لقدْ خلقَ اللهُ تعالى ابنَ آدمَ واستخلفهُ في الأرضِ، وأمرهُ أنْ يستخلفها بعمارتها بالعملِ الصّالحِ الّذي يبني ولا يهدمْ، وجعلَ رزقهُ مرتبطٌ بأخذهِ بالأسبابِ، وأوجبَ عليهِ أنْ يكسبَ منْ عملِ يدهِ كسباً حلالاً بعيداً عنِ الحرامِ، وسنعرضُ حديثاً في أفضلِ الكسبِ منْ عملِ اليدِ.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ يرْحمهُ اللهُ في الصّحيحِ في كتابِ البيوعِ: ((حدّثنا إبراهيمُ بنُ موسى، أخبرنا عيسى، عنْ ثورٍ، عنْ خالدِ بنِ مَعْدانَ، عنِ المقدامِ رضيَ اللهُ عنه، عنْ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال: (ما أكلَ أحدٌ طعاماً قطُّ خيراً منْ أنْ يأكلَ منْ عملِ يدهِ، وإنَّ نبيَّ اللهِ داؤودَ عليهِ السّلامُ كانَ يأكلُ منْ عملِ يدهِ). رقمُ الحديث:2072)).
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في صحيحهِ في كتابِ البيوعِ؛ بابُ كسبِ الرّجلِ وعملهِ بيدهِ، والحديثُ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ المقدامِ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ أبو كريمةَ المقدامُ بنُ معديِّ الكنديُّ الحمصيُّ، وهوَ منْ صحابةِ رسولِ اللهِ الناقلينَ للحديث، وأما رجالُ السّندِ الآخرونَ:
- إبراهيمُ بنُ موسى: وهوَ أبو إسحاقَ الصّغيرُ، إبراهيمُ بنُ موسى التّميميُّ (ت:230هـ)، وهوَ منْ تبعِ أتْباعِ التّابعينَ في روايةِ الحديث.
- عيسى: وهوَ أبو عمرو، عيسى بنُ يونسَ السّبيعيُّ الهمدانيُّ (ت:181هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ الحديثِ منْ أتْباعِ التّابعينَ.
- ثورٌ: وهوَ أبو خالدٍ، ثورُ بنُ يزيدَ الكلاعيُّ الرّحبيُّ (ت:150هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ المحدّثينَ منْ أتباع التّابعينَ.
- خالدُ بنُ معدانَ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، خالدُ بنُ معدانَ الكلاعيُّ (ت:103هـ)، وهوَ منْ طبقة التّابعينَ في الرّوايةِ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى فضلِ العملِ والكسبِ منهُ، وهوَ نوعٌ منَ الأخذِ بالأسبابِ لجلبِ الرّزقِ، وقدْ دعا الحديثُ إلى ضرورةِ أنْ يعملَ الإنسانُ ويأكلَ منْ عملِ يدهِ، وأنّ أكلهُ منْ عملِ يدهِ منْ أفضلِ ما يأكلُ، وأنْ لا يتواكلَ ويتّكلَ على الغيرِ في لقمةِ عيشهِ وكسبهِ ورزقِ منْ يعيلُ، والغنى في ذلكَ عنْ سؤالِ النّاسِ وطلبهمْ، وقدْ دعا أيضاُ إلى الاقتداءِ بالأنبياءِ عليهمُ الصّلاةُ والسّلامُ في ذلكَ، فقدْ كانوا يعملونَ ويأكلونَ منْ جهدهمْ وهمْ أفضلُ الخلقِ، وقدْ ذكرَ الحديثُ منَ الأنبياءِ داؤودَ عليهِ السّلامُ وقدْ آتاهُ اللهُ الملكَ ما يغنيهِ عنِ العملِ ولكنّهُ كانَ يعملُ ويأكلٌ منْ جهده.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ المستفادة منَ الحديث:
- ضرورة العملِ والكسبِ الحلال.
- الأنبياءُ قدوةٌ البشرِ في العملِ والأكلِ منهُ.