حكم المغالاة في المهور

اقرأ في هذا المقال


حكم المغالاة في المهر

إنّ حكم المغالاة في المهور يشتمل على أمرين وهما: المغالاة، الأكل من المهر في حق الوالد. فهؤلاء الأمرانِ مختلفان في الحُكم، أما المغالاة تُكره ولا تنبغي، ولكن يجب للمسلمين أن لا يُغالوا بل عليهم التسهيل كما سنذكر في الحديث:


روى ابن ماجه أن عمر بن الخطاب قال :” لا تُغَالُوا صَدَاقَ النِّسَاءِ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا أَوْ تَقْوًى عِنْدَ اللَّهِ كَانَ أَوْلاكُمْ وَأَحَقَّكُمْ بِهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصْدَقَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَلا أُصْدِقَتْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُثَقِّلُ صَدَقَةَ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ وَيَقُولُ قَدْ كَلِفْتُ إِلَيْكِ عَلَقَ الْقِرْبَةِ“. صححه الألباني في صحيح ابن ماجه. والمغالاة في المهر مكروهة في النكاح وأنها من قلة البركة وعسره.

والحكمة من تخفيف الصداق وعدم المغالاة فيه واضحة : وهي تيسير الزواج للناس حتى لا ينصرفوا عنه فيقعوا في مفاسد خلقية واجتماعية متعددة .

فالحاصل أن السُنة والذي ينبغي للمؤمنين جميعاً رجالاً ونساءً أن لا يُغالوا، وأن يحرصوا على التسهيل والتيسير حتى يتزوج النساء وحتى لا يتعطّل الشباب، أما ما يتعلّق بأكل الوالد من المهر فالصواب أنه لا حرج في ذلك؛ لأن الأولاد هم شيءٌ يخصُ أبيهم، قال النبي صلّى الله عليه وسلم لرجل قال:“يا رسول الله! إن أبي اجتاح مالي؟ قال: أنت ومالك لأبيك” وهو حديث لا بأس به، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام في حديث عائشة:” إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم ، وكلاهما حديثان جيدان لا بأس بهما.

والحاصلُ أيضاً أن انتفاع الوالد من مهر ابنته ليس فيه حرج، ولكن يجب عليه أن يُراعي حالها وأنّ لا يضرّها بل يُبقي لها ما ينفعها عند زوجها وما تسد به حاجتها لقول النبي صلّى الله عليه وسلم: “لا ضرر ولا ضرار”. فكون أولاده من كسبه لا يقتضي أن يضر بالولد أو البنت، بل عليه أن يُراعي أحوالهما، فإذا كان أخذه من مال ولده يضرّه ويضر أولاده وعائلته لم يَجز للوالد ذلك، وإنما يأخذ ما لا يضر، وهكذا البنت إذا كان أخذه من مهرها يضرّها أو يزهد الزوج فيها، أو يسبب طلاقها فلا يتعرّض لذلك، وليتق الله ولكن يأخذ من مالها ومن مهرها ما لا يترتب عليه مضرة عليها.

أسباب غلاء المهور وتكاليف الزواج

  • الجهل بالأمور الدينية المتعلّقة بأحكام الزواج وشروطه، وعدم الإقتداء برسول الله وسنته الحسنة بتزويجِ بنات فقراء المسلمين.
  • عدم الأخذ برأي المرأة المخطوبة في تحديد المهر وتكاليف الزواج فعادةً ما يستأثر الأمر برأيه.
  • عدم الأخذ بتشريع يحدُّ من هذه الظاهرة، يلتزم به الجميع.
  • التأثّر بمفاهيم الترفه الإستهلاكية، واعتبار الإسراف والمبالغة في التكاليف نوعاً من الوجاهة الاجتماعية.
  • جهل أولياء الأمور بحيث يعتبرون بناتهم سلعةً للبيع بأغلى الأثمان.
  • العامل الإقتصادي الناتج عن العمل التجاري، والصناعي، والتجاري، فكلما كانت الأسر أكثر ثراءً
    وأكثرُ بذخاً، كلما أدى إلى مزيد من المغالاة والبذخ في التكاليف ومحاولة الآخرين تقليدهم.
  • الأُميّة بكل مستوياتها وأشكالها وتساهل المجتمع وقواه القادر على التغيير في هذه المشكلة.

الآثار السلبية لمشكلة غلاء المهور وارتفاع تكاليف الزواج

  • إحجام أو تأخّر سن الزواج لكل من الشاب والشابة ودخولهم في مرحلة العنوسة.
  • عدم الاستقرار النفسي للشباب.
  • عدم الاستقرار الإجتماعي الناتج من حرمان تكوين الأسرة.
  • سلوك بعض الشباب سلوكاً إنحرافياً، مثل: السرقة، الاختلاس، النصب وكل ذلك من أجل توفير المبالغ اللازمة أحياناً.
  • عدم الإستقرار الوظيفي للشباب، فهناك شباب من الجنس يرغبون في الزواج ولهم نفس القدر من المال، ولكن الآباء وخاصةً أب الفتاة أو أمها يقفون حائلاً أمام ذلك بطلباتهم التي لا تنتهي عند سقفٍ محدد.
  • قد يؤدي غلاء المهور إلى الزواج من أجنبيات وخاصةً عند المغتربين في الخارج من الطلاب وغيرهم.
  • من أجل توفير مؤونة الزواج قد يضطر الشباب إلى ترك الدراسة والبحث عن العمل أو الهجرة خارج بلده.
  • تؤثّر تكاليف الزواج في شيوع مظاهر الأستهلاك الترفي الذي لا يخدم الإقتصاد الوطني، والذي يُعزز من الفوارق بين الأغنياء، والمقتدرين والفقراء.
  • تؤدي تكاليف الزواج المرتفعة إلى التعرّض للقروض والإستدالة من الآخرين ودخولهم في مشاكل وهموم لا تنتهي بسرعة.

شارك المقالة: