لقدْ كانَ الحديثُ النَّبويُّ وما وردَ عنْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ منْ قولٍ أو فعلٍ أوْ تقريرِ شواهدَ على أحكامٍ شرعيّةٍ بيَّنتْ للأمَّةِ كثيراً منَ العباداتِ وما يتَّصلُ بها، وقدْ كانتْ الصَّلاةُ منَ الأحكامِ الّتي بيَّنها وبيَّنَ ما يتَّصلُ بها لأنَّها عمودُ الدِّينِ، ومنْ أحكامِ الصَّلاةِ الواردةِ في الحديثِ الصَّلاةِ في البيت، فتعالوا نستعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ يرْحمهُ اللهُ في الصَّحيحِ: ((حدَّثنا مسدَّدٌ، قال: حدَّثنا يحيى، عنْ عبيدِ اللهِ، قال: أخبرني نافعٌ، عنِ ابنِ عمرَ، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال: (اجعلوا في بيوتكم منْ صلاتكمْ ولا تتَّخذوها قبوراً). رقمُ الحديثِ: 432)).
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ يرويهِ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصَّحيحِ في كتاب الصّلاةِ؛ بابُ كراهيةُ الصّلاةِ في المقابرِ، والحديثُ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ ابنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ بنِ الخطَّابِ القرشيُّ، ويعتبرُ منَ المكثرينَ للحديثِ عنِ النَّبيِّ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أمَّا بقيَّةُ رجال الحديث:
- مسدَّدُ: وهوَ أبو الحسنِ، مسدَّدُ بنُ مسرهدَ بنِ مسربلَ الأسديُّ البصريُّ (ت:228هـ)، وهوَ منَ الثِّقاتِ في روايةِ الحديثِ منْ تبعِ أتْباعِ التَّابعينَ.
- يحيى: وهوَ أبو سعيدٍ، يحيى بنُ سعيدٍ القطَّانُ التَّميميُّ (120ـ198هـ)، وهوَ منَ المعروفينَ في روايةِ الحديث منْ أتْباعِ التَّابعينَ.
- عبيدُ اللهِ: وهوَ أبو عثمانَ، عبيدُ اللهِ بنِ عمرَ بنِ حفصِ القرشيُّ العدويُّ (ت:147هـ)، وهوَ منَ الثِّقاتِ في روايةِ الحديثِ منْ أتباع التَّابعينَ.
- نافعٌ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، نافعٌ مولى عبدِ اللهِ بنِ عمرَ بنِ الخطَّابِ (ت:116هـ)، وهوَ منَ التَّابعينَ في روايةِ الحديثِ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى دعوةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنْ يجعلَ شيئاً منْ صلاتِه في بيتهِ، وأوردَ العلماءُ كثيراُ منَ الأقوالِ في هل هي المفروضَةِ أمِ النوافلِ منَ السُّننِ، فذهبَ بعضهمْ إلى أنَّها المسنونةُ وأنَّ المكتوبةُ فقط في المسجدِ، وقالَ بعضهمْ: لا بأسَ في صلاةٍ مكتوبةٍ تُصلَّى في البيتِ ويأتمُّ أهلُ البيتِ بها، واللهُ تعالى أعلمُ.
أمَّا وصفُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ البيوتَ الّتي تخلوا منَ الصَّلاةِ بالمقابرِ؛ فأخذ منها بعضُ العلماءِ بكراهيةِ الصّلاةِ في المقابرِ، وذهبَ بعضهمْ إلى أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أرادَ بها أنَّ الأمواتَ لا يُصلُّونَ فلا تكونوا مثلهم.
ما يرشدٌ إليه الحديث:
منَ الدُّروسِ والعبر المستفادة من الحديث:
- استحبابُ جعلِ بعضُ الصّلاةِ في البيوتِ.
- البيوتُ العامرة بالصّلاةِ أهلها أحياءُ بما فيها.