لقدْ كانتْ الصَّلاة في الإسلامِ عموداً يقيمُ بها المسلمونَ دينهم، وقدْ شرعَ الإسلامُ للصَّلاةِ منَ الشَّعائرِ ما يستندُ على التَّوحيدِ مخالفةً للعقائدِ الضَّالةِ، وقدْ شرعَ الإسلامُ للصَّلاةِ منَ المواقيتِ ما يعرفها المسلمونَ، وجعل لمواقيتها أذاناً يشيرُ إلى أنَّ الصَّلاةَ قدْ حانتْ تيسيراً على المسلمينَ وكانَ الأذانُ دعوةً إلى أدائها، وسسنعرضُ حديثاً في الأذانِ ومشروعيَّته.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ يرْحمهُ اللهُ في الصَّحيحِ في كتاب الأذانِ: ((حدَّثنا محمودُ بنُ غيلانَ، قال: حدَّثنا عبدُ الرَّزَّاقِ، قالَ: أخبرنا نافعٌ أنَّ ابنَ عمرَكان يقولُ: كانَ المسلمونَ حينَ قدِموا المدينةَ يجتمعونَ فيتحيَّنونَ الصَّلاةَ، ليسَ يُنادى لها، فتكلَّموا يوماً في ذلكَ، فقالَ بعضُهم: اتَّخذوا ناقوساً مثلَ ناقوسِ النَّصارى، وقالَ بعضُهم: بل بوقاً مثلَ قرنِ اليهودِ، فقالَ عمرُ: أولا تبعثونَ رجلاً ينادي بالصَّلاة؟ فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (يا بلالُ، قمْ فنادِ بالصَّلاةِ). رقمُ الحديثِ:604)).
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ المذكورُ يرويهِ الإمامُ محمَّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصَّحيحِ في كِتاب الأذانِ، بابُ بدءِ الأذانِ، والحديثُ منْ طريقِ ابنِ عمرَ، وهوَ الصَّحابيُّ الجليلُ عبدُ اللِهِ بنُ عمرَ بنِ الخطَّابِ رضيَ اللهُ عنهما، وهوَ منَ الصَّحابةِ المكثرينَ للحديثِ عنْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، أمَّا بقيةُ رجالِ الحديثِ فهم:
- محمودُ بنُ غيلانَ: وهوَ أبو أحمدَ، محمودُ بنُ غيلانَ المروزيُّ العدويُّ (ت:239هـ)، وهوَ منْ تبعِ أتْباعِ التَّابعينَ في روايةِ الحديثِ.
- عبدُ الرَّزَّاقِ: وهوَ أبو بكرٍ، عبدُ الرَّزَّاقِ بنُ همَّامَ الصَّنعانيُّ (126ـ211هـ)، وهوَ منَ المحدِّثينَ منْ تبعِ أتباعِ التَّابعينَ.
- ابنُ جريجٍ: وهوَ أبو الوليدِ، عبدُ الملكِ بنُ عبدِ العزيزِ بنِ جريجٍ الأمويُّ (80ـ150هـ)، وهوَ منَ المحدِّثينَ منْ أتباعِ التَّابعينَ.
- نافعٌ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، نافعٌ مولى عبدِ الله بنِ عمرَ بنِ الخطَّابِ القرشيُّ(ت: 116هـ)، وهوَ منَ الرُّواةِ الثِّقاتِ في رواية الحديثِ منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى كيفيَّةِ بدءِ الأذانِ، وقدْ كانوا يجتمعونَ للصلَّاةِ منْ غيرِ أذانِ، ومعنى يتحيَّنونَ الصَّلاةَ أيْ يطلبونَ حينها ووقتها، وقدْ اجتمعوا على كيفيَّةٍ للمناداةِ للصَّلاةِ فاقترح بعضهمْ أنْ يكونَ لهمْ مثلُ النَّصارى جرساً وقالَ بعضهمْ أنْ يأخذوا بوقاً كبوقِ اليهودِ، وكانَ رأيُ عمر بن الخطَّابِ أنْ يُنادي أحدُهمْ للصلاةِ، فاقرَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ذلكَ وأمر بلالاً ليؤذِّنَ فشرع الأذانُ بعدَ ذلكَ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ الواردةِ في الحديثِ:
- كانَ بدءُ الصَّلاةِ بلا أذانٍ.
- شرعَ الأذانُ بعدَ ذلكَ بأمر النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لبلال .
- رفضُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لعاداتِ اليهودِ والنَّصارى ومخالفةً لهم شرع الأذان .