المعادن:
المعادن: واحدها معدن: وهي المواضع التي تستخرج فيها جواهر الأرض، مثل الذهب، والفضة، والنحاس، وغير ذلك.
قال ابن الهمام: المعدِن من العدن، وهو الإقامة، يقال: عدَن بالمكان إذا أقام به، ومنه: جنات عَدْن.
والمعادِن: هي الأجزاء المستقرَّة التي ركَّبها الله تعالى في الأرض يوم خلق الأرض والسموات.
الركاز:
والرِّكاز: اسم للمعدِن، ويستعمل للكنز مجازاً.
وقال ابن قدامة: المعدني: هو كل ما خرج من الأرض ممَّا يخلق فيها من غيرها ممَّا له قيمة.
وإنَّما قال:(ما خرَج من الأرض)؛ احترازاً ممّا خرج من البحر، وقال:(ممّا يخلق فيها)؛ احترازاً من الكنز الذي يُوضَع فيها بفعل البشر لا بخلق الله إبتداءً، وقوله:(ممّا له قيمة)؛ ليمكن أن يكون مالاً تتعلَّق به الحقوق، وقد مثل له بالذهب، والفضة، والرَّصاص، والحديد، والياقوت، والزبرجد، والعقيق، والكُحل، وكذلك المعادِن الجارية؛ كالقارِّ، والنفط، والكبريت، ونحو ذلك.
ما يؤخذ من المعادن ومن زكاته:
– يرى الحنفية: أنَّ كل المعادِن المستخرجة من الأرض ممَّا ينطبع بالنار، واجب فيه الزكاة.
وأمّا المعادِن السائلة أو الجامدة التي لا تنطبعُ، فلا شيء فيها؛ وذلك قياسًا على الذهب والفِضَّة.
– وقصر الشافعي المعدِن على الذهب والفِضة، أمّا غيرُها؛ مثل النحاس، والرصاص، والبلور، والياقوت، والعقيق، والزبرجد، والكحل، فلا يوجد زكاةَ فيها.
– والحنابلة يرون أنَّه لا فرقَ بين ما ينطبعُ وما لا ينطبع من المعادِن، فكلُّ ما يخرُجُ وله قيمةٌ الواجبُ فيه الزَّكاة.
ورأي الحنابلة هو الراجح؛ لأنَّ المعادِن الجارية، كالنفط والقار والكِبريت، أصبحت الآن لها قيمةٌ واستعمالاتٌ دخَلت في كلِّ الصناعات، فالواجب إخراج الزكاة فيها.
وقد استدل الحنابلة على ذلك:
أ- بقوله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ۖ )”البقرة:267″.
ب- ولأنَّه معدِن؛ فتعلقت الزكاة بالخارج منه كالأثمان.
ج- ولأنَّه مالٌ؛ لو غنِمه وجَب عليه خُمُسه، فإذا أخرجه من معدِن، وجَبت فيه الزَّكاة كالذهب.
ورأي الحنابلة هو الراجح الأكبر، لأنَّ المعادن الجارية، مثل النفط، والقار، والكبريت، أصبحت الآن لها قيمة، واستعمالاتها دخلت في كل الصناعات.
مقدار الواجب بالمعدن:
أمَّا قدر الواجب في المعدِن، فاختلفوا فيه.
– يرى الحنفية أنَّ الواجب فيه الخُمُس، وأربعةُ أخماسِه للواجد، وعلَّة ذلك أنَّه أخذه بقوَّة نفسه، كما أنَّه بمنزلة الغَنيمة، وفي الغَنيمة يجب الخمس.
– وعند المالكية: المعدن على ضربين هما:
ضرب يتكلَّف فيه مؤنة عمل، فهذا لا يجب فيه الزكاة.
وضرب لا يتكلَّف فيه مؤنة عمل، فهذا اختلف قول مالكٍ فيه، فقال مرة: فيه الزكاة؛ أي: ربع العشر، وقال مرة: فيه الخُمُس.
– وقال الشافعي: يجب فيه رُبُع العشر، وفي قول: نصف العشر، والمشهور والمُفتَى به في المذهب الشافعي رُبُع العشر.
– قال أحمد: الواجب فيه رُبُع العشر؛ قياسًا على قدر الزَّكاة في النقدين.
وهناك رأي آخر مشهور في مذهب مالك: أنَّ ما يخرج من باطنِ الأرض، سواء أكان فلزَّات أم سوائل، يكون كلُّه ملكًا لبيت مال المسلمين.
فالمناجم والبترول السائل في باطن الأرض ملك الدولة، وقد علَّل ذلك بأنَّ مصلحة المسلمين أن تكون هذه الأموال لمجموعِهم لا لآحادهم؛ لأنَّ هذه المعادن قد يجدُها شرار الناس، فإن تُرِكت لهم أفسدوها، وقد يُؤدِّي التزاحُمُ عليها إلى التقاتل وسفك الدماء، فجُعِلت تحت سلطان ولي الأمر النائب على المسلمين، يُنفِق غلاتها في مصالحهم.
والبعض يرى أن يكون هناك نظرٌ إلى الجهد المبذول والنفقات والمؤنة في استخراج المعادِن بالنسبة لقدر الخارج منه، فإن كان الخارج كثيرًا بالنسبة إلى العمل والتكاليف، فالواجب هو الخُمُس، وإن كان قليلاً بالنسبة إليهما، فالواجب ربع العشر.
والذي دعاهم إلى ذلك هو التوفيق بين الأحاديث التي تُفِيد أنَّ في الذهب والفضة رُبُعَ العشر وهما معدِنانِ، والأحاديث التي تُفِيد أنَّ في المعدِن الخُمُس، وهو ما إليه أميل؛ لأنَّ الواجب يزدادُ بقلَّة المؤنة، وينقُصُ بكثرتها.
ولا يشترط للمعدن مرور حول كامل؛ لأنَّه مال مستفاد من الأرض، فلا يعتبر في وجوب حقه حول مثل الزروع والثمار، ولأنَّ الحول يعتبر في غيره ليكتمل النماء، وهو متكامل نماءه. فهذا قول الجمهور.