ما هي فضائل الخشوع لله تعالى في الصلاة؟

اقرأ في هذا المقال


فضائل خشوع لله تعالى في الصلاة:

لقد ثبت للخشوع في الصلاة عدةُ فضائل، ومن هذه الفضائل هي ما يلي:
1- من فرغ قلبه لله تعالى في صلاته انصرف من خطيئته كيوم ولدته أمه؛ لحديث عمرو بن عبسه السلمي رضي الله عنه الطويل، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعد أن ذكر فضائل الوضوء فإن هو قام فصلى فحمد الله وأثنى عليه، ومجده بالذي هو له أهل، وفرغ قلبه لله إلا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته امه وذكر عمرو بن عبسة رضي الله عنه أنه سمع هذا من النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من سبع مرات.
2- من صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر الله تعالى له ما تقدم من ذنبه؛ لحديث عثمان رضي الله عنه أنه حين توضأ وضوءاً كاملاً قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال: من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه، غفر الله له ما تقدم من ذنبه.
3- من صلى صلاة مكتوبة فأحسن خشوعها كانت كفارة لما قبلها من الذنوب؛ لحديث عثمان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة، فيحسن وضوءها، وخشوعها، وركوعها إلا كانت كفارةً لما قبلها من الذنوب، ما لم يأت كبيرةً، وذلك الدهر كله.
4- من صلى ركعتين مقبلاً عليهما بقبله ووجهه وجبت له الجنة؛ لحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه، ثم يقوم فيصلي ركعتين، مقبل عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة.
5- الفوز والنجاح والسعادة في الدنيا والاخرة للخاشعين في صلاتهم، قال الله تعالى: “قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون”.

والخشوع في الصلاة: أي هو حضور القلب بين يدي الله تعالى مستحضراً لقربه، فيسكن لذلك قلبه، وتطمئن نفسه، وتسكن حركاته، ويقل التفاته، متأدبأً بين يدي ربه، مستحضراً جميع ما يقوله ويفعله في صلاته إلى آخرها فتنتفي بذلك الوساوسِ والأفكار الرديئه، وهذا روح الصلاة، والمقصود منها، وهو الذي يكتب للعبد، فالصلاة التي لا خشوع فيها، ولا حضور قلب، إن كانت مجزئه مثاباً عليها، فإن الثواب على حسب ما يعقل القلب منها.
6- المغفرة والأجر العظيم للخاشعين؛ لقول الله تعالى : “وإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۗ أُولَٰئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ” آل عمران:99.

وقال تعالى: “إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا” الأحزاب:35.
7- إن الخاشعون لله في الدنيا والخاضعون مبشرونَ بكل ما هو خيرٌ في الدنيا والآخرة؛ وذلك لقول الله تعالى: “وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۗ فَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا ۗ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِين” الحج:34.
8- إنّ الخشوع والتواضع لله هو من أعظم أسباب دخول الجنة والنجاة من النار؛ لقوله تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُون” هود:23.
9- الخشوع لله تعالى يورث هداية الله تعالى وتثبيتهِ؛ لقوله تعالى: “وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ ۗ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ” الحجّ:54. فقد قال العلامة السعدي: فَتُخبِتَ لهُ قُلوبهم، أي تخشع، وتخضع، وتسلّم لحكمتهِ، وهذا من هدايته إياهم، وإنّ الله لهادِ الذين آمنوا “بسبب إيمانهم” إلى صراطٍ مستقيم” علم بالحق، وعملَ بمقتضاهُ، فيُثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وهذا النوع من تثبيت الله لعبدهِ.
10- إنّ أفضل الناس أخشعهم لله تعالى، فالخشوع لله تعالى إذا كان بسبب معرفة الله بأسمائهِ وصفاتهِ، وأفعاله، والرغبة فيما عنده والخشيةُ من عقابهِ، ومبنيٌ على حبهِ، وخوفهِ من رجائهِ، فهذا كلهُ يجعل العبد أفضل الناس؛ ولهذا قال سفيان رحمهُ الله: أجهلُ الناس من ترك ما يعلم، وأعلم الناس من عمل بما يعلم، وأفضل الناس أخشعهم لله.
11- من أتمّ الصلوات الخمس بخشوعٍ كان له على الله عهد أنّ يغفر له؛ وذلك لحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: أشهدُ أنّي سَمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: “خمسُ صلواتٍ افترضهنَّ اللهُ عزَّ وجلَّ منْ أحسنَ وضوئهنَّ وصلاهنَّ لوقتهنَّ وأتمَّ ركوعهنَّ وخشوعهنَّ كانَ لهُ على اللهِ عهدٌ أن يغفرَ لهُ ، ومنْ لمْ يفعلْ فليسَ لهُ على اللهِ عهدٌ إنْ شاءَ غفرَ لهُ وإنْ شاءَ عذبَه”.رواه أبو داود.
12- مدح الله تعالى الخاشعين في طاعته ووصفهُ لهم بالعلم؛ وذلك لقول الله تعالى: “أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ” الزمر:9. والقنوت هنا هو الخشوع في الطاعة، ولهذا قال العلامة السعدي رحمهُ الله: القنوت يرد في القرآن على قسمين وهما: قنوتٌ عام مثل قوله تعالى: “ولهُ من في السموات والأرض كُلٌ له قانتونَ“الروم:26. أي أنّ الكل عبيد خاضعون لربوبيتهِ وتدبيره، والنوع الثاني: وهو الأكثرُ في القرآن: القنوت الخاص وهو دوام الطاعة لله على وجه الخشوع، مثل قول الله تعالى: “أم من هو قانتٌ آناء الليل ساجداً وقائماً” الزمر:9. وقوله: “وقوموا للهِ قانتين” البقرة:238.
13- لقد أثنى الله تعالى عزوجل على من يوجل قلبهُ لذكر الله بأنه يخافهُ ويخشاه، وووصفهُ بالإيمان الكامل، فقال تعالى: “إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانً” الأنفال:2. ووجل القلب فالوجلُ هو استشعار الخوف، وجل يوجلُ وجلاً، فهو وجل.
14- لقد وصف الله من يقشعر جلدهُ عند قراءة القرآن بالخشية لله تعالى، وذلك بقول الله: “اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ” فحصل لهم قشعريرة الجلد، ثم لين القلب والجلد.
وقال الإمام ابن كثير رحمهُ الله: وهذه هي صفة الأبرار حينما يسمعون كلام الجبار المهيمن حينما يفهمونه من الوعد والوعيد، والتخويف والتهديد التي تقشعر منهُ جلودهم من الخشية والخوف، فقال تعالى: “ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ” كما يرجون ويؤملون من رحمته ولطفه.


شارك المقالة: