من المعروف أنّ الضريبة هي نفقات فرضتها الدولة على الأفراد المقيمين فيها، مهما كانت دياناتهم، أو أحوالهم المالية، لكن يختص المسلم بدفع فريضة الزكاة، ومع كثرة الضرائب في الدول الإسلامية، فهل يُمكن احتساب الضريبة من الزكاة؟
حكم احتساب الضريبة من الزكاة:
تحدّث علماء الفقه المعاصرون في هذا الموضوع، لكثرة الضرائب وتنوّعها في زماننا هذا، وكان فيه قولان، وهما:
القول الأول جواز احتساب الضريبة من الزكاة:
وفسّر أصحاب هذا القول قولهم في جواز احتساب الضريبة من الزكاة فيما يلي:
- التيسير على العباد، والتخفيف عليهم، خاصّة إذا كانت الضرائب المفروضة فوق طاقاتهم وإمكاناتهم.
- يُمكن فرض الضرائب المعقولة والعادلة، لتحقيق هدف الزكاة، في سد احتياجات الفقراء، ودفع المشقة والضيق عنهم، إضافةً إلى تحسين أحوالهم.
وللردّ على أصحاب هذا القول، نقول بأنّ الزكاة هي من العبادات التي فرضها الله تعالى، لتحقيق مقاصد معيّنة، ولا يُمكن لأيّ بديل من صُنع البشر أن يحلّ مكان العبادات التي فرضها الله تعالى بحكمته.
كما أنّ الضرائب العادلة وإن حلّت مكان الزكاة بمقاصدها وأهدافها، فلا يُمكن توفير الشروط والأحكام التي اختصّت بها الزكاة مقابل الضرائب، فتختلف النية في الدفع، ولا يُمكن للضرائب أن تُغطّي مصارف الزكاة.
القول الثاني عدم جواز احتساب الضريبة من الزكاة:
استدلّ أصحاب هذا القول بثلاثة أدلّة وهي:
- الزكاة من العبادات التي يتقرّب بها العباد إلى الله سبحانه وتعالى، ويُشترط فيها النية، وهذا أمر لا يُمكن تعدّيه بالاكتفاء بالضريبة فقط. فإمكان الفرد الذي يقوم بدفع الضريبة أن ينوي التقرّب من الله تعالى، لكن ليس من الممكن أن تحلّ هذه الفريضة المالية محلّ العبادة الشرعية؛ وذلك بسبب الاختلاف في حقيقة كل من الزكاة والضريبة.
- يتم أخذ الضريبة من الأفراد بمسميّات غير الزكاة، لذلك ليس من الممكن أن تحتسب من الزكاة. فقد تُصرف هذه الضرائب في غير مصارف الزكاة، وإن تمّ صرف الضرائب في مصارف الزكاة، فلا تكفي الضريب عن الزكاة؛ بسبب جبايتها بغير اسم الزكاة.
- هناك العديد من الاختلافات بين الضريبة والزكاة، فالزكاة مفروضة من مصدر شرعي بحكم قطعي، ولها أحكام وأهداف محددة، بخلاف الضريبة التي تعتمد على اجتهادات البشر، وتقديرات الحكام في المقادير التي تحتاجها الدولة من الضريبة.
ويُرجّح الفقهاء القول الثاني، وهو عدم إجازة احتساب الضريبة من الزكاة، مؤيّدين ذلك بما استدلّ به أصحاب هذا الرأي، وأنّ الزكاة عبادة مفروضة محددة الأحكام والتشريعات، لها مصارف خاصة لا يمكن تغطيتها بالضرائب، فضلاً عن الأجر في الآخرة الذي يناله المسلم عند استعداده لتحمّل مشقة دفع الضريبة والزكاة.