ما هو الحكم الشرعي لقراءة الفنجان في الإسلام؟

اقرأ في هذا المقال


الحكم الشرعي لقراءة الفنجان:

تُعتبر قراءة الفنجان نوعٌ من أنواع الكهانة، وقد حرمة الشريعة الإسلامية المجيء إلى الكُهان والعرافين والمُشعوذين، فعن ابي هريرة رضي الله عنه، عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: من أتى كاهِنًا فصدَّقَه بما يقولُ أو أتى امرأتَه حائضًا أو أتى امرأتَه في دُبرِها فقد برِئَ ممَّا أنزِلَ على محمَّدٍ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ” أخرجه ابو داود.

وقد حكم اللهُ تعالى على هذا الفعل بأنّه أذىً، فقال تعالى في كتابه الحكيم: ” وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ” البقرة: 222. فهذا الأمرُ مستقذرٌ وأنّ فيه استكراهٌ للمرأة عن غير حالتها الطبيعية، ولا يوجد في ذلك متعةً للطرفين، ذكرها العلماء.

وإذا “أتى رجلٌ امرأةً من دبرها”، أي بمعنى أنه جامعها من الخلف في الدُبر بدلاً من الفرج، وهذا الإتيانُ في غيرِ مكانِ الحرث الذي هو الفرج، ففيهِ تشبهٌ بقوم لوط، وفيه مخالفةً للفطرةِ السليمة والشريعة الكريمة، وفي ذلك الأمرِ أيضاً أضرار كثيرة، وهو سبب في إصابة الشخص ببعض الأمراض الشائعة. فقد تبرء ممّا أنزل الله على نبيه محمد عليه الصلاة والسلام، أي أنّه كفرَ وخرج مما أنزل على النبي محمد عليه الصلاة والسلام من الشرائع، إذا كان مُستحلاً لأحد هذهِ الأفعال. والمقصود بالكفر هو كفران النعمة، أو هو على وجه التغليظ والزّجر والتحذير لمن جاء بفعل هذه الأمور على أنّه ارتكب ذنباً عظيماً قريباً من الكفر.

إذن فدلالةُ الحديث هي الزجر والنهي عن أسئلة الكهنة وتصديقهم. وهناك أيضاً نهوا عن إيتان الحائض. وأيضاً في الحديث جاء النهي عن إيتان الأنثى من دُبرها. وكفارةُ تلك الأمور هي أن يستغفر الإنسان إلى ربهِ ويتوب إليه، وأن لا يعود إلى مثل تلك الأمور وأن يبتعد عنها وأن لا يُكررها، وأن يعقد النية والعزيمة ف الابتعاد عن هذه السلوكات الخاطئة، وأن يندم ندماً شديداً على هذه الأفعال.

ويؤكد أخصائيين الشريعة في جامعة العلوم الإسلامية إلى أن قراءة الفنجان باطلةً ومُحرمة ولا يجوز الأخذ بهذه الخرافات وأشباه ذلك كل هذا طريق للحرام ومن دعوى علم الغيب فإذا قال إنّه يعلم الغيب بهذه الأمور صار كافرا، لأن هذه أمور الغيب لا يعلمه إلا الله ولا يعلم الكف و الفنجان ولا غير ذلك؛ لأن علُم الغيب فقط لله وحده، فمن ادعى أنّه يستطيع قراءة الكف بإدعاء علم الغيب فكلُ هذا من الكفر بالله وحده. فيقول الله في كتابه العظيم لنبيه صلى الله عليه وسلم “قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب”، فمن ادعى بهذا فكله باطل وكله كفر وضلال. مبيناً العرافين وأمثالهم،  إنّما يكذبون على الناس ويقولون على الله غير الحق وهم يعلمون.

وتُعتبر قراءة الفنجان أمرٌ منهيٌ عنه وهو من خرافات الكهنةِ والعرافين، ولا يصحُ العملُ به سواء كان الكف أو الفنجان أو ما شابه ذلك ولا يصحُ أيضاً اللعب بالحصى أو ما يُسمّى الوَدع، فكلُ تلكُ الأمورُ ضلالٌ ومن دعوى علم الغيب، فإذا زعم شخصٌ ما أنّه يعلم الغيب بهذه الأمور صار  يُعتبرُ كافراً  وخارج عن ملة الإسلام، فعلمُ الغيب لا يستطيع أي أحد التلفظ به وأنّه هو الذي  يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ولا يستطيع أي أحد أن يضرب الحصى وبضرب الكف ولا الفنجانُ ولا بغير ذلك ممّا يتعاطاه المشعوذون، فمن زعم أنّه بضرب الكف أو ضرب الحصى أو حسابٌ بالأصابع أو بأي شيء من الأشياء أنّه يعلم الغيب فكل هذا من الكفر بالله، والله تعالى يقول: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ” النمل:65. ويقول تعالى في كتابه العزيز لنبيه عليه الصلاة والسلام: قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْب”. الأنعام:50. فمن ادعى بعمل الكف أو عمل الحصى أو الودع أو غير هذا من الحسابات فكله باطل وكله كفر وضلال نسأل الله العافية.

يقول البعضُ من أخصائية علمُ النفس بأن شُهرة مهنة العرافةِ خاصة “قراءة الفنجان” عرفها الناس في قديم الزمن بأنّها كانت للتسلية والسخريةِ فقط، ويرى الأخصائيون أن الإنسان بطبيعته كان يميلُ إلى معرفة الجزء المجهول في تلك الظاهرة، إنّ قراءة الفنجان تختصُ في الأمور المستقبلية والحياةِ القادمة أو ما يُعرف بسلوك الحيرة والتحزير والتخمين، فهذا لا يختصُ بطبقةٍ معينة من الناس، ولكن هناك البعض من العُلماء يُبلغون درجاتٍ علمية فائقة ويتعاملون مع هذه الأفكار؛ لأنّها ورثت من قديم الزمن ولا تزالُ راسخةً في حياة بعض البشر.

وهناك أمور لا يجوز البحثُ عنها مثل الموت أو الزواج أو الخلود أو ما شابه ذلك، وغير ذلك من المسلّمات، كما أنّ من يقوم بممارسة هذه الخرافات مثل قراءة الفنجان والكف والودع وغيرها، فإنّ لهم قدرات خاصة في الإيحاء والتلاعب بمشاعر وأحاسيس بعض البشر وأن حياتنا الملموسة التي نعيشها ليست هي الحياة كاملة، فهناك عالمٌ غيبي يتعايشُ معنا وهو ما يُعرف بالعلوم النفسية أي علم “الميتافيزيقيا” الذي يشير إلى كل ما يتعارض مع مفاهيم العقل البشري.

رأي العلامة ابن باز في قراءة الفنجان للتسلية:

يقول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: إنّ الكاهن من يدعي بأنه يعلم بعض الغيبيات، وأكثر ما يكون ذلك ممن ينظرون في النجوم لمعرفة الحوادث، أو يستخدمون من يسترقون السمع من شياطين الجن، ومثل هؤلاء من يخطُ في الرمل أو ينظر في الفنجان أو في الكف أو ما شابه ذلك، وكذا من يفتح الكتاب زعما منهم أنهم يعرفون  بعلم الغيب وهم كفار بهذا الاعتقاد؛ لأنّهم بهذا الأمر يدعون مشاركة الله في صفةٍ من صفاته الخاصة وهي علم الغيب، ومن أجل أن نكذبهم بقوله تعالى: “قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ” وقوله: “وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ”. وقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: “قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إلي”.

وأنّ كل شخصٍ جاء إليهم وصدقهم بما يقولون من علم الغيب فهو كافر وخارجٌ عن دين الله، لما رواه أحمد وأهل السنن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم” وروى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة”، وعن عمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له، ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم” رواه البزار بإسناد جيد.


شارك المقالة: