صفات الله تعالى وأسمائه من أهم المواضيع، التي أكد القرآن الكريم على فهمها والإيمان بها، وبحث بها الكثير من العلماء المسلمين، وعلماء الكلام، وكان لكل منهم مناهجهم الخاصة في فهم صفات الله تعالى وأسمائه، وتقسيمها وتصنيفها وغير ذلك، وكان لعلماء العقيدة الإسلامية قواعد مهمة في صفات الله تعالى وأسمائه، هدفهم منها التنبيه والتحذير من كلام بعض الطوائف، ومعتقداتهم المغلوطة في ذات الله تعالى، وصفاته وأسمائه.
قواعد علماء العقيدة الإسلامية في صفات الله تعالى وأسمائه:
القاعدة الأولى: القول في في بعض الصفات كالقول في الأخرى:
ردّ العلماء المسلمون بهذه القاعدة على مَن يُثبت بعض صفات الخالق جل وعلا، وينفي بعضها، فصفات الله تعالى لا فرق بينها، فالذي أثبتوه كالذي نفوه، ومَن يؤمن بصفة من صفات الله تعالى ويُثبتها، يكون الإيمان بهذه الصفة متضمناً لباقي صفات الله تعالى، فما تحمله صفة واحدة تحمله الصفات الأخرى.
ومَن يُؤمن بأن الله تعالى عليم قدير، سميع بصير، ويدرك أنّ هذه صفات حقيقية للخالق عز وجل، لا يمكن أن تتماثل مع صفات المخلوقات، لا بدّ له أن يُؤمن بأنّ الله تعالى يحب ويرضى، ويكره ويغضب، وأنّ هذه صفات لا تشبه صفات المخلوقات في الحب والكره، والرضا والغضب، وعلى المسلم أن ينزه الله تعالى بصفاته عن صفات خلقه.
القاعدة الثانية: القول في الصفات كالقول في الذات:
لله تعالى ذات تتنزه عن ذوات خلقه، وتكون الصفات والأسماء متعلقة بذات الله تعالى، وليس لها أي علاقة أو تشابه مع صفات الخلق وذواتهم، فالإيمان بالله تعالى يترتب عليه الإيمان بحقيقة ذات الله تعالى، التي تتصف بصفات الكمال، والتي لا يجوز تشبيهها بذات خلق الله.
فصفات الله تعالى تتبع ذاته، كما تتبع صفات الخلق ذواتهم، فسمع الله وبصره أمر ثابت، لا يُشابه ما يتصف به الخلق من سمع وبصر، ولله تعالى وجود خاص، ليس كوجود الخلق وحضورهم.
القاعدة الثالثة: الاتفاق في الأسماء لا يقتضي تماثل المسميات:
مهما تشابهت الأسماء لا يمكن للمسميات أن تتماثل، فإن تماثلت أسماء الله تعالى وصفاته مع صفات خلقه، فلا يعني ذلك تسوية الله تعالى بخلقه، فالله تعالى له أسماء وصفات حقيقية تخص ذاته، ولا علاقة لها بما يتصف به خلقه من صفات تتبع ذواتهم.
فيقول الله عز وجل: ” بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء“ سورة المائدة 64، فكلمة اليد في هذه الآية الكريمة تدل على وجود يد لله تعالى، ويمكن أن نقول: يد الإنسان، أو نستخدم كلمة يد في أكثر من مثال في حياتنا اليومية، فنقول: يد الباب، ويد الحقيبة، وهكذا، والمقصود هنا عدم مساواة الله تعالى بخلقه، أو بأشياء أخرى، نستخدم معها كلمة يد، فيد الله تعالى تتناسب مع مكانته وتليق بقدره عز وجل، فهي مختلفة عن يد الإنسان التي تتناسب مه ذاته.
القاعدة الرابعة: لا يجوز وصف الله تعالى بالنفي المحض:
أسماء الله وصفاته هي أمور أثبتها الله تعالى لنفسه، وفي المقابل نفى سبحانه وتعالى بعض الصفات عن نفسه، فقد أثبت جل وعلا كل الأسماء والصفات التي جاءت في القرآن الكريم والسنة النبوية، و نفى أي اسم أو صفة تخلُّ بصفات القدرة والكمال الخاصة به.
والهدف من نفي بعض الصفات عن ذات الله تعالى، هو تنزيهه سبحانه وتعالى عن صفات النقص والعيب، ولم ينفي القرآن الكريم أي صفة عن ذات الله تعالى نفياً محضاً، غير مجرد، أي ينفي الصفة عن الله عز وجل، مع استلزام ما تتضمنه الصفة من صفات المدح والكمال.
القاعدة الخامسة: الإيمان بصفات الله تعالى دون اشتراط فهم معناها:
من حق الله تعالى على الفرد المسلم، أن يؤمن بما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية من صفات لله تعالى، وإن لم يكن يفهم معناها، أو يفقه مقتضاها. أما الصفات التي وُضعت من الخلق لله تعالى، فلا يمكن أن نؤمن بأيّ منها دون التحقق من معناها، ولا يمكن إثباتها أو نفيها إلا بعد التأكد من مبتغى قائلها أو واضعها.
القاعدة السادسة: آيات الصفات ليست من المتشابه:
بين العلماء في موضوع صفات الله تعالى، أن إطلاق اسم التشابه على آيات الصفات في القرآن الكريم فعل مغلوط، فصفات الله تعالى المثبتة في القرآن الكريم معروفة الأصل، لكن لا يمكن للفرد أن يبحث في كيفية هذه الصفات؛ لأن الصفا التي وصف الله تعالى بها نفسه، أجل وأعظم من أن تتساوى مع صفات خلقه، أو تشبّه بها صفات مخلوقات الله، فذات الله تعالى أكمل وأنزه من ذلك.
القاعدة السابعة: التعطيل سبب اعتقاد التشبيه:
إنّ أصل الغلط في صفات الله تعالى، هي أن الإنسان يشبه هذه الصفات بصفات الخلق، فهو بذلك يكون قد لطخ عقله بالتشبيهات المنحطة، التي لا تعطي الله تعالى حقه في التقدير، أو التنزيه، وقد تقود هذه التشبيهات غير السليمة الفرد إلى أن يُنفي بعض الصفات، بحجة أنها تشبه صفات مخلوقات الله.
القاعدة الثامنة: ليس ظاهر الصفات التشبيه إلا بعد التأويل:
يجب على المسلم قبل أن يشبه الصفة، أن يؤول اللفظ عما هو ظاهر، فحين يقرأ الصفة لأول مرة يجب أن يتبادر إلى ذهنه تنزيه الله تعالى عن التشبه بالمخلوقات، ثم إسناد الصفة إلى ذات الله، والإيمان بما تقتضيه، وهذا أمر لا يُنكره المسلم البالغ العاقل، ولا يمكن لأي فرد أن يعترض على ذلك، إلّا الفاسق المكابر.