ماذا يعني الزنا الذي لا حد فيه؟

اقرأ في هذا المقال


الزنا:

إن الزنا هو عبارة عن وطء الرجل المرأة في القُبل من غير الملك وشبهتهِ، أو ما يسمّى بالفعل الفاحش في قُبلٍ أو دبر.

الزنا الذي لا حد فيه:

إن للزنا الموجب للحد شروط يجب توافرها حتى يُقام الحد، فلو انعدم أحدها أو اختل فقد سقط. ومن أهم هذه الشروط ألا تكون هناك شبهةً تدرأ الحدّ، وأن تكون المزنا بها حيةً، وأن يكون الفعل من رجل، وفي قبل امرأة، مع خلاف في ذلك الفقهاء. وعلى ذلك فإذا قامت شبهة درئ بسببها الحدّ، أو كان الفعل في ميتة لا حية، أو لم يكن من رجل، أو لم يكن من رجل، أو لم يكن من قبل امرأة، فإن الحد لا يُقام على الجاني، لكنه مع ذلك قد ارتكب معصية تستوجب التعزير.

الشبهة وأثرها:

يشترط لإقامة حدّ الزنا، أن لا يكون للدجل شبهةً تدرأ الحد، سواء كانت هذه الشبهة شبهة في الفعل، أم شبهة ملك، أم شبهة عقد، فإن وجد شيءٌ من ذلك فقد سقط الحد عن الجاني، ولكنه قد يُعزر لارتكابه جريمة ليست فيها عقوبة مقدرة.

التمثيل لشبهة الفعل:

إن من المثال على شبهة الفعل أن يطأ المطلقة ثلاثاً في العدة، أو البائنة على مال أو المختلعة، وذلك لبقاء بعض الأحكام بالرغم من وقوع الطلاق، فإذا ظن الفاعل حل الفعل في هذه الحالات فانه يعزر إذ هو في موضع اشتباه، وذلك يورث شبهة يدرأ بها الحد، فيبقى الفعل دون عقوبة مقدرة مقدماً من الشارع، ولكنه مع ذلك لم يخرج من كونه جريمة، فيُعزر الجاني عليها. والذي قيل في الأمثلة المتقدمة فإنه يقال في كل حالة تتحقق فيها شبهة الفعل. ولا يفوتنا أن نذكر أن ظن الحل شرط لدرء الحد عن الجاني فيجب ان يكون قد ظن حل الفعل الذي أتاه أما إذا قال أنه علم بحرمة من أتاها عليه، فإن الحد في هذه الحالة لا يدرأ عنه؛ لأنه شبهة الفعل ترتفع مع العلم بالحرمة.

التمثيل لشبهة الملك:

ومثال شبهة الملك أن يطأ الرجل المطلقة طلاقا بائناً بالكنايات إذ في هذه الحالة وأمثالها توجد شبهة حكم الشرع بحل المحل؛ لأن للجاني في المحل مُلكاً أو شبهة ملك وفي هذه الأحوال لا يشترط ظن الحل، كما هو الحال في شبهة الفعل حتى لو اعترف الجاني بعلمه بأن من أتاها محرمة عليه؛ لأن هذا الإقرار لا يرفع عن الفعل الشبهة في الملك.

التمثيل لشبهة العقد:

أما الشبهة في العقد فإن مردها إلى أن الأصل في عقد الزواج أنه سببُ إباحة المعقود عليها، فإذا وجد العقد صورته، لكنه كان باطلاً، فقد توافرت به صورة المبيح، وإذا لم يثبت حكمه، وهو الإباحة لبطلانه، فإن صورته مع ذلك باقية وهي وحدها كافية لدرء الحد عن الفاعل، إذ إن الحد يندرئُ بالشبهات. وهذه الشبهة، عند أبي حنيفة وزفر، تدرأ الحد عن الفاعل، حتى لو كانت الحرمة مؤيدة، ويعمل بها الفاعل، وقد وافقَهما في ذلك الثوري. وفي هذه الحالة يبالغ في تعزيره، لجسامة جرمه. وعند أبي يوسف ومحمد إذا تزوج من لا يحل له نكاحها، فوطئها، فإنه يحد إذا كان عالماً بالحرمة، وذلك في ذوات المحارم وكل امرأة ذات زوج، أو محرمة عليه على التأبيد.

المزني بها ميتة:

وممّا يُشترط في الزنا أن تكون المرأة المزني بها حية. فإن كانت ميتة فإن الفعل لا يُعتبر زنا؛ لأن محل الجريمة مستهلك لا يشتهي، بل تعافه النفس الآدمية، فلا حاجة لشرع الحد في وطء الميتة. ولكن إذا وجد من يرتكب هذا الفعل، فإنه يكون قد أتى جريمة ليست فيها عقوبة مقدرة، فيُعزر على ما ارتكب.

الفعل ليس من رجل أو ليس بقبل امرأة:

وممّا يدخل في هذا المجال ألا يكون الفعل من رجل، كأن يكون من حيوان أو امرأة، وألا يكون في قُبل امرأة، ويدخل في ذلك أن يكون في دُبرها وفي ذكرٍ أو في بهيمة، ويتصل بذلك أيضاً وقوع الفعل من صغير أو بصغيرة وأتكلم في هذه المسائل على التوالي فيما يلي:
الفعل ليس من رجل: يجب لكي يوجد الزنا ويُقام على الفاعلين حده أن يكون الذي باشر الفعل رجلاً، فإن لم يكن كذلك لا يكون هناك زنا ولا يؤخذُ الفاعل بالحد.
فإذا مكّنت المرأة من نفسها حيواناً كقردٍ مثلاً، فإنها لا تحدّ للزنا، إذ الفعل لا يُعتبر زنا، ولكنه يبقى جريمة ليست فيها عقوبة مقدرةً، فيجب فيها التعزير.
وإذا أتت امرأة امرأةً أخرى، وهذا هو ما يسمّى بالمساحقة، فإن الفعل ليس زنا، ولا يُقام عليهما حدّ الزنا، ولكنه جريمة تستوجب التعزير. الفعل ليس في قبل امرأة: ويجب أيضاً ليقام حد الزنا أن يكون الفعل في قُبل امرأة.
فإذا كان الفعل في ذكر، أو في دبر امرأة، فعند أبي حنيفة ليس هذا الفعل زنا، ولكنه معصية تستوجب التعزير. ويرى أبو يوسف ومحمد أن الفعل في الحالتين يُعتبر زنا، وعلى ذلك ففيه حد الزنا، وهو الرجم للمحصن والجلد للبكر.


شارك المقالة: