لقدْ أنزَلَ اللهُ تعالى على رسولهِ رسالةَ التَّوحيدِ ليبلغها للنّاس، وأمرَ اللهُ تعالى النَّاسَ أنْ يتَّبعوا ما جاء بهِ الرُّسلُ الكرامُ، وقدْ جاءَ في الحديثِ كثيرُ منَ الشَّواهدِ على وجوبِ إتِّباعِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وسنعرضُ في هذا الموضوعِ حديثاً منْ أحاديثه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
الحديث:
يرْوي الإمامُ مسلمُ بنُ الحجَّاجِ في الصَّحيحِ: ((حدَّثَنا حرملةُ بنُ يحيى التُّجيبِيُّ، أخبرنا ابنُ وهبٍ، أخبرني يونُسَ، عنِ ابنِ شهابٍ، أخبرني أبو سلمةَ بنُ عبدِ الرَّحمنِ، وسعيدُ بنُ المُسيَّبِ، قالا: كانَ أبو هريرَةَ يُحدِّثُ أنَّهُ سَمعَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلّمَ يقولُ: ( ما نهيتكمْ عنهُ فاجْتنبوهُ، وما أمرتكمْ بهِ فافعلوا منهُ ما استطعتمْ، فإنَّما أهلكَ الّذينَ منْ قبلِكُمْ كثرَةُ مسائلهمْ واخْتلافهمْ في أنْبيائهم). رقمُ الحديثِ: 1337 )).
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ يرويهِ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجَّاجِ في الصَّحيحِ في كتابِ الفضائل؛ بابُ توقيرِه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، والحديثُ منْ طريقِ الصَّحابيِّ أبي هريرَةَ عبدِ الرَّحمنِ بنِ صخرٍ الدُّوسيِّ، منَ المكثرينَ لرواية الحديثِ عنْ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وأمَّا بقيَّةُ رجالِ الحديثِ فهم:
- حرملة: وهو حرملةُ بنُ يحيى بنِ عبدِ اللهِ التَّميميُّ، منْ رواةِ الحديثِ منْ طبقةِ تبعِ أتْباعِ التَّابعينَ، وحياتُه منْ(160ـ243هـ).
- ابنُ وهبٍ: وهوَعبدُ اللهِ بنُ وهبٍ القرشيُّ الفِهريُّ، منْ رواةِ الحديثِ منْ تبعِ أتباعِ التَّابعينَ، وحياتُهُ منْ (125ـ197هـ).
- يونسَ: وهو يونًسُ بنُ يزيدَ بنِ أبي النّجادِ القرشيُّ، منْ رواةِ الحديثِ منْ أتباعِ التَّابعينَ، وكانتْ وفاتُهُ في (159هـ).
- ابنُ شهابٍ: وهوَ محمَّدُ بنُ مسلمِ بنِ عبيدِ اللهِ الزُّهريُّ، منْ كبارِ المُحدِّثينَ منَ التَّابعينَ، وحياتًهً منْ(50ـ125هـ).
- أبو سلمةَ: وهوَ أبو سلمةَ بنُ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عوفٍ المدنيُّ، منْ كبارِ التَّابعينَ وأشهرهم، وكانتْ حياتُهُ منْ (20ـ93هـ).
- سعيدُ بنُ المسيَّبِ: وهوَ المحدِّثُ الفقيهُ سعيدُ بنُ المُسيَّبِ بنُ حزنٍ المخزوميُّ، منْ كبارِ محدِّثي التَّابعينَ، وكانتْ حياتُهُ من (14ـ90هـ).
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى وجوبِ طاعةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في ما أمرَ، واجتنابِ ما نهى عنهُ بوصفِهِ نبيُّ يبيِّنُ للنَّاسِ ما أنْزلَ إليهِ منَ الوحيِّ، ويشيرُ النَّبيُّ إلى أنَّ الإسلامَ يأمُرُ بالطَّاعلتِ واجْتنابِ النَّواهيِ بقدرِ الإستطاعَةِ، وليس في شريعة الإسلامِ ماكانِ في تطبيقِهِ ما يعجزُ الإنْسانُ عنْهُ، كما دعا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إلى عدَمِ كثرةِ المسائِلِ في ما قدْ جاءَ في تعاليمِ الإسلامِ، مبيِّناً أنَّ منْ أسبابِ هلاكِ الإممِ كثرَةُ مسائلهم في أنْبيائِهم وكثرةِ مناقشتهمْ في ما جاءَ على وجهِ الوجوبِ والتَّحريمِ.
سبب ورود الحديث:
إنَّ للحديثِ سببُ ورودٍ وهو ما أورَدَهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجَّاجِ في الصَّحيحِ: ((عنْ أبي هريرَةَ رضيَ اللهُ عنْهُ قالَ: خطبَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلّمَ فقال: (أيُّها النَّاسُ، قدْ فرضَ اللهُ عليكمُ الحجَّ فحُجُّوا(. فقال رجلٌ: أكُلٌّ عامٍ يا رسولَ اللهِ؟ فسكتَ، حتَّى قالَها ثلاثاً، فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (لو قلتُ نعمْ لوجبت، ولما استطعتم)، ثمَّ قالَ: (ذروني ما تركتكم، فإنَّما هلكَ منْ كانَ قبلَكُم بكثرَةِ سؤالِهمْ وإخْتلافهمْ في أنْبيائهم، فإذا أمرتُكمْ بشيءٍ، فاتُوا منْهُ ما استطعتمْ، وإذا نَهيتُكمْ عنْ شيءٍ فدعوهُ). رقمُ الحديثِ 1337)).
ما يرشد إليه الحديث:
منْ فوائدِ الحديث:
- وجوبُ طاعةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم.
- كراهيةُ كثرةِ السُّؤالِ الّتي تفضي إلى الاختلافِ.
- الاستطاعةُ مقياسُ اتِّباعِ الأوامرِ واجتناب النَّواهي.