إنَّ الإيمانَ بمعتقداته وأركانِهِ طريق لإستقامة الإنْسانِ وطمأنينتهِ، لذلكَ كانَ الإيمانُ ليس عبادَةً فقط، بل يتبعُ ذلكَ يقينُ القلبِ والاعتقادِ، فيصلُ الإنْسانُ بإيمانِهِ إلى حلاوةٍ يجِدُها فيه، يجدُ لها آثاراً في حياتِهِ، وسنعرضُ لكم حديثاً في هذه الحلاوةِ وكيفَ يجدها الإنسانُ المؤمن؟.
الحديث:
يروي الإمامُ محمَّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ: ((حدَّثنا مُحمَّدُ بنُ المثنّى، قالَ: حدَّثنا عبدُ الوهَّابِ الثّقفيُّ، قالَ: حدَّثنا أيُّوبُ، عنْ أبي قلابةَ، عنْ أنسٍ، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، قال: (ثلاثٌ منْ كُنَّ فيهِ وجدَ حلاوةَ الإيمانِ: أنْ يكونَ اللهُ ورسولُهُ أحبَّ إليهِ ممَّا سواهما، وأنْ يُحبَّ المرءَ لا يُحبُّهُ إلَّا للهِ، وأنْ يكرهَ أنْ يعودَ في الكفرِ كما يكرهُ أنْ يقذفَ في النَّارِ). رقمُ الحديثِ:16)).
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ يرْويهِ الإمامُ محمَّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصَّحيحِ في كِتابِ الإيمانِ، بابُ حلاوةِ الإيمانِ، والحديثِ منْ طريقِ أنَسٍ منَ الصَّحابةِ رضوانُ اللهِ عليهم، وهوَ أنسُ بنُ مالكٍ الأنصاريُّ منَ الصَّحابَةِ المكثرينَ للحديثِ عنْ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وهوَ خادمهُ، وأمَّا بقيَّةُ رجالِ الحديثِ فهم:
- محمّدُ بنُ المثنَّى: وهو محمَّدُ بنُ المثنَّى بنُ عبيدٍ العنْزيُّ (167ـ252هـ)، والملقَّبِ بالزَّمنِ، منْ المُحدِّثينَ منْ تبعِ أتْباع التَّابعينَ.
- عبدُ الوهَّابِ الثّقفيُّ: وهوَ عبدُ الوهَّابِ بنُ عبدِالمجيدِ الثَّقفيُّ البصريُّ(108ـ184هـ)، منْ رواةِ الحديثِ من أتْباعِ التَّابعينَ.
- أيُّوبُ: وهوَ أيُّوبُ بنُ أبي تميمةَ كَيسانَ السَّختيانيُّ (68ـ131هـ)، منْ رواةِ الحديثِ منْ أتْباعِ التَّابعينَ.
- أبو قِلابَةَ: وهوَ عبدُ اللهِ بنُ زيدِ بنِ عمرٍو الجرميُّ (ت104هـ)، منْ رواةِ الحديثِ منَ التَّابعينَ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى صفاتٍ يواضبُ عليهَا المؤمنُ ليصِلَ إلى حلاوةٍ يجدُها في ما يعملُ ويقولُ، وما يجعلُهُ مطمئناً هادئاً تاركاً أمرهُ للهِ محسناً ضنُّهُ بهِ، وهذه الصِّفاتُ كما ذكرت في الحديثِ هي:
- حبُّ اللهِ تعالى وتقديمه على كلِّ شيّءٍ: ويكونُ ذلكَ الحبُّ بتقديمُ طاعتهِ على طاعةِ المخلوقاتِ ناصراً لدينهِ تاركاً للمعاصي الّتي تغضبُ وجه اللهِ.
- حبُّ رسولِ اللهِ تعالى: ويكونُ ذلكَ باتِّباعِ أوامرهِ واجتنابِ نواهيه بوصفهِ وحيٌ يوحى إليه، والاقتداءِ بسنّتهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ.
- حبُّ المرء لله: ويكونُ ذلكَ بأنْ يجعلَ مقياسِ حبِّهِ وصحبتِهِ هوَ طاعةُ اللهِ تعالى، فيبتعدُ عنْ ما يغضبُ وجهَ اللهِ إرضاءً له.
- كراهيةُ الرجوعِ للكفر: وذلكَ بشعورِ المؤمنِ بعظمِ نعمة اللهِ عليهِ بالإيمانِ وبغضِ العودَةِ عنْ ذلك الطريقِ إلى الكفرِ والضَّلالِ.
ما يرشدُ إليه الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى عدَّةِ فوائدَ ودروسٍ منها:
- وجوبِ تقديمِ حبِّ اللهِ ورسولِهِ على منْ سواهما.
- مقياسُ الحبِّ للآخرين هو طاعة اللهِ تعالى.
- المؤمن يحب حياةَ الإيمانِ ويكرهُ حياة الكفرِ والضَّلالِ.