كيفية تنظيم الوقت في شهر رمضان

اقرأ في هذا المقال


شهر رمضان وتنظيم الوقت:

تنظيم الوقت في رمضان : يعني هو البرنامج الذي ينظّم حياة المسلم الصائم، ووقته نفسياً وجسدياً ومعنوياً ودينياً، من أجل استقبال شهر رمضان وتهيئة نفسه للصّيام والقيام والعبادات وقراءة القرآن وغير ذلك من الأعمال الدينية والدنيوية .

يوم المسلم في رمضان:

ويبدأ المسلم يومه الأول بالسَحور قبل صلاة الفجر , والأفضل أن يُؤخر السَحور إلى أقصى وقت ممكن من الليل .

ثم بعد ذلك يستعدّ المسلم لصلاة الفجر قبل الآذان، فيتوضأ في بيته، ويخرج إلى المسجد قبل الآذان، فإذا دخل المسجد صلّى ركعتين”تحية المسجد”، ثم يجلس ويشتغل بالدعاء أو بقراءة القرآن، أو بالذكر، حتى يؤذّن المؤذّن، فيُردّد مع المؤذن ويقول ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد الفراغ من الأذان، ثُم بعد ذلك يُصلي ركعتين” راتبة الفجر” ثم يشتغل بالذكر والدعاء وقراءة القرآن إلى أن تُقام الصلاة .

بعد أن يؤدي الصّلاة مع الجماعة يأتي بالأذكار التي تشّرع عُقب السلام من الصّلاة، ثم بعد ذلك إن أحب أن يجلس إلى أن تطلع الشمس في المسجد مشتغلاً بالذكر وقراءة القرآن فذلك أفضل، وهو ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الفجر .

ثم إذا طلعت الشّمس وارتفعت ومضى على شروقها نحو ربع ساعة، فإن أحب أنّ يصلي صلاة الضحى” أقلها ركعتين” فذلك حسن، وإن أحب أن يؤخرها إلى وقتها الفاضل وهو حين ترمض الفصال، “أي عند اشتداد الحرّ وارتفاع الشمس” فهو أيضاً أفضل .

وإن أحبّ أن ينام ليستعدّ للذّهاب إلى عمله، فلينوي بنومه ذلك التَّقوِّي على العبادة وتحصيل الرزق، كي يُؤجر عليه إن شاء الله تعالى، وليحرص على تطبيق آداب النوم الشرعية العملية والقولية .

ثم يذهب الصائم إلى عمله، فإذا حضر وقت صلاة الظُّهر، ذهب إلى المسجد مُبكراً قبل الأذان أو بعده مباشرة، وليكنْ مُستعداً للصّلاة مُسبقاً فيصلّي أربع ركعات بسلامين” راتبة الظهر القبلية”، ثم يشتغل بقراءة القرآن إلى أن تُقام الصّلاة، فيصلّي مع الجماعة، ثم يصلّي ركعتين” راتبة الظهر البعدية”.

ثم بعد الصلاة يعود الصائم إلى إنجاز ما بقي من عمله، إلى أن يحضر وقت الانصراف من العمل، فإذا انصرف من العمل وبقي وقت طويل على صلاة العصر فيُمكنه أن يستريح فيه، وليأخذ قسطاً من الرّاحة، وإن كان الوقت غير كافٍ ويخشى إذا نام أن تفوته صلاة العصر فليُشغل نفسه بشيء مناسب حتى يحين وقت الصلاة، كأن يذهب إلى السوق لشراء بعض الأشياء التّي يحتاجها أهل البيت وغير ذلك، أو يذهب إلى المسجدِ مباشرة ًفي حين ينتهي من عمله، ويبقى في المسجد إلى أن يصلّي العصر .

ثم بعد العصر ينظر الإنسان إلى حاله، فإن كان بإمكانه أن يجلس في المسجد ويشتغل بقراءة القرآن فهذه غنيمةٌ عظيمة، وإن كان الإنسان يشعر بالإرهاق، فعليه أن يستريح في هذا الوقت، كي يستعد لصلاة التّراويح في اللّيل .

وقبل أذان المغرب يستعد للإفطار، وليشغل نفسه في هذه اللحظات بشيء يعود عليه بالنّفع، إما بقراءة القرآن، أو بالدُّعاء أوبحديثٍ مفيدٍ مع الأهل والأولاد .

ومن أحسن ما يشغل به هذا الوقت المُساهمة في تفطير الصائمين، إما بإحضار الطعام لهم أو المشاركة في توزيعه عليهم وتنظيم ذلك لهم، وتلك لذّة عظيمة لا يذوقها إلا من جربها .

ثم بعد الإفطار يذهب للصلاة في المسجد مع الجماعة، وبعد الصلاة يصلّي ركعتين” راتبة المغرب”، ثم يعود إلى البيت ويأكل ما تيسّر له مع عدم الإكثار، ثم يحرص على أن يبحث عن طريقة مُفيدة يملأ بها هذا الوقت الفضيل بالنسبة له ولأهل بيته، مثل القراءة في كتاب قصصي، أو كتاب أحكام عملية، أو مسابقةٍ معينة، أو حديث مباح، أو أي فكرة أخرى مفيدة تتشوّق النفوس لها، وتَصرِفُها عن المحرمات التي تبث في وسائل الإعلام، والّتي يعد هذا الوقت بالنسبة لها وقت الذروة، فتجدها تبث أكثر البرامج جذباً وتشويقاً، فيجب أن نحرص على المنكرات العقدية والأخلاقية، ، فإجتهد أيها الصائم في صرف نفسك عن ذلك، واتقّ الله في رعيتك التي سوف تُسأل عنها يوم القيامة، فأعد للسؤال جواباً يوم لا ينفعُ في ذلك اليوم إلاعملك.

ثم يستعد الصّائم لصلاة العشاء، ويتّجه إلى المسجد، فيشتغل بقراءة القرآن، أو بالاستماع إلى الدّرس الذي يكون في المسجد .

ثم بعد ذلك يقوم لأداء صلاة العشاء فيصَلّ ركعتين”راتبة العشاء”، ثم يصلِّ التراويح خلف الإمام بخُشوع وتدبُّر وتفكُّر، ولا ينصرف قبل أن ينصرف الإمام، وقد قال النّبي صلى الله عليه وسلم:( إنّه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة)”رواه أبو داود وغيره، وصحّحه الألباني في صلاة التراويح”.

ثم يجعل له برنامجاً بعد صلاة التراويح يتناسب مع ظُروفه وارتباطاته الشخصيّة، وعليه مُراعاة ما يلي :

  • البُعد عن جميع المُحرّمات وكل مايؤدّي إليها.

مُراعاة تجنيب أهل بيتك الوقوع في شيء من المحرمات أو أسبابها بطريقة حكيمة، كإعداد برامج خاصّة لهم , أو الخُروج بهم للنُّزهة في الأماكن المُباحة، أو تجنبيهم رفقة السّوء والبحث لهم عن رفقة صالحة.

أن تشتغل بالفاضل عن المفضول: مثلاً أنّ تحرص على النوم مبكراً مع الإتيان بالآداب الشّرعية للنوم العمليّة والقولية، وإن قرأت قبل النوم شيئاً من القرآن أو من الكتب النافعة فهذا أمرٌ حسن، لا سّيما إن كنت لم تُنهِ وردك اليومي من القرآن، فلا تنم حتى تنهه .

ثم يستقيظ الصّائم قبل السّحور بوقتٍ كافٍ للاشتغال بالدّعاء، في هذا الوقت، وهو ثُلث الّليل الأخير، وهو وقت نزول الوحي الإلهي على الأرض، وقد أثنى الله عزّ وجل على المستغفرين فيه، كما وعد الدّاعين فيه بالإجابة والتائبين بالقبول، فلا تدعُ هذه الفرصة العظيمة تفوتك .

يوم الجُمعة : يوم الجمعة هو أفضل أيام الأسبوع , فينبغي أن يكون له برنامجاً خاصّاً في العبادة والطّاعة، يُراعى فيه ما يلي :

  • التبكير في الحُضور إلى صلاة الجمعة.

البقاء في المسجد بعد صلاة العصر، والاشتغال بالقراءة والدُّعاء حتى السّاعة الأخيرة من هذا اليوم، فإنها ساعة ترجى فيها إجابة الدعاء .

يجب أن يجعل يومه هذا فرصة لاستكمال بعض أعماله التي لم يتنهي منها في وسط الأسبوع. كاستكمال الورد اليومي ، أو إكمال لقراءة القرآن، أو إكمال قراءة كتاب مُعين يتعلق بأحكام مُعينة في الإسلام، أو سماع شريط معين، وغير ذلك من الأعمال الصالحة.

