حب سيدنا محمد للسيدة خديجة:
كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يحب زوجته أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وكان سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام يفضل السيدة خديجة على سائر نسائه وكان يكرمها، ومن كرامة النّبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أنه عليه الصلاة والسلام لم يتزوج امرأة قبلها وأيضاً لم يتزوج النّبي محمد عليها أي امرأة، وبعد أن قضت السيدة خديجة رضي الله عنه نحبها حزن الرسول محمد صلّى الله عليه وسلم لفقدها وكان الرسول محمد يكثر من ذكر سيرة السيدة خديجة بعد وفاتها بشكل مستمر، وكان أشرف الخلق سيدنا محمد يستغفر لها وكان يثني (يمدحها) عليها، حتى وصل هذا المدح الكثير لدرجة أنّ نار الغيرة كانت تؤج (تشتعل) في قلب أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها من ذلك المدح.
قالت عائشة رضي الله عنها: ” كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا ذكر خديجة لم يكد يسأم من ثناءٍ عليها واستغفارٍ لها ، فذكرها يوما ، فحملتني الغَيرة ، فقلت : لقد عوضك الله من كبيرة السن. قالت : فرأيته غضب غضبا . أُسْقِطْتُ في خلدي وقلت في نفسي : اللهم إنْ أذهبتَ غضبَ رسولك عنّي لم أعُدْ أذكرها بسوء . فلما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ما لقيت ، قال : كيف قلت ؟ والله لقد آمنت بي إذ كذبني الناس ، وآوتني إذ رفضني الناس ، ورُزِقْتُ منها الولد وحُرِمْتُمُوه منِّي قالت : فغدا وراح عليَّ بها شهرا”.
و في رواية أخرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مجيباً عائشة : “هل كانت إلّا عجوزاً قد أبدلك الله خيراً منها ، لا والله ما أبدلني الله خيراً منها”.
وممّا ورد عن سيدتنا عائشة :“ما غرت من امرأة ما غرت من خديجة ، من كثرة ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- لها ، و ربما يذبح الشاة ثم يقطعها أعضاءً ثم يبعثها في صدائق خديجة ، فربما قلت له : كأنه لم يكن في الدنيا إلا خديجة ، فيقول : إنّها كانت و كانت ، و كان لي منها ولد”.
و كان رسول الله محمد صلّى الله عليه وسلم يبش(تهلل، أشرق) للسيدة هالة بنت خويلد وهي أخت السيدة خديجة إذا سمع صوتها بعد موت أختها رضي الله عنها ، وقد روى الإمام البخاري في صحيحه بإسناده عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت : “استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله صلى الله عليه و سلم ن فعرف استئذان خديجة فارتاع لذلك ، فقال : اللهم هالة ، قالت : فغرت فقلت ما تذكر من عجوز من عجائز قريش؟ حمراء الشدقين هلكت في الدهر قد أبدلك الله خيراً منها” .
قال ابن حجر في الفتح : قوله : “فعرف استئذان خديجة أي صفته لشبه صوتها بصوت أختها ، فتذكر خديجة بذلك .فارتاع لذلك أي تغير، و من بعض الروايات ارتاح بإلحاء المهملة ، أي اهتز لذلك سروراً”.