ما هو حكم الطلاق للمرأة الحائض؟

اقرأ في هذا المقال


حكم الطلاق للمرأة الحائض:

الطلاق: فقد عرف الطلاق بأنّه هو حَلُّ قَيدِ النِّكاحِ بلَفظِ الطَّلاق ونحوه.

فلا يجوزُ على الزوج أن يُطلق زوجتهُ حال حَيضها؛ وذلك بدليل قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ” الطلاق:1، أي في حالِ يستقبلن به عدّة معلومة أثناء الطلاق، ولا يكون ذلك إلّا إذا طلقها حاملاً أو طاهراً من غير جماع؛ لأنّها إذا طُلقت حال الحيض لم تستقبل العدة حيث إنّ الحيضة التي طلقت فيها لا تُحسب من العدّة، وإذا طلقت طاهراً بعد الجماع لم تكن العدة التي تستقبلها معلومة حيث إنه لا يعلم هل حملت من هذا الجماع ،فتعتد بالحمل، أو لم تحمل فتعتد بالحيض، فلما لم يحصل اليقين من نوع العدة حرم عليه الطلاق حتى يتبين الأمر .

إنّ طلاقُ المرأة الحائض في أثناء حيضها محرمٌ بدليل الآية السابقة، ولما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر أنّه طلق زوجتهُ وهي حائضٌ، فأخبر عمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فتغيظ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: “مُره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدّة التي أمر الله أن تطلق لها النساء”. رواه البخاري.

فإذا طلق الزوج زوجتهُ وهي في فترة الحيض، فهو آثمٌ وإثمه كبير وعليه أن يتوب إلى الله وأن يَرد المرأة إلى عصمته لكي يطلقها طلاقاً شرعياً وموافقاً لأمر الله ورسوله، فيتركها بعد ردها حتى تطهر من الحيضة التي طلقها فيها، ثم تحيضُ مرة أخرى، ثم إذا تطهرت إن شاء أبقاها وإن شاء طلقها قبل أن يُجامعها.

استثناء بعض المسائل من تحريم الطلاق في الحيض:

1- إذا حدث الطلاق قبل أن خلوه بها، أو يمسها فلا بأس أن يُطلقها وهي حائض؛ لأنّه لا عدّة عليها حينئذٍ، فلا يكون طلاقها هنا مخالفاً لقوله تعالى: “فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ”.

2- إذا كان الحيضُ في حالِ الحمل.

3- إن حصل الطلاقُ على عوضٍ؛ فلا بأس أن يُطلقها وهي حائض.

أمّا إذا انعقد النكاحُ على المرأة وهي حائض، فلا بأس بذلك؛ لأنّ الأصل الحلّ، ولا دليل على المنع منه، لكن إدخال الزوج عليها وهي حائض، فسينظرُ فيه فإن كان يؤمن من أن يطأها فلا بأس، وإلّا فلا يدخل عليها حتى تطهر خوفاً من الوقوع في المحرم.

 اعتبار عدة الطلاق بالحيض:

أمّا إذا طلق الرجل زوجته بعد مساسها  ويخلي بها، فقد توجب عليها بأنّ تعتدّ بثلاث حيضات كاملات، إذا كانت من النساء التي تحيض، ولم تكُن حاملاً لقول الله تعالى:” وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ”. أي: ثلاث حيض، فإذا كانت حاملاً فعدتها حتى وضع الحمل كله، سواء طالت المدة أو قصرت لقوله تعالى: “ وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ”. أمّا إذا كانت من غير ذواتِ الحيض لكبر أو عملية استأصلت رحمها أو غير ذلك ممّا لا ترجو معه رجوع الحيض، فعدتها ثلاثة أشهر لقوله تعالى: “وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ”.

وأمّا النساء اللاتي تكون من ذوات الحيض، وارتفع حيضها بسبب مرضٍ أو رضاعٍ أو غير ذلك، فإنّها تبقى في العدة حتى إن طالت المدة حتى يعودُ الحيض، فتعتد به، فإن ذهب السبب ولم يعد الحيض بأن برئت من المرض أو انتهت من الرضاع وبقي الحيض مرتفعاً، فإنها تعتدُ بسنة كاملة من زوال السبب، هذا هو القول الصحيح، الذي ينطبق على القواعد الشرعية، فإنّه إذا زال السبب ولم يعد الحيض صارت كمن ارتفع حيضها لغير سبب معلوم وإذا ارتفع حيضها لغير سببٍ معلوم، فإنّها تعتد بسنة كاملة تسعة أشهر للحمل احتياطاً غالب الحمل، وثلاثة أشهر للعدة.

أمّا إذا حصل الطلاق بعد العقد وقبل أن يمسها أو يخلو بها، ففي هذه الحالة ليس هناك عدةٌ على الإطلاق لا بحيض ولا غيره لقوله تعالى:” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا”.

ما هو الحكم الشرعي لبراءة الرحم:

إنّ الحكم الشرعي لبراءة الرحم، هو إخلاءه من الحملِ، وفي هذا الأمر بيان وهو: إذا تُوفي شخصٌ عن زوجةٍ يرثهُ حملها، وعندها زوجٍ، فإن زوجها لا يطأها حتى تحيض، أو يتأكد من حملها، فإن ثبت حملها، فيُحكم له بإرثه، لحكمنا بوجوده حين موت مورثه، وإذا حاضت حكمنا بعدم إرثه ولحكمنا ببراءة الرحم بالحيض.

كيفية وجوب الغسل للحائض:

يتوجب على المرأة الحائض إذا تنظفت، فعليها أنّ تغتسل وتُطهر جميع البدن، وذلك لقوله عليه الصلاة والسلام: لفاطمة بنتُ أبي حبيش: “فإذا أقبلت الحيضةُ فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي” رواه البخاري.

وإنّ أقل واجب في الغُسل هو أن يعُم الغسل جميع البدن، حتى ما تحت الشعر، ويكون على الأفضل أن يكون على صفةِ ما جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، حيث سألته أسماء عن غسل المحيض فقال صلى الله عليه وسلم: “تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها فتطهر فتحسن الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكاً شديداً، حتى تبلغ شئون رأسها، ثم تصب عليها الماء، ثم تأخذ فرصة ممسكة، أي قطعة قماش فيها مسك فتطهر بها فقالت أسماء: كيف تطهر بها؟ فقال: سبحان الله، فقالت عائشة لها: تتبعين أثر الدم” رواه مسلم.

ولا يصحّ  إفلاتُ شعر الرأس، إلا أن يكون مربوطاً بقوة، حيث يخاف أن لا يصل الماء إلى جذوره وأصله، وذلك لما في صحيح مسلم من حديث أم سلمة رضي الله عنها أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني امرأة أشد شعر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة؟ وفي رواية للحيضة والجنابة؟ فقال: لا:  إنّما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين”.

وإذا أرادت الأنثى أن تتطهر من الحيض، وأحان وقت الصلاة؛ فيتوجب عليها أن تغتسل حتى من أجل إدراك الصلاة في وقتها المحدد، فإن كانت على سفر ولا لديها ماء أو كان عندها ماء ولكن خافت الضرر باستعماله، أو كانت مريضة يضرها الماء فعليها تتيمّم بدلاً عن الاغتسال حتى يزول المانع ثم تغتسل.

إنّ بعضاً من النساء تنظفُ من حيضها أثناء وقت الصلاة، وتؤجل الاغتسال إلى أخرِ وقت الصلاة؛ وإنّه لا يمكنها كمال التطهر في هذا الوقت، ولكن ليس عذراً؛ لأنّها تستطيع بأن تقتصر على أقل الواجب في الغسل، وأن تؤدي الصلاة في وقتها، ثم إذا حصل لها وقت سعة تطهرت التطهر الكامل. وهذه أهم الأحكام التي تترتب على وجود الحيض من المرأة .


شارك المقالة: