ما الفرق بين الخشوع والوجل والقنوت والسكينة والإخبات والطمأنينة؟

اقرأ في هذا المقال


الخشوع والوجل والقنوت والسكينة والإخبات والطمأنينة:

هناك فرقٌ كبير بين هذه الأمور على النحو التالي وسنفصلها على النحو التالي:

  • الخشوع: والخشوع هو لينٌ في القلب وخضوعهِ ورقتهِ وسكونه وحضوره وقت تلبّسهِ بالطاعة، فتتبعهُ جميع الجوارح والأعضاء: ظاهراً وباطناً؛ لأنها تابعة للقلب، وهو أميرها وهي جنوده.
  • الوجل: وهو الخوف الموجب لخشية الله تعالى، وأكبر علاماتهِ: أن يقوم صاحبهُ بفعلِ أوامر الله، وترك نواهيه رغبةً فيما عندهُ من الثواب، وخوفاً مما عندهُ من العقاب.
  • القنوت: والقنوت ورد في القرآن على قسمين: الأول:قنوت عام لجميع المخلوقات، مثل قولهِ تعالى: “وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ” الروم:26. والمعنى: الكل عبيد خاضعون لربوبيتهِ وتدبيرهِ، لا معبود بحق سواه. والقسم الثاني: وهو الأكثرُ في القرآن، وهو يسمى القنوت الخاص، وهو دوام الطاعةِ لله على وجه الخشوع، كقول الله تعالى: “أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا“الزمر:9 ونحو ذلك، فالقنوت أيضاً يأتي على معانٍ عدة.
  • السكينةُ: فقد قيل: أن السكينة، هي المهابة والرزانة والوقار، وقيل إنّ مايجده القلب من الطمأنينة، وهي نور في القلب يسكن إلى شاهده، ويطمئن وهو مبادئ عين اليقين. وقيل: السكينة: الطمأنينية، وهي نور في القلب يسكن إلى شاهده، ويطمئن وهو مبادئ عين اليقين.
    وقيل: السكينة: الطمأنينية، وتأتي السكينة بمعنى الوقارُ والتأني في الحركة والسير: أي ألزموا السكينة، وفي حديث الخروج إلى الصلاة: “فليأتِ وعليهِ السكينة”. وقد ذكر الله تعالى“السكينة” في كتابه في ستة مواضع.
    – قول الله تعالى: وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ” البقرة:248.
    – وقول الله تعالى: “مَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ” التوبة:26.
    – وقال تعالى أيضاً: “إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا” التوبة:40.
    – وقول الله تعالى: “هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ ۗ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا” الفتح:4.
    – أيضاً قول الله تعالى: “لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا” الفتح:18.
    – وقول الله تعالى: “إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ” الفتح:26.
    قال الإمام ابن القيم رحمهُ الله: إنّ أصل السكينة هي الطمأنينة والوقار، والسكون الذي ينزله الله في قلب عبده، عند اضطرابه من شدة المخاوف، فلا ينزعج بعد ذلك لما يرد عليه، ويوجب له زيادة الإيمان، وقوة اليقين والثبات ولهذا أخبر سبحانه عن إنزالها على رسوله عليه الصلاة والسلام، وعلى المؤمنين في مواضع القلق والاضطراب، كيوم الهجرة، إذا هو وصاحبة في الغار، والعدو فوق رؤوسهم، لو نظر أحدهم إلى ما تحت قدمية لرآهما: وكيوم حُنين، حين وَلوا مدبرين من شدة بأس الكفار، لا يلوي أحد، وكيوم الحديبية حين اضطربت قلوبهم من تحكذم الكفار عليهم ودخولهم تحت شروطهم التي لا تحملها النفوس، وحسبك بضعفٍ عمر رضي الله عنه عن حملها، وهو عمر، حتى ثبتَهُ الله بالصديق رضي الله عنه.
    قال ابن عباس رضي الله عنهما: كلّ سكينة في القرآن فهي طمأنينة، إلا التي في سورة البقرة. أما في الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: رأيت النبي عليه الصلاة والسلام نقل من تراب الخندق، حتى وارى الترابُ جلدة بطنة، وهو يرتجز بكلمة عبد الله بن رواحة رضي الله عنه.
    وقال العلامة السعدي رحمهُ الله: إنّ السكينة ما يجعلهُ الله في القلوب وقت القلاقل والزلازل والمفظات، ممّا يُثبتها ويسكنها ويجعلها مطمئنةً، وهي من نعم الله العظيمة على العباد، وهي الثبات والطمأنينةُ والسكون المُثبتتةِ للفؤاد.
  • الإخبات: التواضع والخشوع، واللين، والسكون، وهو من أول مقامات الطمأنينة، مثل السكينة واليقين والثقة بالله تعالى، ونحوها فالإخبات مقدماتها، ومبدؤها، والإخبات أوّلُ مقام يتخلّص فيه العبد من التردد الذي هو نوع غفلة وإعراض.
  • الطمأنينة: فقال الله تعالى: “الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ” الرعد:28. فالطمأنينة هي سكون القلب إلى الشيء، وعدم اضطرابه وقلقهِ ومنه الأثر المعروف: “دع ما يريبُكَ إلى ما لا يَريبك فإنّ الصدقُ طُمأنينةٌ، وإنّ الكذب ريبةٌ” أي الصدق يطمئن إليه قلب السامع، ويجد عنده سكوناً إليه، والكذب يوجب له اضطراباً وارتياباً، ومنه قول النبي عليه الصلاة والسلام: البرّ ما اطمأنّ إليه القلبُ” أي سكنَ إليه، وزال عنهُ اظطرابه وقلقه.
    وقال الإمام ابن القيم رحمهُ الله: وفي قوله تعالى: “يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً” الفجر: 27-28. إنّ هذه الآية هي دليل على أنها لا ترجع إليه إلا إذا كانت مطمئنة، فهناك ترجعُ إليه وتدخلُ في عباده وتدخلُ جنتهُ وكان من دعاء بعض السلف: اللهم هب لي نفساً مطمئنة إليك.

شارك المقالة: