شرك الألوهية عند قوم إبراهيم عليه السلام:
الشرك في الأولوهية: هو صرف العبد شيئاً من أفعاله التعبدية لغير الله ومن أنواعه الشرك في الدعاء والمحبة والطاعة والنية والقصد والخوف والرجاء والتوكل.
إن قوم إبراهيم عليه السلام قد أشركوا مع الله في العبادة، فهم وإن كانوا مقربين بوجود الخالق في أنفسهم، إلّا أنهم لم يوحدوه في العبادة، لهذا أتت دعوة إبراهيم عليه السلام لهم بتوحيد الله في العبادة، ولهذا أتت دعوة إبراهيم عليه السلام لهم بتوحيد الله العبادة، ونبذ ما هم عليه من عبادة الأصنام، كونها لا تنفع ولا تضر من دون الله، فأمرهم قائلاً: “إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ ۖ إِلَيْهِ تُرْجَعُون” العنكبوت:17. ففي هذه الآية بيان للحالة التي كان عليها قوم إبراهيم عليه السلام من عبادة الأصنام واعتقادهم أنها أحق بالعبادة وهذا من الشرك في الألوهيته.
ومن الجدير بالذكر بيان ما كان عليه عباد الكواكب من قومه من شرك في عبادتهم للكواكب من دون الله، ودعوة إبراهيم عليه السلام، وهم الذين تخذوا من الأصنام صوراً للكواكب، بل وكانوا يتخذون لها هياكل، لكل كوكب هيكل فيه صنم يناسبه، فكان تعظيمهم للأصنام من تعظيم الكواكب، وقد وقعوا في الشرك الذي فيه تعظيم للنجوم، والاعتقاد بأنها تنطق ولها روح، تتكلم مع من يعبدها، لذلك فقد صوروا لها الصور الأرضية وعظموا الأصنام تِبعاً لها، ولا شك أن ذلك من تعظيم غير الله تعالى إن كان بنية العباد، وهم كانوا كذلك، فدل هذا على وقوعهم في شرك توحيد الألوهية في عبادتهم للكواكب.
لم يقف الأمر عند عبدة الكواكب من قوم إبراهيم عليه السلام من عبادة الكواكب والأصنام التابعة لها، بل أنهم وقعوا في ناقض آخر له علاقة بتوحيد الألوهية، وهو الشرك في عمود من أعمدة العبادة، ألا وهو الخوف من الله، فهم حاوروا إبراهيم عليه السلام بأن يبتعد عن إيذائه للآلهة كي لا تُصيبه بما يضره عليه السلام، زاعمين أنهم يخافون عليه سوء فعل الآلهة به، ولكنه عليه السلام يستغرب عليهم خوفهم عليه، وعدم خوفهم من الجبار في شركهم، فقال لهم: “وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا ۚ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ” الأنعام:81. فهو عليه السلام يُبين من أحق بالأمن من عذاب يوم القيامة؟ من أشرك معه أم من أخلص له في العبادة، ومنها الخوف منه جل وعلا، ولا شك أن الخوف عبادة قلبية لله تعالى، والخوف من الله واجب في حق المؤمنين، والخوف من غيره فيه عبادة لغير الله، وهو من الشرك بالله، إلا أن يكون فطرياً فلا يوقع صاحبهُ في الشرك، ولا حساب عليه.
حرص إبراهيم عليه السلام أبناءه:
لقد كان إبراهيم عليه السلام حريصاً على بنيه من عبادة الأصنام فقد دعا ربه أن يُجنبهُ وبنيه من الوقوع في شرك العبادة، ألّا وهو عبادة الأصنام، فقال عنه ربّ العزة: “وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ“إبراهيم:35. فمعنى كلمةُ اجنبني أي اجعلني في جانب، والأصنام في الجانب الآخر، فهو عليه السلام يخافُ على نفسه من الشرك رغم أنه إماما الحنفاء وأبو الأنبياء، ولكن ما فعله عليه السلام هو سؤاله لربه الثبات على التوحيد، فإذا ما ابتعد هن عبادة الأصنام فهذا يعني البقاء على التوحيد.