حديث في الفتنة وكفارة الصلاة والعبادات فيها

اقرأ في هذا المقال


لقدْ نظَّمَ الإسلامُ حياةَ الإنسانِ المسلمِ بالعباداتِ، وجعلَ لهُ منَ العباداتِ عموداً يقيمُ بها الإنسانُ بها دينهُ وهي الصَّلاةُ، ولمْ يتهاونِ الإسلامُ بها الأسلامُ لأهميَّتها ودورها في تنظيمِ علاقةِ الإسلامِ بربِّهِ ونفسهِ ومجتمعه، ولقدْ كانَ الصَّلاةُ في الإسلامِ كفَّارةٌ للمسلمِ وسنعرضُ حديثاً يبيِّنُ أهميَّةِ الصَّلاةِ وكفَّارتها.

الحديث:

يروي الإمامُ البخاريُّ في الصَّحيحِ : ((حدَّثنا مسدَّدُ، قال: حدَّثنا يحيى، عنِ الأعمشِ، قال: حدَّثني شقيق، قال: سمعتُ حذيفةَ، قال: كنَّا جلوساً عندَ عمرَ رضيَ اللهُ عنهُ، فقالَ: أيُّكمْ يحفظُ قولَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في الفتنةِ؟ قلتُ: أنا، كما قالهُ، قال: إنَّكَ عليهِ ـ أو عليها ـ لجريءٌ، قلتُ: (فتنةُ الرَّجلِ في أهلهِ وماله وولدهِ وجارهِ، تُكفِّرها الصَّلاةُ، والصَّومُ، والصَّدقةُ والأمرُ والنَّهيُّ). قال: ليسَ هذا أُريدُ ولكنَّ الفتنةُ الّتي تموجُ كما يموجُ البحرَ، قال: ليسَ عليكَ منها بأسٌ يا أميرَ المؤمنينَ، إنَّ بينكَ وبينها باباً مغلقاً، قالَ: أيكسرُ أمْ يُفتحُ؟ قال: يكسرُ، قال: إذا لا يغلقُ أبداً، قلنا: أكانَ عمرُ يعلمُ البابَ؟ قالَ: نعمْ، كما أنَّ دونَ الغدِ اللَّيلةَ، إنِّ حدَّثْتهُ بحديثٍ ليسَ بالأغاليطِ، فهبْنا أنْ نسألَ حذيفةَ فأمرْنا مسروق، فسألهُ فقالَ: البابُ عمرَ)). رقمُ الحديث:525.

ترجمة رجال الحديث:

الحديثُ يرويهِ الإمامُ محمَّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصَّحيحِ في كتابِ مواقيتِ الصَّلاةِ، بابُ الصَّلاة كفَّارةً، والحديثُ منْ طريقِ الصَّحابيِّ حذيفةَ، وهوَ أبو عبدِ اللهِ حذيفةُ بنُ اليمانِ العبسيُّ الكوفيُّ، منْ أكثرِ الصَّحابةِ روايةً للحديثِ، ومنْ أكثرهمْ روايةً لأحاديثِ الفتنِ، أمَّا بقيَّةُ رواةِ الحديثِ فهم:

  • مسدَّدٌ: وهوَ أبو الحسنِ، مسدّدُ بنُ مسرهدِ بنِ مسربلٍ الأسديُّ (ت:228هـ)، وهوَ منْ كبارِ المحدِّثينَ منْ تبعِ أتْباعِ التَّابعينَ.
  • يحيى: وهوَ أبو سعيدٍ، يحيى بنُ سعيدِ بنِ فرُّوخَ القطَّانُ (120ـ198هـ)، وهوَ منَ الثِّقاتِ في روايةِ الحديثِ منْ أتباعِ التَّابعينَ.
  • الأعمشِ: وهوَ أبو محمَّدٍ، سليمانُ بنُ مهرانَ الأعمشُ الأسديُّ الكاهليُّ (61ـ145هـ)، وهوَ منَ المحدِّثينَ الثِّقاتِ المعروفينَ في روايةِ الحديثِ منَ التَّابعينَ.
  • شقيقٌ: وهوَ أبو وائلٍ، شقيقُ بنُ سلمةَ الأسديُّ (1ـ82هـ)، وهوَ منَ التَّابعينَ في الرِّوايةِ أسلمَ في حياةِ النَّبيِّ ولمْ يسمعْ منهُ حديثاً.

دلالة الحديث:

يشيرُ الحديثُ المذكورُ إلى كفَّارةِ الصَّلاةِ للذُّنوبِ مهما كانتْ، وقدْ خصَّتِ الصَّلاةُ بتكفيرها للذُّنوبِ في هذا الحديثِ في زمنِ الفتنةِ، كما يبيِّنُ الحديثُ فتنَ آخرِ الزَّمانِ في حياةِ المرءِ بينَ أهلهِ وزوجهِ ومالهِ فتتغيرُ النُّفوسُ، وبيَّنَ الحديثُ النَّبويُّ زمنَ بدايةِ تلكَ الفتنِ وهوَ موتُ عمرَ بنِ الخطَّابِ رضيَ اللهُ عنهُ بما أخبرَ به حذيفةَ بنِ اليمانِ، ويكونُ ذلكَ بما أوردَ العلماءِ وأهلُ العلمِ بموتِ عمرَ مقتولاً، وهوَ معنى كسرُ الباب، وقدْ تحقَّقَ ذلكَ بمقتلِ سيِّدنا عمرَ بنِ الخطَّابِ وبدءِ الفتنِ في أمَّةِ الإسلامِ.

ما يرشد إليه الحديث:

منَ الفوائدِ المذكورةِ في الحديثِ:

  • تكفيرُ الصَّلاةُ للذُّنوبِ والمعاصي.
  • صدقِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بما أخبرهُ بزمنِ الفتنِ وتحقُّقهِ بعدَ موتِ عمرَ بنِ الخطَّاب.

شارك المقالة: