ماذا طلب شعيب عليه السلام من الله تعالى؟

اقرأ في هذا المقال


طلب شعيب عليه السلام من عند الله تعالى:

قال شعيب عليه السلام: “وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيءٍ عِلمًا عَلَى اللَّـهِ تَوَكَّلنا رَبَّنَا افتَح بَينَنا وَبَينَ قَومِنا بِالحَقِّ وَأَنتَ خَيرُ الفاتِحينَ” الأعراف: 89 أي: انصرنا على قومنا، افصل بين الحق والباطل، قال الله تبارك وتعالى: “فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ” الشعراء: 189، وقال: “وَلَمّا جاءَ أَمرُنا نَجَّينا شُعَيبًا وَالَّذينَ آمَنوا مَعَهُ بِرَحمَةٍ مِنّا وَأَخَذَتِ الَّذينَ ظَلَمُوا الصَّيحَةُ فَأَصبَحوا في دِيارِهِم جاثِمينَ” هود:94، فهلك قوم شعيب، وبعد هلاكهم مرَّ عليهم شعيب، خاطبهم وهم أموات كما خاطب النبي عليه الصلاة والسلام أهلَ قليبِ بدر، وقال: “هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً، فإنا قد وجدنا ما وعد ربنا حقاً” أخرجه البخاري، فقال شعيب: “يا قَومِ لَقَد أَبلَغتُكُم رِسالاتِ رَبّي وَنَصَحتُ لَكُم فَكَيفَ آسى عَلى قَومٍ كافِرينَ” الأعراف: 93.

ما هو العذاب الذي أنزله الله على مدين “قوم شعيب”:

لقد ذكر في القرآن أن هناك ثلاثة أنواعٍ من العذاب الذي أنزله الله تعالى على مدين قوم شعيب وهو الرجفةُ والصيحة والصنف الثالث عذابُ يوم الظلة. فقال الله تعالى في الرجفة: “فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ” العنكبوت: 37. وقال عن الصيحة: “وَأَخَذَتِ الَّذينَ ظَلَمُوا الصَّيحَةُ” هود: 94. وقال عن عذاب يوم الظلة: “فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ” الشعراء: 189.
وقال الحافظ ابن كثير رَحِمَهُ اللهُ: لقد أصابهم حرٌ شديد، وأسكن الله هبوب الهواء عنهم سبعة أيام، فكان لا ينفعهم مع ذلك ماء ولا ظل، ولا دخولهم في الأسراب، فهربوا من محلتهم إلى البرية، فأظلتهم سحابة، فاجتمعوا تحتها ليستظلوا بظلها، فلما تكاملوا فيه، أرسلها الله ترميهم بشرر وشهب، ورجفت بهم الأرض، وجاءتهم صيحة من السماء، فأزهقت الأرواح، وخربت الأشباح، وهذه سنة الله جلّ وعلا مع أنبيائه وأتباعهم وأعدائهم، وذلك أن الله تعالى ذكر أن أنبياءه ينقسمون إلى قسمين في دعوتهم أقوامهم وهما:
القسم الأول: وهو قسم من الأنبياء الذين يأمرهم الله بالجهاد ضد الطغاة، وهؤلاء ينصرهم الله في معاركهم ويهزم أعداءهم، كما قال الله تعالى : “وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّـهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ” آل عمران: 146 وقال تعالى: “وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ- فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّـهِ” البقرة: 251:250 وقال جلّ وعلا: “وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ- إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ- وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ” الصافات: 173-171، ولنا في سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أعظم العبرة في هذا الأمر.
القسم الثاني: وهم الذين لك يُؤمروا بأن يُقاتلوا مع الكفار، بل أُمروا بالصبرِ والصفحِ واللين، ومثل هذا النوع ينصره الله تعالى بهلاك عدوه كما فعل الله تبارك وتعالى مع نوح، وهود، وصالح، ولوط، وشعيب، وغيرهم، فإن الله تبارك وتعالى ينزل العذاب العام على أقوامهم. وليس نبي الله شعيب هو صاحب موسى كما يظن البعض الذي زوّجه ابنته، لأن بين شعيب وموسى مئات السنين، إن لم تكن آلاف، فالمشهور أن شعيباً عليه السلام بعد لوط مباشرة، قريب وقته من وقت لوط عليه السلام.
واشتهر عند الناس كثيراً مقولة عسى عُمرك كعمر شعيب النبي، والمشهور أن نوحاً صلوات الله وسلامه عليه هو الذي كان ذا عمرٍ طويل، أما شعيب فلم يُذكر شيء من ذلك فما ذكر هي بعض الصفات التالية منها.

  • إنّ الصبر والإيمان هي صفة عاقبتها النصر والنجاة كما فعل الله بشعيب ومن آمن معه.
  • إنّ مدة الظالم في الأرض قصيرةٌ وإن طالت فيما يظهر للناس لكنها تكون في النهاية قصيرة جداً.
  •  مِلَّةُ الكفر واحدة، فلو نظرنا إلى ردِّ قوم شعيب عليه، ثم إلى رد قوم لوط عليه، وقوم صالح، وقوم هود، وقوم نوح، وهكذا، لوجدنا أن ملةَ الكفر واحدة في ردها على أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
  • أن المعصية  التي تقع من الإنسان، والتي لا يكون لها مبرر ولا داعي لها في نفسه أشدَّ عقوبة عند الله جلّ وعلا وأشد جرماً، ولذلك قال النبي صلّى الله عليه وسلم: “ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب عظيم، قال: ملكٌ كذاب، وعائل مستكبر، وشيخٌ زانٍ” رواه البخاري.
    فالملكُ لا يحتاج إلى الكذب، والغني المستكبر له دافع، والناس تريد رضاه، فيدفعه هذا إلى الكبر، أما الفقير لا دافع له، والشاب يزني، وكذلك قوم شعيب: أغنياء “إِنّي أَراكُم بِخَيرٍ” هود: 84، ومع هذا يأخذون أموال الناس بالباطل، فصار عقابهم أشدَّ من عقاب غيرهم، لأنه لا داعي لأكل أموال الناس بالباطل كما فعلو؛ لأن عنده شهوة، أما الشيخ، فإما أنه ذاق الحلال أو ضعفت شهوته، ولذلك كان عذاب هؤلاء الثلاثة أشد من عذاب غيرهم.
  • إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء فقال تعالى: “أَصَلاتُكَ تَأمُرُكَ أَن نَترُكَ ما يَعبُدُ آباؤُنا أَو أَن نَفعَلَ في أَموالِنا ما نَشاءُ” هود: 87 إذاً صلاته هي التي أمرته بهذا “إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ” العنكبوت: 45.
  •  الداعية إلى الله يجب أن يكون قدوة، وهذا عمر رضي الله عنه لما كانت سنة المجاعة في زمنه، منع أهله، وقال: لا والله، لا يذوق أهل عمر الطعام حتى يذوقه الناس، ولا يأكل أهل عمر اللحم حتى يأكله الناس، حتى قيل: إنه صار في وجهه لون سواد من كثرة ما يأكل الزيت مع الخبز.
  • الأنبياء جميعاً بُعثوا للصلاحِ والإصلاح في المجتمعات، وإصلاح ما بينهم وبين الله وإصلاحُ ما بينهم وبين الناس.

شارك المقالة: