لقدْ بيّنَ لنا النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ كثيراً منْ أخبارِ الغيبِ واليومِ الآخرِ، وقدْ بينّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ وصفَ الجنّةِ والنّارِ في الحديثِ النّبويِّ، وبيّنَ عملَ أصحابها في الدّنيا، والّذي أوصلهمْ إلى دخولهما، كما بيّنَ أنّ الجنّةُ محاطةٌ بالمكارهِ والنّارُ محاطةٌ بالشهوات، فتعالوا نعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث:
أوردَ الإمامُ البخاريّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: حُجِبَتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ، وَحُجِبَتِ الجَنَّةُ بِالْمَكَارِه)). رقمُ الحديث:6487.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الرّقاقِ، بابُ: (حجبتِ النّارُ بالشّهواتِ)، والحديث جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي هريرةَ الدّوسيِّ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ عبدُ الرّحمنِ بنُ صخرٍ الدّوسيُّ، منْ أكثرِ الصّحابةِ روايةً للحديثِ النّبويِّ عنْ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، ورجالُ سندِ الحديثِ البقيّةِ هم:
- إسماعيلُ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، إسماعيلُ بنُ عبدِ اللهِ الأصبحيُّ المدنيُّ (139ـ226هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ الثّقاتِ منْ تبعِ أتباعِ التّابعينَ.
- مالكٌ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، الإمامُ مالكُ بنُ أنسٍ الأصبحيُّ الحميريّ (93ـ179هـ)، وهوَ منَ المحدّثينَ المشاهيرِ الثّقاتِ في رواية الحديثِ منَ أتباعِ التّابعينَ، وهوَ صاحبُ المذهبِ المالكيِّ الفقهيِّ.
- أبو الزّنادِ: وهوَ أبو عبدِ الرّحمنِ، عبدُ اللهِ بنُ ذكوانَ القرشيّ (64ـ130هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ رواية الحديثِ منْ أتباع التّابعينَ.
- الأعرج: وهو عبدُ الرّحمنِ بنُ هرمزَ بنِ كيسانَ المدنيِّ والمعروفِ بالأعرجِ في الحديثِ (ت: 117هـ)، وهو منْ كبار ثقاتِ الحديثِ منَ التّابعينَ ومنْ أشهر تلاميذ أبي هريرة رضي اللهُ عنهُ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى وصفِ النّارِ والجنّةِ، وما يحجبُ الإنسانَ عنهما منْ عملِ الدّنيا، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أنّ لكليهما حواجزَ وحدودْ، وهي ما لا يستطيعُ الإنسانُ دخولَهُما إلّا بتجاوزها، وأنّ الجنّةَ حدودها منَ المعاصي والشّبهاتِ فمنْ ابتعدَ عن المعاصي فقدْ تجاوزَ حدّ الجنّةِ ودخلها وهوَ ما يحجبهُ منْ دخولها، ومنْ تجاوزَ فطرتهُ بعملِ المعاصي دخلَ النّارِ بتجاوزهِ لحدِّ النّارِ الّذي أحيطتْ بهِ ولا يدخلها إلّا بتساهلِ حدودِ الله.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- دخولُ الجنّةِ والنّارِ بعملِ ابنِ آدمَ في الدّنيا.
- المؤمنُ يتجاوزُ المعاصي لأنّها تحجبهُ عنْ دخول الجنّةِ.