، وعلم الأسماء ذو أهمية قصوى في حياة الإنسان، وكيف لا والإنسانُ لا يستطيع العيش على هذه الأرض إلا بهذا العلم، وكيف ستكون حال الناس في التخاطب والتفاهم بدون الأسماء، فمن المؤكد أنه ستكون حياتهم جحيماً، ولو كان هناك علمٌ آخر يُظهر شرف آدم أعجز من الملائكة في الإخبار عنها.
لقد أقرت الملائكةُ وقلت بصوتٍ واحد: قالوا سبحانك لا عِلمَ لنا إلا ما علمتنا، أي تنزهت يا الله وتقدست أسمائك، فإننا لا نعلم علماً سواء كان في الأرض أو في السماء إلا ما أظهرتهُ لنا وعلمتنا إياه، وكيف نعرف الأسماء ولم يحصل لنا أن علمتنا.
لقد أقرت الملائكةُ بعجزها وفوضت ذلك إلى الله وأيقنت أن الله قادرٌ على أن يخلق من الطين الأسود مادةً تكون أعلى وأشرف مما كانوا يتصورون. وهنا خاطبهم اللهُ قائلاً لهم: ” ألم أقل لكم إنّي أعلمُ غيب السماوات والأرض” البقرة:33. فالله تعالى يعلمُ ما يُظهرون وما يسرون ويعلمُ من يُصلح للخلافة في الأرض ومن يصلحُ لسكنى السماء فلا تعترضوا على حكمي وتدبيري وإرادتي، فإني أعلم الغيب واعلمُ خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

الأسماء التي تعلمها آدم عليه السلام:

لقد تعلم آدم الأسماءَ وظهر شرفهُ وعلت مكانته، فماهي أهم الأسماء التي جاءت بها أقوال العلماء:
– أسماء النجوم.
– وتعلم أاسم صفةِ كل شيء.
– أسماء ما خُلق في الأرض، وهذا رأي القتبي.
– فقد تعلم أيضاً أسماء الله تعالى كلها، وهذا ما قال به الحكيم الترمذي.
– عُلم أسماء ذريتهُ، قال عبد الرحمن ابن زيد ابن أسلم.
– عُلّم أسماء الملائكة خاصة، وهذا ما قال به الربيع بن أنس.
– وأيضاً عُلّم اللغات، فقالوا إن الله عزّ وجل علمَ آدم جميع اللغات، ثم تكلم كل واحد من أولاده بلغةٍ فتفرقوا في البلاد واختصت كلُ فرقةٍ منهم بلغة، قال ابن منداد في هذه الآية أنها دليلٌ على أن اللغة مأخوذةً توقيفياً وأن الله علمها آدم جملةً وتفصيلاً.
– والمراد بها أيضاً أسماء ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، وعُزي هذا القول لابن عباس.
– وعلمهُ الأسماء كلها جليلها وحقيرها إلى تعارف عليها الناس، سواء إنساناً ودابةً وداراً وسهلاً وجبلاً وفرساً وما شابه ذلك من الأسماء وقالوا بهذا الرأي ابن عباس ومجاهد وغيرهم وقال قتادة: عُلم آدم من الأسماء، أسماء خلقهِ ما لم تعلم الملائكة وسمي كل شيء باسمه وأنحى منفعة كل شيء إلى جنسه: وقال النحاس معلقاً على قول قتادة، وهذا أحسنُ ما روي في هذا المعنى، علمهُ أسماء الأجناس وعرفهُ منافعها هذا كذا ويُصلح من أجل كذا.
وهذا القول رجحهُ مجموعةٌ من العلماء كالألوسمي والقرطبي وابن كثير وسبط ابن الجوزي وغيرهم من العلماء، ومما يدل على ترجيح هذا القول ما يلي:
1. قوله الأسماء كلها، فلفظ كلها اسم موضوع للإحاطةِ والعموم والشمول.
2. علمهُ الأسماء كلها ليظهر فضل آدم على الملائكة وفي تعليم البعض نقص.
3. الحديث الذي رواه البخاري من حديث أنس عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: “يجتمعُ المؤمنون يوم القيامةِ فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا فيأتون آدم فيقولون أنت أبو البشر خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكتهُ وعلمك أسماء كل شيء”.صحيح البخاري. فالحديثُ هنا يدلُ على أن آدم عُلّم كل ما تعارف عليه الناس وكل ما يحتاجه هذا الخليفة في هذه الأرض، وعُلم منافع الأشياء، حتى يستطيع أن يستغلها ويستخدمها في خلافته لهذه الأرض.


شارك المقالة: