فهم وتدبر معاني أفعال الصلاة وجلب الخشوع فيها:
إن لا شك أن من تدبّر معاني أفعال الصلاة خشع في صلاتهِ، ومن ذلك تدّبر الأفعال الآتية ومنها:
- فهم وتدّبر معنى القيام في الصلاة:
فقد قال الله تعالى: “وقُوموا للهِ قانتين”البقرة:238. فإذا انتصب العبد قائماً لله في صلاته بين يديه سبحانه فليُشاهد بقلبهِ قيّوميته تعالى، ويذكرُ أنه إذا أحسن هذا الوقوف في الصلاة في الدنيا سهلٌ عليه الوقوف أمام الله يوم القيامة، وإذا استهان بهذا الوقوف، ولم يُوفّهُ حقهُ شُدد عليه الوقوف يوم القيامة، ومن مقتضى هذا القيام أن يقبل على الله بقلبهِ وجسدهِ، فلا يلتفتُ، لا بقلبهِ، ولا ببصرهِ ولا جسده. - فهم وتدبر معنى رفع الأيدي في الصلاة باتجاهِ المنكبين أو حذو الأذنين في أربعة مواضع:
إذا كبّر تكبيرةً الإحرام، وإذا كبّر للركوع، وإذا رفع من الركوع، وإذا قام من الركعتين، أي من التشهد الأول، فإنهُ يرفعهما كما صنع عند الافتتاح، وهذا هو السنة. ومن الحكمة في ذلك هي اتبّاع النبي عليه الصلاة والسلام، ويُضاف إلى ذلك من الحكم: بأن رفع اليدين في تكبيرة الإحرام فيه الإشارة إلى رفع حجاب الغفلة بينك وبين الله، وفي غير تكبيرة الإحرام إعظاماً لله.
وقال بعضهم: زينة للصلاة، وعلى كل حال: فهو اتباع للسنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة، وإذا كبّر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع، ولا يفعله حين يرفع رأسه من السجود، وفي لفظ: “وإذا قام من الركعتين رفع يديه” وفي حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع يديه حتى يحاذي بهما إذنيه، وإذا رفع رأسه من الركوع فقال: “سمع الله لمن حمده” فعل مثل ذلك، وفي لفظ المسلم “حتى يحاذي بهما فروع أذنيه” والأحاديث الواردة في إبتداء رفع اليدين جاءت على وجوه ثلاثة:
– الوجه الأول: جاء ما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم رفع يديه ثم كبّر، فعن إبن عمر رضي الله عنهما قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام للصلاة رفع يديه حتى تكونا حذو منكبيه، ثم كبّر”. وهناك حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه يحدث به في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، “كان رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثمّ يكبر” أخرجه البخاري.
– الوجه الثاني: جاء ما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كبر ثم رفع يديه، فعن أبي قلابة أنه: “رأى مالك بن الحويرث إذا صلى كبّر ثم رفع يديه، وحدثّ أن رسول الله عليه الصلاة والسلام كان يفعل هكذا” أخرجه البخاري.
– الوجه الثالث: جاء ما يدل على أنه عليه الصلاة والسلام رفع يديه مع التكبير، وأنتهى منه مع إنتهائه، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله عليه الصلاة والسلام إفتتح التكبير في الصلاة، فرفع يديه حين كبّر حتى جعلهما حذو منكبيه. - فهم وتدبر معنى وضع اليدين على الصدر: في حال القيام في الصلاة: اليد اليمنى على ظهر كفة اليسرى والّرسغ والساعد، وهذا فيه إظهار الذّل، والإنكسار، والخشوع لله تعالى، وقد ذكر عن الإمام أحمد رحمة الله أنه سئل عن المراد بذلك فقال: “هو ذلّ بين يدي عزيز”.
- فهم وتدبّر معنى الركوع: فإنه يدل على الذّل بظاهر الجسد؛ ولهذا كانت العرب تأنف منه ولا تفعله، وقد قال الله تعالى: “وإذا قيل لهم إركعوا لا يركعون” وتمام الخضوع في الركوع أن يخضع القلب لله، ويذّل له، فيتم بذلك خضوع العبد بباطنه وظاهره لله عزوجل، قال العلامة الأصفهاني رحمه الله: “الركوع: الإنحناء، فتارة يستعمل في الهيئه المخصوصة في الصلاة كما هي، وتارة في التواضع والتذلل: إما في العبادة، وإما في غيرها.
- فهم وتدبر معنى السجود: إنّ أعظم ما يظهر فيه ذلّ العبد لربه تعالى، حيث جعل العبد أشرف أعضائه وأعزها عليه، وأعلاها عليه، حقيقة أوضع ما يمكنه، فيضعه في التراب متعفراً، ويتبع ذلك إنكسار القلب، وتواضعه، وخشوعهِ لله عزوجل، ولهذا جزاء المؤمن إذا فعل ذلك أن يقربه لله عزوجل إليه، فإنّ أقرب ما يكون العبدُ من ربهِ وهو ساجد فأكثروا الدعاء” رواه مسلم. وهذا الأمرُ صحّ عن النبي عليه الصلاة والسلام.