ما لا يجوز الحلف به:
إن ما لا يجوز الحلف به هو ما يلي:
- الحلف بالآباء والأجداد والأقارب فهذا لا يًعتبر يميناً كما يُعتبر من يحلف بآبائه أو أجدادهِ آثماً، فقد نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن ذلك والنهي كما هو معلوم يدل على التحريم ما لم ترد قرينة تصرفه إلى الكراهية. وروى البخاري بإسناده عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أدرك عمر بن الخطاب وهو يسير في ركب يحلفُ بأبيه، فقال: ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، ومن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت.
- الحلف بما هو معظم شرعاً كالرسلِ عليهم الصلاة والسلام، ومنهم نبينا ورسولنا محمد عليه الصلاة والسلام، فلا يجوز الحلف بهم أو بواحدٍ منهم، وكذلك لا يجوز الحلف بالكعبة، نحو: وحق الكعبة وبالإسلام وحق الإسلام.
- الحلف بحياة الملوك والأمراء والرؤساء والشرف وحياة الصالحين وكل حلف بغير الله وصفاته وأسمائه باطل ولا يعتبر يميناً، ومع هذا فمن يحلف بمثل هذه الأشياء فهو آثم ؛ لأنه منهي عنه. وحرم الإسلام الحلف بغير الله سواءً أكان بشراً معظماً أم غير معظم أو بناءً معظماً أو شجراً أو حجراً؛ لأنه تعظيم لغير الله، وهذا التعظيم يشبه تعظيم الرب تبارك وتعالى، ولهذا سُمي شركاً، لكونه أشرك غير الله مع الله في تعظيمه بالقسم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم من حلف بغير الله فقد أشرك، ومن هنا وجدنا الإمام الشافعي رحمه الله يقول: من حلف بغير الله فليقل استغفر الله.
- الحلف بالملائكة وحدود الله والصلاة والصوم والحج والصفا والمروة وقبر الرسول عليه الصلاة والسلام والمِنبر والمسجد فكلها ليست أيماناً.
قسم الله بالمخلوقات:
وقد يقول قائلٌ: إن الله سبحانه وتعالى أقسم بنفسه وبمخلوقاتهِ، كالشمس والقمر والنجم والطور والسماء ذات البروج، فقال تعالى: “وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا 1. وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا 2. وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا 3. وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا 4. وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا 5. وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا 6. وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا 7. فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا 8. فالجواب أن القسم بالمخلوقات أمرٌ اختصه الله لنفسه، ولم يجعله لأحد من خلقه، وأخيراً فقرم الحلف بغير الله وعدهُ شركاً وكفراً، فقال عليه الصلاة والسلام : “من حلف بغير الله فهو كاذب”.
الحكمة من قسم الله بالمخلوقات:
والحكمة من قسم الله بالمخلوقات، أن العرب كانت تهتم بالكلام المبدوء بالقسم، إذ تشعر بالاهتمام بالمقسوم عليه، ممّا يجعلها تصغي إلى الكلام الذي يبدأ بالقسم باهتمام، وبالتالي تفكر فيه، لتهتدي إلى الحق. فمن هذه الحكم لفت النظر إلى مواضع العبرة في هذه الأشياء بالقسم بها، والحث على تأملها، حتى يصلوا إلى وجه الصواب فيها، فقد أقسم الله بالملائكة لبيان أنهم عباد الله، خاضعون له، وليسوا بآلهةٍ يعبدون. وأقسمَ بالقمر وبالشمسِ والنجوم.