اقرأ في هذا المقال
حياة يوشع بن نون:
يوشع بن نون أو يشوعُ في المسيحيةِ وقيلَ بأنه نبيٌ من أنبياءِ الله تعالى، وهو نبيٌ ذُكر في العهد القديم في سفر يشوع، ويُعتقد بأنه عاش بين القرنين من 12- 13 قبل الميلاد. واسمهُ يُشوع بن نون من قبيلةِ إفرايم بن يوسف بن يعقوب، وكان قائد بني إسرائيل بعد موت موسى عليه السلام.
لقد ذُكر يوشع بن نون في التوراةِ على أن موسى قد عيّن بأمرِ الربّ عَينهُ بأمرِ الربّ ليُعينهُ خليفةً فى شعبِ إسرائيل، فقد وردَ فى سفرِ العدد الإصحاح 27: “فَكَلَّمَ مُوسَى الرَّبِّ قَائِلاً: “لِيُوَكِّلِ الرَّبُّ إِلهُ أَرْوَاحِ جَمِيعِ الْبَشَرِ رَجُلاً عَلَى الْجَمَاعَةِ، يَخْرُجُ أَمَامَهُمْ وَيَدْخُلُ أَمَامَهُمْ وَيُخْرِجُهُمْ وَيُدْخِلُهُمْ، لِكَيْلاَ تَكُونَ جَمَاعَةُ الرَّبِّ كَالْغَنَمِ الَّتِى لاَ رَاعِى لَهَا”.. فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: “خُذْ يَشُوعَ بْنَ نُونَ، رَجُلاً فِيهِ رُوحٌ، وَضَعْ يَدَكَ عَلَيْهِ، وَأَوْقِفْهُ قُدَّامَ أَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ وَقُدَّامَ كُلِّ الْجَمَاعَةِ، وَأَوْصِهِ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ. وَاجْعَلْ مِنْ هَيْبَتِكَ عَلَيْهِ لِيَسْمَعَ لَهُ كُلُّ جَمَاعَةِ بنى إسرائيل”.
وبحسب المعتقدات الإسلامية فإن يوشع بن نون هو الطفل التي تم ذكر اسمهُ مع النبي موسى دون ذكر اسمه في قصة موسى والخضر، قال تعالى: “لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِى حُقُبًا”. وقد ردّ هذا القول ابن عباس في صحيح البخاري أن قول “فتاه” يقصد به يوشع بن نون، وقد مضى ذكره في سورة “المائدة” وفي آخر سورة “يوسف”، ومنهم من قال هو ابن منشا فليس الفتى يوشع بن نون.
أين يكمن نسل يوشع بن نون؟
لقد ورد في كتاب ابن كثير بأن نسلِ يوشع بن نون، وهو ابن أفراثيم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليه السلام، ويقول بعض أهل الكتاب بأن يوشع هو ابن عم هود عليه السلام. وقد ذكره الله تعالى في القرآن غير مصرحٍ باسمه في قصة الخِضر، كما تبين من قوله تعالى: “وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ” الكهف: 60. “فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ” الكهف: 62.
وقد قلنا في الصحيح من رواية أبي بن كعب رضى الله عنه، عن النبي عليه الصلاة والسلام من أنه يوشع بن نون، وهو متفق على نبوته عند أهل الكتاب، فإن طائفة منهم وهم السامرة لا يقرون بنبوة أحد بعد موسى إلا يوشع بن نون؛ لأنه مُصرح به في التوراة، ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقًا لما معهم من ربهم. وأما ما حكاهُ ابن جرير وغيرهُ من المُفسرين، عن محمد بن إسحاق: من أن النبوة حولت من موسى عليه السلام، إلى يوشع في آخر عمر موسى، فكان موسى يلقي يوشع فيسأله ما أحدث الله إليه من الأوامر والنواهي، حتى قال له: يا كليم الله، إني كنت لا أسألك عما يوحي الله إليك حتى تخبرني أنت، ابتداء من تلقاء نفسك، فعند ذلك كره موسى الحياة وأحب الموت.
مجازرة يوشع بن نون:
لقد تطابقَ اسم النبي الكريم يوشع بن نون في المعرفة التوراتيةِ والثقافة الإسرائيلية بأنه القائد العسكري الصلبَ الذي استعمل شتى الأساليب المحظورة في سبيل تثبيت عرش دولة العبرانيين، مثل الحرق والهدم والابتزاز ونحو ذلك، مما نعتقد بطلان نسبته إليه، فالأنبياء في العقيدة الإسلامية معصومون من الوقوع فى كبائر الذنوب وخوارم المروءة، ومعلوم أن الكتب المحرفة التى فى أيدى اليهود تشتمل على الكثير جداً من الطعن المخزى في رسل الله وأنبيائه.
وفيما يتعلقُ نبي الله يوشع بن نون، أو يشوع بن نون: فقد وُلد فى مصر، وبعثهُ موسى مع كالب لكي يتجسسا، ويصوِره العهد القديم باعتباره نبياً وقائداً عسكرياً قاد القبائل العبرانية إلى أرض كنعان، واقتحمها بحسب الرواية التوراتية بعد معارك ضارية مع العموريين والمؤابيين والفرزيين والكنعانيين والحيثيين والجرجاشيين والحوريين واليبوسيين، فأحرقوا بعض مدنهم، وقتلوا رجالهم مستخدمين الوسائل كافة، ومن ذلك الخداع والتجسس.
لقد ذكر ابن كثير بأنه لم يخرج أحدٌ من التيه، الذى عاقب الله به بنى إسرائيل بعد رفضهم لقتال القبائل الكنعانية التي كانت تسكن المدينة المقدسة في فلسطين وكانت مدة التيه 40 عاماً مات فيها نبى الله موسى، إلا اثنين، ومنهما يوشع بن نون عليه السلام، الذى قاد بنى إسرائيل لقتال الجبارين.
يوشع بن نون أو ل من فتح المقدس:
لقد قال ابن كثير: أن يوشع بن نون هو الذي قام بالخروج ببني إسرائيل من التيهِ وتوجه إلى بيت المقدس، فقال بعض أهل العلم: إنهُ قام بقطع نهر الأردن ببني إسرائيل وانتهى بهم في أريحا، وكانت من أحصن المدائن أسواراً وأعلاها قصوراً، وأكثرها سكاناً، فقد حاصرها لمدةِ ستةِ أشهرٍ، ثم بعد ذلك أنهم أحاطوا بها يوماً وضربوا بالقرون، أي بمعنى الأبواق وقاموا بتكبيرةِ رجلٍ واحد، فتفسخَ سورها وسقط وجبةً، فدخلوا عليها وأخذوا ما وجدوا من غنائم وقاموا بقتل اثنى عشر ألفاً من النساء والرجال، وحاربوا أيضاً ملوكاً كثيرة. وقيل أيضاً أن يوشع ظهر على أحدٍ وثلاثين ملكاً من ملوك الشامِ.
من المعقول إنّ مقولة ابن كثير تنطبقُ مع أن فتى موسى عليه السلام هو أحدُ أنبياءِ بني إسرائيل، وأشهر قادتهم، وهو الذي قام بتولية النبوة بعدما توفي موسى عليه السلام، وقد جاء خبرهُ في السنّة النبوية في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إِنَّ الشَّمْسَ لَمْ تُحْبَسْ عَلَى بَشَرٍ إِلَّا لِيُوشَعَ لَيَالِيَ سَارَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ” رواه الإمام أحمد في “المسند.
لقد ذكرَ البعضُ بأن موسى عليه السلام هو الذي أخرجهم من التيهِ، ودخلَ بهم الأرض المقدسة، وهذا ما اختلف عليه بعض أهل الكتاب وجمهور المسلمين، والذي دلّ على ذلك قوله حينما اختار الموت: ربّ ادنني إلى الأرض المقدسةِ رميةَ حجر، ولو كان قد دخلها لم يسأل ذلك، لكن لما كان مع قومه بالتيهِ.
هناك كثيرٌ من البعض يرى بأنّ النبي موسى عليه السلام قد قتلهُ قومهُ، وبعد ذلك فقد انتظروا ظهورِ المسيح الذي سيُنقذهم مما فعلوه، ولكن من المعلوم أن الفراس سواح نفسه لا يرجح هذه الرأي، أما الذي قال بذلك فهو الباحث الألماني، أرنست سيلين.
ويقول أرنست سيلين، بأن موسى عليه السلام مات مقتولاً من قومه، وأن الشخص الذي قتلهُ من خلفة يوشع بن نون بعد ما رافقهُ على الجبل من أجل أن يرى الله تعالى، ولكنه عادَ من دونه. وفي كتاب موسى الإنسان وديانة التوحيد فكان يشير إلى مقولةِ سيلين الذي قال: بأن اليهود الذي وصفتهم التوراة كانوا عنيدين، ولا يُطيعيون زعمائهم ولا مُشرّعيهم، وأنهم تمردوا عليه في آخر الأمر وقتلوهُ وقاموا وطرحوا عنهم ديانة آتون التي فرضها عليهم كما فعل من قبلهم المصريين.