فضل صيام عاشوراء

اقرأ في هذا المقال


يقول الله -سبحانه وتعالى- في القرأن الكريم: “إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَأوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ” صدق الله العظيم، شهر محرم قد سمّي شهر محرم بهذا الاسم لأنّه أحد الأشهر الحُرُم، التي يحرم فيها القتال، إذ هو أول شهر في التقويم الهجري وأول أيام السنة القمريّة، وقد كان يُطلق عليه أيّام الجاهلية اسم المُؤْتَمِر، بينما كان يُطلق اسم محرّم على شهر رجب، ويوجد في يوم محرّم يوم عاشوراء، وهو اليوم العاشر منه، وفي هذا المقال سيتم ذكر فضل صيام عاشوراء.

فضل يوم عاشوراء:

وردَ في ذكر فضل يوم عاشوراء عددٌ من الأحاديث النبوية الشريفة، ومن فضلِه أنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- كان يتحرّى يوم عاشوراء ويتحرّى صيامه، وهذا دليل على فضله، ففي حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: “ما رأيت النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يتحرّى صيام يوم فضله على غيره إلّا هذا اليوم يوم عاشوراء ، وهذا الشهر يعني شهر رمضان”، أي أنّه كان يتحرّى هذا اليوم كي يصومه ويحصل على أجره وثوابه لما فيه كفارة للذنوب، ويوم عاشوراء له فضلٌ عند اليهود والنصارى، وكان له فضل عند قبيلة قريش أيضًا رغم أنّهم كانوا يعبدون الأوثان، تقولعائشة -رضي الله عنها-: “كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية، وكان رسول الله يصومه في الجاهلية”، وفضله عند اليهود أنّ الله تعالى أنقذ موسى وقومه في هذا اليوم وأهلك فرعون، كما أنّ النصارى كانوا يعتبرون يوم عاشوراء تقليدًا واتباعًا لليهود، وعندما جاء الإسلام، أعظَمَ الرسول -عليه الصلاة والسلام- شأن هذا اليوم وأمر بصيامه، لأنّ المسلمين أولى بموسى -عليه السلام- من اليهود، وهو أولى بالأجر والثواب لأنّ الدين عند الله الإسلام.

مشروعية صيام عاشوراء:

وردَ في الصحيحين في صيام عاشوراء عن معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “إنَّ هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب عليكم صيامه، فمن شاء صامه، ومن شاء فليفطر”، وقد ورد أيضًا حديث يؤكدُ أنَّ صيام عاشوراء سنَّةٌ عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فعن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: “كان يومُ عاشوراءَ تصومُه قريشٌ في الجاهليةِ“، يعدُّ يوم عاشوراء من الأيام المقدَّسة عند المسلمين وبعض اليهود؛ لأنَّ الله تعالى في هذا اليوم نجَّى سيدنا موسى وقومه من فرعون، ولذلك فإنَّ صيام عاشوراء سُنَّة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلى ذلك أجمع فقهاء وعلماء المسلمين، فقد كان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يصومُه، فلمَّا قَدِمَ المدينةَ صامَه وأمَر بصيامِه، فلما فُرِضَ رمضانُ ترك يومَ عاشوراءَ، فمَن شاء صامه ومَن شاء ترَكَه، وقال الفقهاء: هناك ثلاث مراتب في صيام عاشوراء، أكملها أن يصومَ المسلمُ يومًا قبله ويومًا بعده، ويأتي بعد هذا أنْ يصومَ التاسع والعاشر، وأقلّ ما يمكنُ أن تتمَّ به السنَّة هو صيام عاشوراء وحدَه.

دعاء عاشوراء:

لم يرد في السنّة النبويّة الشريفة دعاء مخصّص ليوم عاشوراء، وكل ما ورد من أدعية مخصّصة ليس لها دليل على أنّها وردت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن يُستحب للمسلم صيام هذا اليوم والدّعاء فيه عسى أن يكون الدعاء مستجابًا، وكلّ ما ورد من بدع عن يوم عاشوراء هي بدع باطلة لا أساس لها من الصحة، وأحاديثها موضوعة، ومن هذه البدع وجودُ دعاء مخصّص يُقالُ في يوم عاشوراء، بالإضافة إلى ما ورد من فضل الاغتسال وعيادة المريض والتكحّل بالأثمد في عاشوراء، ومن هذه البدع الباطلة أيضًا قولهم أنّ من وسع على أهله في يوم عاشوراء وسع الله عليه لبقية العام، إذ ينبغي على المسلم أن يتحرّى الدقة وأن يعرف الفرق بين الباطل والحق، وأن يتجنب جميع البدع خصوصًا ما يقوم به البعض من تنويح وبكاء في يوم عاشوراء بسبب موافقة مقتل الحسين بن علي في هذا اليوم.

سبب صيام عاشوراء:

يبرزُ اهتمام المسلمين من أهل السنة والجماعة بيوم عاشوراء اقتداءً بهدي النبي -صلّى الله عليه وسلم- من خلال إفراد هذا اليوم بالصيام وهو اليوم الذي نجّى فيه الله -سبحانه وتعالى- نبيه موسى -عليه السلام- وبني إسرائيل من فرعون بعد أن لحق بموسى ومن معه للقضاء عليهم أثناء خروجهم من مصر، فأغرق الله تعالى فرعون وجنده ونجّى موسى ومن معه، فصاموا هذا اليوم احتفالًا وابتهاجًا بالنجاة وشكرًا لله تعالى، وعندما قدم الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة وجد القبائل اليهودية تصومُ هذا اليوم كما جاء في الحديث الصحيح: “قَدِمَ النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- المدينةَ، فرأَى اليهودَ تصومُ يومَ عاشوراءَ، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يومٌ صالحٌ، هذا يومَ نجَّى اللهُ بني إسرائيلَ من عدُوِّهم، فصامه موسى. قال: فأنا أحقُّ بموسى منكم؛ فصامه وأمَر بصيامِه” فصيام عاشوراء سنةٌ ثابتةٌ عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ومن هديهِ صيام يوم قبل يوم عاشوراء -وهو يوم تاسوعاء- أو يومٍ بعد يوم عاشوراء -أي اليوم الحادي عشر من شهر محرم- مخالفةً لصيام اليهود قال -صلى الله عليه وسلم-:”صُومُوا يومَ عاشوراءَ، وخالفُوا فيهَ اليهودَ، صومُوا قبلَه يومًا أو بعدَهُ يومًا”.


شارك المقالة: