اهتمام القرآن بعلامات الساعة:
إن الذي ينظر في كتاب الله تعالى، فإنه يجد كثيراً من الآيات التي تحدثت عن لحظة وقوع والتغيرات الكونية الهائلة التي ترافق هذا الحدث العظيم، أما عن علامات قرب الوقوع، فقد كان الكلام مقتضباً، لكن يتضح من بعض الآيات إلى التنويه لعظمة علم علامات الساعة، وضرورة الاهتمام به ونذكر منها ما يلي:
– قوله تعالى:“عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ- عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ” النبأ:1-2.
فتدلُ هذه الآيات الكريمة إلى أن الناس في حالة تساؤل عن قيامة الساعة وتسألهم، وعبّر عنه القرآن بأنه نبأ عظيم، وكون أن الساعةِ نبأ عظيماً فتشير صراحة إلى أن مقدمات هذا الأمر العظيم لا بدّ أن تكون عظيمةً مثلهُ، فإن الآية تدلُ بطريق الاقتضاء على ضرورة تعلم علامات الساعة والاهتمام بها؛ لأنها إرهاصات وقوعها.
– وقال تعالى:”فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً ۖ فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ۚ فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ” محمد:18.
فالآيةُ تشير إلى أمرين وهما:
الأول: أن الساعة هي ذلك الأمر العظيم قربب جداً ويأتي بغتةً.
الثاني: التصريح بأن الساعة لها أشراط وإن هذه الأشراط قد بدأت، ومن هذه الأشراط قد بينها القرآن، مثل انشقاق القمر ومنها ما بينته، وقد جاءت الآية بصيغة الاستفهام للفت الانتباه إلى كلا الأمرين، وفي ذلك تنويه لضرورة تعلم هذه الأشراط ومعرفتها؛ لأن معرفتها يُسعف أصحابها بعدم المُباغتة فيها.
– وقال تعالى:”اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ” القمر:1. ووجه الدلالة في الآية الكريمة بأنها تُشير بدقةٍ إلى علامات الساعة، وهي ظاهرة انشقاق القمر التي حدثت في العهد المكي، وقد ربطت الآية بين هذا الحدث وبين اقتراب الساعة، وهي بذلك تُشير إلى أن علامات للساعةِ، وأن وقوع أيّ علامةٍ من علامات الساعة فإنه يُقربنا درجةً من الحدث الجلل، أيّ قيام الساعة.
– قال تعالى أيضاً:”يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي ۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ۚ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً ۗ يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ” الأعراف:187. وتدل هذه الآية بمجموعها بأن الساعة هي أمرٌ غيبي عظيم لا يعلمه إلا الله وحده، وهي قريبةً جداً من الناس، وستُباغتهم مباغتةً، بل عبرت بعض الآيات بأن هذا الأمر العظيم قد أتى وذلك للدلالة على قربةِ الشديد.