ماذا يعني التيمم في الإسلام؟

اقرأ في هذا المقال


تعريف التيمم:


التيمم لغة: هو لغة القصد. والتيمم اصطلاحاً: هو قصد التراب لمسح الوجه والكفين بنية التوجه للصلاة لوجه الله تعالى.

مشروعية التيمم:

إن التيمم مشروع في الكتاب والسنة والإجماع: فقال تعالى: “فتيمموا صعيداً طيباً” النساء:43. وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “وجعلت لي الأرض كلها ولأمتي مسجداً طهوراً، فأينما أدركتُ رجلاً من أمتي الصلاة فعندهُ طهورهُ” رواه البخاري.
أما في الإجماع: فقد أجمع المسلمون على أن التيمم مشروعٌ بدلاً من الوضوء والغسل في أحوالاً خاصة. والتيمم خاص في هذه الأمة كرامةً لها ولم يشرع للأمة قبلنا لحديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أُعطيتُ خمساً لم يُعطهنّ أحداً قبلي، وجعلت الأرض طيبةً طهوراً ومسجداً” رواه البخاري.
سبب مشروعيته: وسبب مشروعية التيمم هو قصة عائشة رضي الله عنها في فقد عقدها، وحبس الناس ونزول آية التيمم.

شروط صحة التيمم:

النية، الإسلام، والعقل، التمييزُ، انعدام الماء أو تعذر استعماله، أن يكون بصعيدٍ طاهر له غبار.
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: “خرجنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء، أو بذات الجيشِ انقطع عقدٌ لي، فأقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم على التماسه، وأقام الناسُ معه، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، فأتى الناسُ إلى أبي بكر رضي الله عنه فقالوا: ألّا ترى إلى ما صنعت عائشة رضي الله عنها؟ أقامت برسول الله صلّى الله عليه وسلم وبالناس معه، وليسوا على ماءٍ وليس معهم ماءٍ، فجاء أبو بكر رضي الله عنه ورسول الله صلّى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذي قد نام فقال:حبستِ رسول الله صلّى الله عليه وسلم والناس، وليسوا على ماءٍ وليس معهم ماء، قالت: فعاتبني أبو بكر، وقال ما شاء الله أن يقول، وجعلَ يطعن بيده في خاصرتي، فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم على فخذي فنام رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى أصبح على غير ماء، فأنزل الله آية التيمم، فقال أسيدُ بن الخُضير وهو أحد النقباء رضي الله عنه: ما هي بأول بَركتكم يا آل أبي بكر، فقالت عائشة رضي الله عنه، فبعثنا البعير الذي كنت عليه، فوجدنا العقد تحتهُ” رواه البخاري.
وقوله النيةُ: وهي الإرادة المتوجهة نحو العمل ابتغاء مرضاة الله وامتثال أمره، وهي عمل قلبي محض لا دخل اللسان فيه، والتلفظ بها غيرُ مشروعٍ ولا بد من الإتيان بها قبل الشروع في العمل؛ وذلك لحديث “إنما الأعمال بالنيات” رواه البخاري.
وقوله: “الإسلام، العقل، التمييز” فقد مرّت هذه الشروط قبل ذلك.
 وقوله انعدام الماء أو تعذر استعماله، وانعدام ينقسمُ إلى قسمين:
القسم الأول: انعدام حقيقي وهو فقدان الماء من المكان حقيقةً كإنقطاعهِ.
القسم الثاني: انعدام حكمي: مثل، أن يكون محبوساً وبعيداً عن الماء، وأن يعجز عن الحصول عليه لغلّاةِ ثمنه، أو للمرض في جلده.
أو تعذر استعمال الماء كأن يكون مريضاً لا يقدر على استعمال الماء، فإن فقد الماء، أو تعذر عليه استعماله، فله أن يلجأ إلى ثاني الطّهورين وهو التراب؛ لقوله تعالى: “فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيداً طيباً” النساء:43.
وقوله عليه الصلاة والسلام: “إنّ الصعيد الطيب طهور المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسهُ بشرتهُ فإن ذلك خير” رواه الترمذي.
وقوله صلى الله عليه وسلم: “أن يكون بصعيد طاهر له غبار” ليعلق باليد ومالا غبار له لا يمسح بشيء منه هذا هو المذهب.
قال إبن قدامة رحمه الله: لا يحصل المسح بشيء منه إلا أن يكون ذا غبار يعّلق باليد.
وقوله: طاهر، على الراجح خلافاً للقاعدة المشهورة عند الحنابلة، حيث يقسمون التراب إلى ثلاثة أقسام:
1- طهورٌ: هو الذي لم يستعمل في رفع حدث ولم تصبه نجاسه.
2- طاهرٌ: وهو الذي تُيممّ به عن الحدث.
3- نجسٌ: وهو الذي أصابته نجاسة.
 الظابط الثاني: فروض التيمم ثلاثة:
1- مسح الوجه.
2-مسح اليدين إلى الرغسين.
3-الموالاة.
الظابط الثالث: نواقض التيمم ثلاثة:
1- نواقص الوضوء.
2- وجود الماء.
3- زوال المبيح.
والصحيح أن التراب قسمان طاهر ونجس فقط على قول الجمهور وقوله تعالى: “مسح الوجه، ومسح اليدين إلى الرغسين” لقوله تعالى: “فأمسحوا بوجوهكم وأيديكم” النساء:4-3.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: “إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة، ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفية ووجهه: وفي رواية: ثم مسح بهما وجهه وكفيه” رواه البخاري.
– وقوله: “الموالاة”، وهي أن لا يؤخر مسح اليدين زمناً لو كانت الطهارة فيه بالماء لجف الوجه قبل غسل اليدين، والحكمة في الوالاة في التيمم أن الموالة في الوضوء واجبة، والتيمم بدل عن الوضوء، والبدل له حكم المبدل منه.
– وقوله: “نواقض الوضوء” أي من نواقص التيمم : نواقض الوضوء فكل ناقصٍ للوضوء وهو في نفس الوقت ناقضٌ للتيمم. فإذا تيمم عن حدثٍ أصغر ثن بال أو تغوط فقد بطلَ تيممهُ، وكذا إذا تيمم عن جنابةٍ، ثم تعاطى موجباً من موجبات الغُسل، بطل تيممه؛ لأن البدل له حكم المبدل منه. وقولهُ: “وجود الماء” لمن كان فاقداً له، أما إذا كان يتيمم لمرضٍ فلا يُبطل؛ لأنه يجوزُ له التيمم في وجود الماء.
ومعنى “زوال المبيح” أي زوال العذر الذي من أجله ترك الماء واستعمل التراب. ومن المثال عليه: رجلٌ مصاب بحساسية في جلده تزداد باستعمال الماء خطورة ونصحه الأطباء بعدم استعماله الماء، وهو يريد الصلاة، فيحتاج للوضوء، وكذا تصيبه الجنابة فيحتاج للغسل، فهذا يباح له التيمم، فإذا زال المرض وشفاه الله من هذه الحساسية عاد إلى استعمال الماء مرةً أخرى وما مضى من صلاته حال مرضه صحيح ولا إعادة عليه.
عن جابر رضي الله عنه: قال: خرجنا في سفرٍ فأصاب رجلاً منا حجر فشجهُ في رأسهِ، ثم احتلم، فسأل أصحابه: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالا؟ ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات، فلما قدمنا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم أُخبر بذلك فقال: “قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذ لم يعملوا، فإنما شفاء العيّ السؤال إنما كان يكفيه أن يتيمم” رواه أبو داود.

صفة التيمم:

إنّ صفة هي أن ينوي، ثم يُسمي ثم يضربُ بيدهِ الأرضُ مرةً واحدةً ثمّ ينفخُ فيهما، ثم يمسحُ وجهه وكفيهِ، والصحيح أنّ التيمم هو ضربةً واحدةً لا ضربتانِ؛ لأن الأحاديث الواردة في الضربتين ضعيفةً. فعن عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم،“إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا، ثم ضربَ بيديهِ الأرضَ ضربةً واحدة“. وعنه رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنّما كان يكفيكَ أن تضرب بيديك الأرض ثم تنفخ فيهما ثم تمسح فيهما وجهك وكفيك” رواه البخاري.


شارك المقالة: