ما هو المهر في الإسلام؟

اقرأ في هذا المقال


ما هو المهر؟

المهر لغةً: هو الصَّداق. وسُمي الصّداق بذلك لإشعاره بصدقِ رغبةٍ باذله في الزواج الذي هو الأصلُ في إيجاب المهر، والفرق بين المهر والصّداق بأنَّ الصّداق هو ما وجب بالزواج، والمهر ما وجب بغير ذلك.
المهر شرعاً: هوالمال الذي تستحقه الزوجة على زوجها بالعقد عليها أو بالدخول بها حقيقة. فعرّفه صاحب العناية على هامش الفتح: بأنَّه المال الذي يجب في عقد النكاح على الزوج في مقابلة البُضْع إمّا بالتسمية أو بالعقد.
 وعرّفه البعض من الحنفية:” بأنَّ المهرهو ما تستحقه المرأة بعقد النكاح أو الوطء”.
أمّا المالكية قالوا: “بأنَّه ما يجعل للزوجة في نظير الاستمتاع بها”.
وعرّف الشافعية:” بأنَّه ما وجب بنكاح أو وطء أو تفويت بضْع قهراً، كرضاع ورجوع شهود”. 
وعرف الحنابلة المهر:” بأنَّه العِوض في النكاح، سواء سُمي في العقد أو فُرض بعدهُ بتراضي الطرفين أو الحاكم، أو هو العوض في نحو النكاح كوطء الشبهة ووطء المكرهة”.

وله عشرةُ أسماءٍ وهي: مهر، وصداق أو صدقة، ونِحْلة، وأجر، وفريضة، وحِبَاء، وعُقْر، وعلائق، وطَوْل، ونكاح، لقوله تعالى:“ومن لم يستطع منكمطَوْلاً” النساء:225 وقوله سبحانه:”وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً” النور:33. نظم بعضهم ثمانية منها في بيت.

ما حكم المهر في الزواج:

وحكمه: أنَّه واجب على الرجل دون المرأة، ويجب كما دلَّت التعاريف بأحد أمرين؛ إذ الوطء في دار الإسلام لا يخلو عن عَقْر (حد) أو عُقْر (مهر)، احتراماً لإنسانية المرأة، وينقسم إلى قسمين: حكم تكليفي، وحكم وضعي.

حكمه التكليفي:

اتفق الفقهاء على أنَّ المهر حق واجب للمرأة على الرجل، والدليل على ذلك في كتاب الله وسنته:
فقال الله تعالى:“وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا”،النساء: 24.
وقال تعالى:“فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا”،النساء:24.
أمّا في السنة:”أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتقَ صفية، وجعل عِتقها صَداقُها”.

حكمه الوضعي:

أنَّ الأرجح في مسألة المهر من حكمه الوضعي: هو اعتبار المهر أثراً من آثارالعقد المترتبة عليه، فليس هو بالشرط ولا بالركن، قال في التاج المذهب:فالمهرلازمٌ للعقد لا شرط، وهو قول أبي حنيفة والشافعي فإذا تمَّ العقد بدون ذكر المهر صحَّ باتفاق العلماء، ولكنَّه مع ذلك  يُستحب أن لا يُعرى الزواج عن تسمية الصّداق، وقد اختلف الفقهاء بناءً على ذلك في وقت وجوب المهر على قولين:
الأول: لا يجب المهر بنفس العقد، وإنَّما يجب بالفرض على الزوج أو بالدخول حتى لو دخل بها قبل الفرض فيجب مهر المثل، ولو طلقها قبل الدخول بها، وقبل الفرض ولا يجب مهر المثل، وإنَّما تجب المتعة، وإذا مات الزوجان لا يقضى بشيء لا للزوج ولا للزوجة.
الثاني: أنَّه يثبت بنفس العقد، وهو قول الحنفية، حتى أنَّ من تزوج امرأة، ولم يُسمِ لها مهراً، كان يسكت عن ذكر المهر، أو تزوجها على أنَّ لا مهر لها، ورضيت المرأة بذلك، وجب لها مهر المثل بنفس العقد، ولو ماتت المرأة قبل الدخول فيؤخذ مهر المثل من الزوج، ولو مات الزوج قبل الدخول تستحق المرأة مهر المثل من ورثته، ويجوز الزواج عندهم بدون المهر حتى يثبت لها ولاية المطالبة بالتسليم.

ما هي أدلة وجوب المهر:

القرآن: قال تعالى:“وآتوا النساء صدقاتهن نحلة”النساء:4؛ أي عطية من الله مبتدأة أو هدية. والمخاطب به الأزواج عند الأكثرية من العلماء، وقال بعضهم: الأولياء؛ لأنَّهم كانوا في الجاهلية يأخذونه، ويسمونه نِحلة، وهذا دليلٌ على أن المهرهو رمزٌ لإكرام المرأة، والرغبة في الاقتران.
 السنة: قال صلّى الله عليه وسلم لمريد التزوج:“التمس ولو خاتماً من حديد”. وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنَّه لم يخل زواجاً من مهر.
وتسن تسمية المهر في العقد؛ لأنَّه صلّى الله عليه وسلم لم يخل نكاحاً عنه، ولأنَّه أدفع للخصومة، ولئلا يشبه نكاح الواهبة نفسها للنبي صلّى الله عليه وسلم.
 وأجمع المسلمون على مشروعية الصَّداق في النكاح.

مالحكمة من وجوب المهر:

الحكمة من وجوب المهر هو: إظهار خطر هذا العقد ومكانته، وإعزاز المرأة وإكرامها، وتقديم الدليل على بناء حياة زوجية كريمة معها، وتوفير حسنُ النية على قصدِ معاشرتها بالمعروف ودوام الزواج بينهما. وفيه تمكين المرأة من التهيؤ للزواج بما يلزم لها من لباس ونفقة وما شابه ذلك.

وكون المهر واجباً على الرجل دون المرأة:فإنَّه ينسجم مع المبدأ التشريعي في أنَّ المرأة لا تُكلف بشيءٍ من واجبات النفقة، سواء أكانت أمَّةً أم بنتاً أم زوجة، وإنَّما يكلف الرجل بالإنفاق، سواء كانَ مهراً أو نفقةً للمعيشة وغيرها؛ لأنَّ الرجل أقدر على الكسب والسعي للرزق، وأمّا المرأة فوظيفتها إعداد المنزل وتربية الأولاد وإنجاب الذرية، فهذا عبءٌ ليس بالهيِّن ولا باليسير، فإذا كلفت بتقديم المهر، وألزمت السعي في تحصيله اضطرت إلى تحمُّل أعباء جديدة، وقد تمتهن كرامتها في هذا السبيل.

هل المهر ركناً أم شرطاً؟

المهر ليس ركناً ولا شرطاً في الزواج: فقد تبين في شروط الزواج أن المهر وإن كان واجباً في العقد إلّا أنَّه ليس ركناً ولا شرطاً من شروط الزواج، وإنَّما هو أثر من آثاره المترتبة عليه، لذا اغتفر فيه الجهل اليسير والغرر الذي يرجى زواله؛ لأنَّ القصد من النكاح الوصلة والاستمتاع، فإذا تمَّ العقدُ بدون مهر صح، ووجب للزوجة المهر اتفاقاً.
والدليلُ على ذلك: قوله تعالى:“لاجناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة” البقرة:236. فإنَّه أباح الطلاق قبل الدخول وقبل فرض المهر، ممّا يدل على أنَّ المهر ليس ركناً ولا شرطاً.

نكاح التفويض:

 قال ابن رشد وغيره: أجمع الفقهاء على أنَّ نكاح التفويض جائز: وهو أن يعقد النكاح دون صداق، لقوله تعالى:
“لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهنَّ، أو تفرضوا لهنَّ فريضة” البقرة:236. لكن نكاح التفويض يشمل عند الجمهور حالة الاتفاق على عدم المهر، وعدم تسمية المهر، وأمّا عند المالكية فيقتصر على الحالة الثانية، وأمّا الاتفاق على إسقاط المهر فيفسد الزواج.


شارك المقالة: