ما هو حكم الأذان والإقامة للصلاة الفائتة؟

اقرأ في هذا المقال


الأذان والإقامة للصلاة الفائتة:

لقد حُكي الاتفاقُ على استحباب الإقامة للفوائت للمنفرد والجماعة. والأذانُ للصلاةِ الفائتة إنّ كانت واحدةً سنةٌ على الصحيح من أقوال العلماء إنّ كانوا جماعة، لما رُوي في الصحيحين عندما فاتت صلاة الفجر النبيّ عليه الصلاة والسلام والصحابة حتى طلعت الشمس، وفيها قول النبي عليه الصلاة والسلام: “يا بلالُ قُم فأذن بالناس بالصلاة” فتوضأ فلما ارتفعت الشمسُ وابيضت قام فصلّى” رواه البخاري ومسلم.

وفي لفظٍ لأبي داود في سننه من وجهٍ آخر من حديث عمرو بن أمية الضميري مرفوعاً: “أمرَ النبي عليه الصلاة والسلام بلالاً فأذنَ، ثم توضؤوا وصلّوا ركعتي الفجر، ثُم أمرَ بلالاً فأقام الصلاة، فصلّى بهم صلاةُ الصبح” رواه أبو داود.

وأما الأذان للصلاة الفائتة إنّ كانت متعددةً، فيؤذنُ مرةً إنّ كانوا جماعةً على الصحيح، وهو قولُ الجمهور، خلافاً للحنفية لما روى أحمد والترمذي والنسائي عن أبي عبيدة عن أبيه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “أنّ المُشركين شغلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أربع صلواتٍ يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فأمر بلالاً فأذن، ثم أقام فصلّى الظهر، ثم أقام فصلّى العصر، ثم أقام فصلّى المغرب، ثم أقام فصلّى العِشاء” وروايةً أبي عبيدة عن أبيه، وإنّ لم يسمع منه، فهي صحيحة في حكم المتصل عند عامة النقاد.

قال الشافعي في القديم: إنّ المؤذنُ يؤذن ويُقيمُ للأولى وحدها، ومن ثم يُقيم للتي تليها، والدليلُ على ذلك، هو ما رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أن المشركين شغلوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أربع صلوات حتى ذهب من الليل ما شاء الله فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالا فأذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ثم أقام فصلى المغرب ثم أقام فصلى العشاء”؛ ولأنهما صلاتان جمعهما وقت واحد فكانتا بأذانٍ وإقامتين كصلاة المغرب والعشاء بالمزدلفة فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلاهما بأذان وإقامتين كالمغرب وقيل: إن أمل اجتماع الناس أذن وأقام، وإن لم يؤمل أقام، والدليل عليه أن الأذان يراد لجمع الناس  فإذا لم يؤمل الجمع لم يكن للأذان وجه وإذا أمل كان له وجه. قال أبو إسحاق وعلى هذا القول للصلاة الحاضرة أيضا إذا أمل الاجتماع لها أذن وأقام وإن لم يؤمل أقام ولم يؤذن .

الأذان والإقامة للمنفرد ولمن صلى في غير المسجد:

إنّ عامة العلماء على مشروعيتهما، للمنفرد وللجماعة في غير المسجد كالبيت أو العمل، والإقامة آكدُ من الأذان. فقد روى البخاري عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري أن أبا سعيد الخدري قال له: “إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو أو باديتك، فأذنت بالصلاة، فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جنّ ولا إنس ولا شهد له يوم القيامة” رواه البخاري. قال أبو سعيد: سمعتهُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

عن أنس رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم استمع ذات يوم، فسمع رجلاً يقول: الله أكبر، الله أكبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “على الفطرة، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، فقال: خرجت من النار” رواه مسلم. فنظروا فإذا هو راعي غنم.

وروى أحمد وأبو داود من طريق أبي عُشّانة عن عقبة بن عامر مرفوعاً: “يُعجب ربّكم من راعي غنم في رأس شظيةٍ، قطعة مرتفعة في رأس الجبل بجبلٍ يؤذنُ بالصلاة ويُصلي، فيقول الله تعالى: انظروا إلى عبدي هذا ويؤذن ويقيم الصلاة يخاف مني فقد غفرت لعبدي وأدخلتهُ الجنة”. رواه أحمد.

وروى عبد الرازق وأبو بكر ابن أبي شيبة عن معتمر بن سليمان التيمي عن أبيه عن أبي عثمان النهدي عن سلمان مرفوعاً: “إذا كان الرجل بأرض قيّ، فحانت الصلاة فليتوضأ، فإذا لم يجد ماءً فليتمم، فإنّ أقام، صلّى معه ملكان، وإنّ أذّن وأقام، صلّى خلفهُ من جنود الله ما لا يُرى طرفاه”. وقال عطاء: إذا كنت في سفر، فلم تؤذن ولم تُقم، فأعد صلاتك. والصحيح أنّ الأذان والإقامة، لا يجبانِ على المنفرد، ولا على الجماعة ممن صلّى في غير المسجد عند جمهور العلماء، فقد روى البيهقي وابن شيبة أنّ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: صلّى بعلقمه والأسود بغير أذان ولا إقامة، وقال: يُجزِئنا أذانُ الحيّ وإقامتهم.


شارك المقالة: