ما هو حكم تسوية الصفوف في الصلاة؟

اقرأ في هذا المقال


حكم تسوية الصفوف في الصلاة:

إنّ المقصود بتسوية الصفوف: هي أن يقف المأمومون في محاذاةِ بعضهم البعضُ، وأن لا يكون أحدٌ متقدماً عن الآخر، وأن لا يتأخرُ أحداً عن أحد، لا بل يكون الجميع متساويين ومصطفين، وأن يكون كل واحدٍ منهم بجانب الآخر. فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقِيموا صفوفَكم وتراصُّوا؛ فإنِّي أَراكُم من وراءِ ظَهري” رواه البخاري.

لقد تبيّن في بعض أحاديث الصِحاح على أن تتساوى صفوف المسلمين، وأنّ في تسويتها سدّ الفُرج والفراغات والخلل ومن تلك الأحاديث هو حديث النعمان بن بشير  الذي أتفق عليه، ولفظه كما في البخاري، فقال النبي عليه الصلاة والسلام:“عباد الله لتسوُّون صفوفكم أو ليُخالفن الله بين وجوهكم”. رواه البخاري.

إنّ بعض أهل العِلم اختلفوا على حكم تسوية صفوف المصلّين، حيثُ أشار بعضهم على أنّ تسوية صفوف الصلاة واجبة ومن يتركها فإنّهُ يؤثم وذلك بدليل حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أنّه قَدم المدينة فقيلَ له: ما أنكرت منا منذُ عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: “ما أنكرتُ شيئاً إلّا أنكم لا تُقيمون الصفوف” رواه البخاري.

وأيضاً وردَ عن الرسول عليه الصلاة والسلام بأنّه يأمرُ المسلمين بتسوية الصفوف، فقال: “سووا صفوفكم” متفق عليه. وقال عليه الصلاة والسلام أيضاً في من ناحية العموم: “صلّوا كَما رأيتموني أُصلّي” رواه مسلم.

وقال عليه الصلاةُ والسلام أيضاً: “أقيموا صُفوفكم فإني أراكم من وراءِ ظهري، قال أنس رضي الله عنه وهو الذي روى الحديث، وكان أحدُنا يَلزقُ مَنكبهُ بمنكبِ صاحبهِ وقدمهُ بقدمهِ”رواه البخاري.

أمّا جمهور أهل العِلم فقد ذهبوا على أنّه من السّنة أن يُسووا المصلين الصفوف والتأكيد على ذلك، وأنّه لا يؤثم تارك هذا الأمر حتى وإنّ كان قد فاتهُ خيرٌ كبيرٌ وفضلٌ عظيم. فمن المعروف على أنّ تسوية الصفوف هي سنةٌ مؤكدة ولم تكن واجبة عند جمهور العلماء ويجب التحلّي بها عند كلّ فرض، فمن تركها لا إثم عليه. وأمّا من طلب تسوية الصفوف من الآخرين ولم يجد أحد يفعل ذلك فإنه فعل ما عليه ولم يبقى عليه حرج.

من المندوب عند الشارع الإسلامي على أن تتساوى صفوف المصلين، وأن تُسدّ الخلل والفراغات في بين المصلين والأخصُ في صلاةُ الجماعة، فالحكمةُ في هذه التسويةِ هي تآلف المصليين فيما بينهم، واستقامتهم على نظامٍ واحد وجمعهم عليه؛ لأنّ ذلك يُعتبر من إقامة الصلاة. لقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: “سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلاَةِ” متفق عليه.

وقال الخطيبُ الشربيني: أنّ من السّنة تسكير فُرج الصفوف، وأنّه لا يُشرع في صفٍ حتى يُتم الأول، وأن يُوسعوا لمن يُريده، وهذا كله مستحب لا شرطَ فيه، ولكن إذا خالفوا تجوز صلاتهم ولكن مع الكراهة.

صلاة الرجل لوحده خلف الصّف:

إنّ صلاة الرجل المنفرد لوحده خلف الصف أمرٌ اختلف فيه جماعة أهل العلم، وكان ذلك على قولين وهما:

الأول: أنّ صلاتهُ باطلة ويتوجب عليه إعادتها، وثبت ذلك في مذهب الحنابلة، وعند طائفةً من السلف، ابن حزم وابن باز. ومن الأدلة على ذلك ما يلي:

عن علي بنِ شيبان، أنّه قال: صليتُ وراء رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فانصرف، فشاهد رجلاً يُصلي منفرداً لوحده خلف الصَّف، فوقف النبي عليه الصلاة والسلام حتى انهى الرجلُ من صلاتِه، فقال له: استقبلْ صلاتَك؛ فلا صلاةَ لفردٍ خلفَ الصفِّ” رواه ابن ماجه.

عن وابصة : أنَّ رَجُلًا صلى خلفَ الصَّفِّ وَحْدَه، فأمَرَه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يُعيدَ الصَّلاةَ” رواه أبو داود.

الثاني: وبعضهم قال بأنّ من يُصلي منفرداً خلق الصف، فإنّ صلاتهُ جائزةً، ولكن مع الكراهةِ وهذا عند الجمهور منهم الحنفية والمالكية والشافعيةِ. ومن الأدلة على ذلك القول هو:

عن أبي بكرةَ رضِي اللهُ عنه، أنّه انتهى إلى النبي صلى اللهُ عليه وسلم وهو راكعٌ، فركَع قبل أن يصِلَ إلى الصفِّ، فذكر ذلك للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: زادك اللهُ حِرصًا، ولا تَعُدْ” رواه البخاري. أي أنه لو كان هذا الانفراد قادحاً في الصلاة لكن أمرهُ بالإعادة. أمّا كلّ من جازت صلاتهُ منفرداً وراء الصف هي مثلُ صلاةِ المرأة خلف الرجل.


شارك المقالة: