ما حكم الرياء في الإسلام؟

اقرأ في هذا المقال


حكم الرياء في الإسلام:

الرياءُ: هو مصدر راءى يُرائي رياءً أي مرائي، والمعنى: أنّهُ يفعلُ أمر ما حتى يراهُ الناس، فعلى سبيل المثال، يُصلي حتى يقال عنه أنّه يُصلي، ويتصدق على الفقراء والمساكين حتى يُقال عنه متصدق، وهذا من الرياء في الأفعال، ويُقال لما سمع سمعةً ويقول النبي عليه الصلاة والسلام: “من راءى راءى الله به، ومن سمع سمع الله به”. صحيح مسلم. وقال ابنُ حجر في وصف الرياء: وهو أن يُظهر شخصاً ما العبادة عن طريق العمد، من أجل رؤية الناس لها ويحمدوا صاحبها.

إنّ أغلب العبادات والأعمال لا تُقبلُ من العبد المسلم إلّا إذا كان مبتغياً فيها وجه الله تعالى سواء كانت صلاةً أو غير ذلك؛ لأنّ الإخلاص ركنٌ من أركان قبول العمل الصالح، فقال الله تعالى: “وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ” البينة:5. وقال تعالى: “فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ – الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ – الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ” الماعون:4-6.

إنّ الرياء من مفسدات الأعمال: وكما يؤجر الإنسان الأجر العظيم على نيته حتى لو تخلف العمل لعذرٍ ما، فإنّ الأعمال والأقوال الظاهرة إذا لم تصحبها نيّة صالحة، فإنّها تكون وزراً على صاحبها، وقد تكاثرت الأحاديث في الترهيب من مفسدات الأعمال، ومن أعظمها، الرياء.

فقد ذُكر في الحديث القدسي: “اذهبوا للذين كنتم تراؤون في الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم جزاءً”، وفي الحديث القدسي الآخر، قال تبارك وتعالى: “أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه” وفي صحيح البخاري عن أسامة بن زيد رضي الله عنه أنّ النبي عليه الصلاة والسلام قال: “يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق اقتاب بطنه، فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى فيجتمعُ إليه أهل النار فيقولون: يا فلان مالك، ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول، بلى، قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه” أخرجه مسلم.

قال ابن رجب الحنبلي: أعلمُ أنّ العمل لغير الله تعالى هو أقسام، فمرّةً يكون الرّياء محضاً بحيثُ لا يُقصد به غير مراءاةِ المخلوقين لهدفٍ دنيويٍ مثل حال المنافقين في صلاتهم، كما في قول الله تعالى: وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً” النساء: 142.

والرياء المحض هذا لا يكادُ يصدرُ من مؤمن في فرضٍ معين كالصلاة والصيام وأيضاً يصدرُ في الصدقةِ الواجبة أو الحج وغير ذلك من الأعمال الظاهرة التي تتعدى إنفاعها، فيجب أن يكون الإخلاصُ فيها عزيزٌ ومثل هذا الفعل لا يُشكك المسلم أنّه حابطٌ وبأنّ صاحب هذا الفعل يستحقُّ المقت من الله.

هناك بعض الناس لكي يحصلوا على مدح الناس يلجئون إلى وسيلةٍ تُسمّى بالرياء في غير العبادات، وهذه قد يدخلها نوعٌ من أنواع الرياء، ولكنّ حكمهُ مثل حكم الرياء في العبادات، فقد يكون مباحاً، وقد يكون طاعةً، وأحياناً يكونُ مذموماً وهذا بحسب الغرض المطلوب، كما بيَّن ذلك الغزالي في الإحياء حيثُ أنّه قال: فإن قلت فالرياء حرام  أو مكروه أو مباح أو فيه تفصيل.

الرياءُ هو سعي المرء للجاه، سواءٌ كان ذلك الرياء في العبادات أو ما يشبه ذلك، فهو يُشبه مطلب المال، فلا يُحرم من حيث أنّهُ طلب منزلة في قلوب العباد، ولكن كما يُمكن كسب المال بتلبيسات وأسباب محظورات.

فعلُ الطاعات من أجل ثناء الناس فقط، أو من أجل ثناء الناس مع طلب الأجر والثواب من الله تعالى، وكلُّ ذلك من قبيل الرياء المُحرم. فقد جاء في حدِّ الرياء المذموم، هو أن يعمل المسلم أمراً بعبادتهِ لغير وجه الله تعالى، بقصد اطلاعُ الناس على عبادتهِ، وكماله حتى يكون له منهم مال أو جاه أو ما يُشبه ذلك.

– من اقترب على عبادة لله تعالى من أجل هدفٍ دنيوي، مثل إظهار استقامته، والصلاح لكي ينال من وراء ذلك الأمرِ بزوجة محددة فيكون هذا من أنواع الرياء المحرم.

–  أنّ إخفاء العمل الصالح، مطلوب من أجلِ الحفاظ على الإخلاص، والابتعاد عن الرياء، ولا يجوز تعمد الكذب من أجل إخفاء العمل الصالح، بل يمكن استخدام التعريض للسلامة من الكذب، كقوله مثلاً، شخصٌ يسافر لقضاء حاجةٍ جواباً لمن سألك عن سفر الحجِّ، فهذا الأمر لا يُعتبر من الكذب.


شارك المقالة: