لقدْ كانَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ منْ أشجعِ النّاسِ في لقاء المشركينَ في الغزواتِ، وقدْ كان أصحابه رضيَ الله عنهم يقولونَ: (كنّا إذا حميَ الوطيسُ احتمينا برسول الله)، وقدْ لقيَ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّمَ منَ الجراحِ مالقيَ في غزوةِ أحدٍ، وقدْ وردَ في الحديثِ منَ الشّواهدِ على ذلكَ، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث:
يروي الإمام البخاريُّ في الصّحيحِ: ((حدّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدّثنا يعقوبُ، عنْ أبي حازمٍ، أنّهُ سمعَ سهلَ بنَ سعدٍ وهوَ يسألُ عنْ جرحِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، فقالَ: أما واللهِ، إنّي لأعرفُ منْ كانَ يغسلُ جرحَ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، ومنْ كانَ يسكبُ الماءَ، وبما دووِي. قال: كانتْ فاطمةُ عليها السّلامُ بنتُ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ تغسِلهُ، وعليٌّ يسكبُ الماءَ بالمِجنِ، فلمّا رأتْ فاطمةُ أنّ الماءَ لا يزيدُ الدّمَ إلّا كثرةً أخذتْ قطعةً منْ حصيرٍ، فأحرقتها وألصقتها، فاستمسكَ الدّمُ وكُسِرتْ رباعيّتهُ يومئذٍ، وكسرتِ البَيضةُ على رأسهِ)). رقمُ الحديث:4075.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ المغازي، بابُ ما أصابَ النّبيَّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ منَ الجراحِ يومَ أُحدٍ، والحديثُ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ سهلُ بنُ سعدٍ الأنصاريُّ، وهوَ منَ الصّحابةِ الرّواةِ للحديثِ عنْ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، أمّا بقيّةُ رجالِ سندِ الحديث:
- قتيبةُ بنُ سعيدٍ: وهوَ أبو رجاءٍ، قتيبةُ بنُ سعيدِ الثّقفيٌّ (148ـ240هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ الثّقاتِ منْ تبعِ أتباعِ التّابعينَ.
- يعقوبُ: وهوَ يعقوبُ بنُ عبدِ الرّحمنِ الزّهريُّ (ت: 181هـ)، وهوَ منْ رواة الحديثِ منْ ثقاتِ أتباع التّابعينَ.
- أبو حازمٍ: وهوَ سلمة بن دينار الأعرجُ (ت: 133هـ)، وهوَ منَ المحدّثينَ الثّقاتِ منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى حادثةِ جرحِ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ يومَ غزوة أحدٍ، وقدْ روى الرّاوي سهلُ بنُ سعدٍ أنّ النّبيَّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ كسرتْ رباعيّتهُ أيْ أسنانهُ في مقدّمتهِ وكسرتْ الخوذةُ على رأسهِ، فخرجتِ النّساءُ ومنهنَّ فاطمةُ فكانتْ تغسلُ جرحه وعليُّ بنُ أبي طالبٍ يسكبُ عليها الماءَ، ثمّ أخذتْ بحصيرٍ فحرقتهُ حتّى أصبحَ رماداً فأغلقتْ بهِ جرحهُ عليه الصّلاةُ والسّلام حتّى أنحبسَ دمهُ الشّريفُ، وفي ذلكَ لشدّةِ ما أصابهُ بعدَ غزوةِ أحدٍ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- جرحُ النّبيّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ وكسرُ أسنانه وخوذته على رأسه يومَ أحدٍ.
- صبرُ النّبيِّ وجرحه دليلُ على بشريّته عليه السّلامُ وكلُّ ذلكَ في سبيل دعوة التّوحيدِ.