لقدْ بعثَ اللهُ سيّدنا محمّدٍ صلّى اللهُ عليه وسلمَ ليكونَ خاتماً للأنبياءِ والمرسلينَ، وأيّدهُ بالوحيّ منْ عندهِ عزّ وجلَّ، وقدْ كانَ لنزولِ الوحيِّ على رسول الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ طرقٌ وهيئاتِ، فتعالوا نستعرضُ حديثاً يبيّنُ لنا النّبيَّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ كيفَ كانَ ينزلُ عليه الوحيُّ فينقلْ ما يوحي إليه.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ رحمهُ اللهُ تعالى في صحيحه: ((حدّثنا فروةُ، حدّثنا عليُّ بن مُسْهرٍ، عنْ هِشامِ بنِ عروةَ، عنْ أبيهِ، عنْ عائشةَ رضيَ اللهُ عنها، أنّ الحارثَ بن هشامٍ سأل النّبيَّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ: كيفَ كانَ يأتيكَ الوحيُّ؟ قال: (كُلُّ ذلكَ، يأتي المَلَكُ أحياناً في مثلِ صلصلةِ الجرسِ فيفصِمُ عنّي وقدْ وعيتُ ما قال، وهوَ أشدُّهُ عليَّ، ويتمثّلُ ليَ المَلَكُ أحياناً رجُلاً، فيكلّمني فأعي ما يقولُ). رقمُ الحديث: 3215)).
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ يورده إمامنا محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ بدءِ الخلقِ؛ بابُ ذكرِ الملائكةِ، والحديثُ منْ طريقِ أمِّ المؤمنينَ سيّدتنا عائشةَ بنتِ أبي بكرٍ الصّدّيقِ رضيَ اللهُ عنهما، منَ المكثراتِ في الرّوايةِ للحديثِ عنِ النّبيِّ عليه الصّلاةً والسّلامُ، أمّا رجالُ الحديثِ الآخرونِ:
- فروةُ: وهوَ أبو القاسمِ، فروةُ بنُ معديِّ الكِنديُّ (ت:225هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- عليُّ بنُ مسهرٍ: وهوَ أبو الحسنِ، عليُّ بنُ مُسهرٍ القرشيُّ (ت:189هـ)، وهوَ من ثقات الحديثِ منْ أتباع التّابعينَ.
- هشامُ بنُ عروةَ: وهوَ أبو المنذرٍِ، هشامُ بنُ عروةَ بن الزّبيرِ بنِ العوّامِ (61ـ144هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ رواية الحديث منَ التّابعينَ.
- أبوهُ (هشامُ): وهوَ أبو عبدِ اللهِ، عروةُ بنُ الزّبيرِ بن العوّام القرشيُّ (23ـ94هـ)، وهوَ من ثقاتِ المحدّثينَ منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديث إلى كيفيّةِ نزولِ الوحيِّ على النّبيّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، وهوَ كما بيّنهُ عليه الصّلاةُ والسّلامُ أنّهُ كانَ يأتي إليه المَلكُ بالوحيّ أحياناً مثل ( صلصةِ الجرسِ) وهو ما يكونُ منْ منْ صوتِ ضربِ الحديدِ وما يكونُ لهُ طنينٌ أو رنينٌ، وينفصلُ عنهُ وقدْ أدركَ ما نزلَ منَ الوحيِّ، وهذا النّزولُ كما بيّن عليه الصّلاةُ والسّلامُ منْ أكثرِ نزولِ الوحيِّ شدّةً عليهِ، وقدْ يكونُ الوحيُّ منْ طريقِ ملكٍ على شكلِ رجلٍ آدميٍّ يأتي إليه يخاطبُهُ ويتكلّمُ معهُ فيفهمُ ويدركُ ذلكَ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائد منَ الحديث:
- الملائكةُ عبادُ الله المكرمونَ يحملونَ من الوحيّ لأنْبيائهِ.
- الوحيُّ يكونُ بنزول الملائكةِ على هيئةِ طنينِ وصلصلةِ الجرسِ وعلى هيئةِ رجلٍ كما بيّن النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ.