ما هو حكم السرقة من الأهل في الإسلام؟

اقرأ في هذا المقال


حكم السرقة من الأهل في الإسلام:

السرقة: وهي أمرٌ مُحرم في الإسلام، وهي من كبائر الذنوب، وتُعرف في الإسلام بأنّها أخذٌ مالٍ من شخصٍ آخر على طريق الخِفيةِ وبدون عِلمهِ أو بدون أن يشعر أو بدونِ إخباره، ويكون هذا المال في موضعٍ مخصوص، ويُتم أخذه كلهُ أو جزءٌ منه، ويُعتبر هذا أكلِ حقوق الغير بلا وجهِ حق، ولذلك حرّم الإسلام السرقة.

إنّ في السرقةِ هدرٌ لحقوق الإنسانِ وجهده، فيحرصُ الإسلام أشد الحِرص على أن يأخذ كل شخصٍ في المجتمع حقهُ، وأن لا يُسلب منهُ مُجبراً ودون علمهِ. لذلك فقد كان جزاء السارق من جنس عمله وأخذ ما لا يملك بغير وجه يستدعي أن تُقطع يدهُ، وهذه عقوبة تردع السارق عن الابتعاد عن السرقة وأن لا يفعل مثل هذا الأمر.

لقد عرف الفقه الإسلامي السرقة بأنّها: هي أخذ الشيء خفيةً، والسارق من وجهة نظر الإسلام، هو من جاء مستتراً إلى حِرزٍ فأخذ منه ما ليس له، وهي أخذ مالُ الغير على وجه الخِفية والاستتار، ولا ينطبقُ تعريف السرقة التي ينطبقُ عليها الحدّ ومن وجهة نظر الإسلام إلّا إذا تضمنت أخذُ مال الغير، بشرط أن يكون المال الذي أخذ مالاً محرزاً، أي محفوظاً في مكانٍ مُغلق ومقفلٌ عليه.

لقد ورد في تحريم السرقة قول الله تعالى: ” وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ” المائدة:38. وما جاء في الصحيحين وغيرهم بأنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: لعن الله السارق يسرق البيضة فتُقطع يده ويُسرق الحبل فتُقطع يده. وقال الرسول عليه الصلاة والسلام:لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمنٌ ولا يسرقُ السارقُ حين يسرقُ وهو مؤمنٌ ، ولا يشربُ الخمرَ حين يشربُها وهو مؤمنٌ ، ولا ينتَهِبُ نهبةً ذاتَ شَرَفٍ يرفعُ المسلمون إليها رؤوسَهم وهو مؤمنٌ” صحيح البخاري.

إنّ السرقة إذا وقعت من الابن دون سنّ البلوغ فليس عليه إثم، لقوله عليه الصلاة والسلام: “رُفع القلم عن ثلاث، وذكر منهم: وعن الصبيّ حتى يشيب” أخرجه أبو داود وابن ماجه. ويجب أن يُعيد المال الذي أخذه، ولا حدّ عليه، ولكن ينبغي أنّ يُعاقب بما يكفيه عن ذلك إذا كان يعقل ومُدرك، مع اختيار الأسلوب المُناسب لإشعاره بسوء ما فعل، ويجب في ذلك مراعاة الفئة العمرية للولد لكي ينشأ نشأةً صحيحة. وإذا كان الولد الذي سرق بالغاً، فقال عنه الجمهور أنّه لا قطع في سرقة الولد من مالِ أبيه؛ وذلك لوجوب نفقة الولد في مال أبيه؛ ولأنّه يرث ماله ولهُ الحق في دخول بيتهِ، وكلّ هذا شُبهات تدرأُ عن الحدّ.

لقد وجبت سرقة الولد من مال أبيه الحدّ  عند المالكية، فقال العدوي: أمّا الابن إذا سرق من مال أبيه أوجدهُ، فإنّه يُقطع لضعف الشبهة. ولكن إذا كان الولد قد أخذ من مالِ أبيه ما يحتاجهُ؛ بسبب أباهُ الذي لا يُعطيه من النفقة ما تكفي حاجتهُ، فهذا لا يُعتبر سرقةً بالاتفاق؛ وذلك لأنّ الولد أخذ حقه.

فقال عليه الصلاة والسلام لهند امرأة أبي سفيان عندما قالت له إنّ أبا سُفيان رجلٌ شحيح، وليس يُعطيني ما يكفي وولدي إلّا ما أخذتُ منهُ وهو لا يعلم، فقال: “خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف” رواه البخاري وأحمد وفي روايةٍ أخرى للبخاري: “لا حرج عليك”. قال القرطبي فيما نقله عن الحافظ ابن حجر: “خذي أمرَ إباحة بدليل قوله لا حرج”. فإذا كان أخذ الولد من مال أبيه بهذا الشكل، فليتق الله الوالدُ وليقم بما أوجب الله عليه من النفقة، علماً بأنّ إقامة الحدود ليست لآحاد الناس، ومعرفة من يستحق أنّ يُقام عليه الحدّ ومن لا يستحق من المسائل التي تختص بها المحاكم الشرعية.

إنّ مال المُسلم معصوم لا يجوز الأخذ منه إلّا بإذنه، بدليل قوله عليه الصلاة والسلام: كُلُّ المسلِمِ على المسلِمِ حَرامٌ عِرضُهُ ومالُهُ ودَمُهُ” رواه مسلم. وبناءً على ذلك الأمر، لا يجوز لأي كان أنّ يأخذ من مال أهلهِ إلا برضاهم، فإذا سرق مال أبيه أو أمه قبل البلوغ فلا إثم عليه، لارتفاع التكليف، لكن يجب عليك أن ترد إلى صاحب المال مثل ماله أو قيمته إنّ كان مقوماً، وكانوا لا يرضون بأخذك له، وإنّ كانت السرقة بعد البلوغ، فأنت آثمة وعليه المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى، ولا يعود الإنسان إلى هذه المعصية، ويجب ردّ المال إلى أهله.

قال أيضاً الشيخ عويضة عثمان: بأنّ الشخص الذي كان يسرقُ من مالِ أبيه أو أمّهِ ينبغي عليه أن يُخبرهما بما كان يفعل وأن يذهب إليهما ويعترفُ لهما بأنّه كان يأخذ منهم مالاً بدون علمهم؛ وذلك لأنه كان يطلب منهم ولا يعطوه، ففي تلك الحال هنا فإنّه لا يُقام عليه حدّ السرقة؛ وذلك لوجود شبهة ملك، كما قال عليه الصلاة والسلام: “ادرؤوا الحدود بالشبهات”. 


شارك المقالة: