لقد مرّ الحديث النّبويّ الشّريف بمراحل متطورّة من عهد الصّحابة رضي الله عنهم إلى عهد التّابعين من بعدِهم وخرج من أمّة الإسلام رواة للحديث النّبويّ الشّريف كانَ لهمُ الفضل الكبيرُ في ما وصل إلينا من علم الرّواية للحديث النّبويّ الشريف، وما أنْ انتهى زمن الصحابة رضي الله عنهم إلّا وخرج من بين أيديهم ومن مدارس علمهم الكثير من المحدّثين التّابعين، لهم سيَرُهم العطرة في هذا العلم الشّرعيّ، ونحن في هذه السّطور سنتكلم عن واحد منهم، إنّه سعيدٌ المَقْبُرِيِّ فتعالوا معنا في سيرته مع الحديث النّبويّ الشريف.
نبذة عن سعيد المقبري
هو: التّابعيُّ الجليلُ، أبوسعْدٍ، سعيد بنُ كيسان اللّيثي المَقْبُريُّ بالموالاة، من التّابعين الّذين رووا عن الصّحابة رضوان الله عليهم، كان يسكن المدينة المنوّرة في مقبرة البقيع ولهذا سمِّي بالمَقْبُرِيِّ، وكان من الرّواة المشهورين في زمانه وكانت وفاته رحمه الله في العام الخامس والعشرين بعد المائة من الهجرة النّبويّة وقد جاوز التّسعين من العمر رحمه الله تعالى.
روايته للحديث
كان سَعيد المَقْبُرِيُّ من رواة الحديث النبوي الشريف عن الصّحابة الأجلّاءِ وممّن حدّث عنهم منهم: أمِّ المؤمنين عائشة وأمّ سلّمة وأبي هريرة الدُّوسيّ وعبدالله بنِ عمرٍ وأبي سعيد الخُدْريِّ وسعد بن أَبي وقّاص وأبي شُرَيْحٍ الخُزَاعِيِّ وغيرهم رضي الله عنهم، كما حدّث عنه كثير من التّابعين ومن جاء بعدَهم من أمثال: أبناؤه عبدالله وسعد واللّيث بنُ سعدٍ ومالكُ بن أنسٍ وإبراهيمُ بنُ طَهمَانَ وابن أبي ذئبٍ وعبيدالله بن عمرٍ وغيرهم يرحمهم الله وكان من أهل الثقة في الرواية روى له الشيخان البخاريّ ومسلم وغيرهم، وقالوا قد اختلط حفظُه في آخر حياته لكنّه لم يروي في تلك الفترة.
من رواية المقبري للحديث
ممّا ورد من الحديث النّبويّ الشّريف من طريق سَعيدِ بن كيسانَ المَقْبُرِيِّ ما أورده الإمام مسلم في صحيحه: (( حدّثنا قُتَيْبَةَُ بنُ سعيدٍ حدّثنا ليث ـ اللّيثُ بنُ سعدٍـ عن سعيدِ بنِ أبي سعيدٍ المَقْبُرِيِّ عن أبيهِ عن أبي هريرة عن رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّمَ أنَّهُ قالَ: ( إنَّ في الجنّةِ لَشَجَرَةً يسيرُ الرّاكِبُ في ظلِّها مِائةَ سنَةٍ )، من كتاب الجنة وصفةِ نَعيمِها، رقم الحديث 2826/6 )).