  • العشر الأواخر : والعشر الأواخر هي التي تكون فيها ليلة القدر، والّتي هي خيرٌ من ألف شهر، لذا يُشرع للإنسان أن يعتكف في هذه العشر الأواخر في المسجد، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل طلباً لليلة القدر، فمن تيسّر له الاعتكاف في هذه الأيام فهذه جائزةّ ومنةٌ عظيمةٌ من الله عليه.

ومن لم يتيسر له اأنّ يعتكف العشرُ الأواخر كلها، فليعتكفْ ما تيسّر له منها.

وإن لم يتيسّر له اعتكاف شيء منها، فليحرص على إحياء ليلها بالعبادة والطّاعة من قيامٍ وقراءةٍ وأذكارٍ وأدعيةٍ وليستعد لذلك من النهار بإراحة جسمهِ وبدنهِ حتى يتمكّن من السّهر طوال الّليل.

فوائد الجدول الرّمضاني للمُسلم:

هذا الجدول جدول مُقترح وهو جدول مرنٌ ومفيد ومريح للصائم ويمكن لكل شخص أنّ يسير عليه بكل سهولة ويُسر ومن أهم فوائد هذا الجدول هو :

  1. أنّه جدول فيه التزام بذكر السُّنن الثّابتة عن النّبي صلى الله عليه وسلم، فلا يعني ذلك أن جميع ما فيه كلّها من الواجبات والفرائض، لا بل فيه كثير مع السُّنن والمُستحبّات التي يسعى الصّائم إليها .

فإنّ أحبُ الأعمال إلى الله أدومها وإن قل، فالإنسان في أول الشّهر قد يتحمّس للطّاعة والعبادة، ثم يُصاب بالفُتور وعليه أنّ يحرص على المُداومة على جميع الأعمال التي يؤدّيها الصّائم في هذا الشّهر الكريم .

2. ومن فوائدها أيضاً أنّ المسلم يحرص على تنظيم وقته في هذا الشّهر المُبارك، حتّى لا يضيع على نفسه فرص كبيرة من العبادة، وكذلك الأغراض اليوميّة يحرص على شرائها في الأوقات التي لا يكون فيها ازدحام في الأسواق ، ومثال آخر : الزيارات الشّخصية والعائلية ينبغي أن تُنظّم بحيث لا تشغل الإنسان عن عبادته .

3. أنّ تعمل على الإكثار من العبادة والتقرب إلى الله ويكون هو همّك الأوّل في هذا الشّهر المبارك .

5. أن تعقد العزم من بداية الشهر على التبكير إلى المسجد في أوقات الصلاة، وعلى ختم كتاب الله عز وجل وتلاوته وعلى المحافظة على قيام الليل في هذا الشهر العظيم، وعلى إنفاق ما تيسّر من مالك .

6. من فوائد رمضان أيضاً: اغتنامك لتقوية صلتك بكتاب الله عز وجل، وذلك من خلال الوسائل التّالية :

“ضبط القراءة الصّحيحة للآيات”، والسبيل إلى ذلك هو تصحيح القراءة على مقرئ جيد، فإن تعذر قراته من الشخص نفسه، فمن خلال متابعة أشرطة القُرّاء المُتقنين .

وأنّ يراجع ما منّ الله عليه من حفظٍ للقرآن والإستزادة من الحفظ، والقراءة في تفسير الآيات، وذلك إما بمراجعة الآيات التي تشكل عليك في كتب التفاسير المعتمدة كتفسير البغوي وتفسير ابن كثير وتفسير السّعدي، وإما بأن تجعل لك جدولاً للقراءة المُنتظمة في كتاب من كتب التّفسير، فتبدأ أولاً بجزء عم، ثم تنتقل إلى جزء تبارك، وينتهي إلى باقي القرآن.
7. أن تعتني بتطبيق الأوامر التي تمرّ بك في كتاب الله عز وجل ولا تخالفها.
فعلى المسلم الصّائم أن يدعو لنفسه وللمسلمين، أنّ يعينهم على صيامه وقيامه وسائر المسلمين الصّائمين، وأن يخضعوا لأوامر الله ويجتنّبوا نواهيه خلال هذا الشهر الفضيل.


شارك المقالة: