ما هو حكم لبس النقاب في الإسلام؟

اقرأ في هذا المقال


حكم لبس النقاب في الإسلام:

لقد أمر الله تعالى المرأة بأنّ تحتشم وأن تستر وجهها وتغطيه، فإنّ أغلبية العلماء في القديم وفي الحديث اختلفوا في حكم النقاب على عدة أقوال وهي:

الأول: من المتوجب على المرأة المُسلمة بأن تستر وجهها أمام الأشخاص الأجانب؛ وذلك لأنّ الوجه يُعتبرُ عورة، وهذا رأي الإمام أحمد.

أمّا الأمر الثاني: وهو أنّ النقاب مستحب في الشريعة الإسلامية، وهذا في مذهب أبو حنيفة، وهناك بعض من علماء الحنفية والمالكية، ومنذُ فترةٍ بعيدة، بأنه يتوجب على المرأة أن تُغطي وجهها خوفاً من حلول الفتنة بها أو عليها.

والمقصود بالفتنة هي: أن تكون المرأة ذاتُ جمالٍ جالبٍ للأنظار، والمقصود بخوف الفتنة عليها هي أن يُفسد الزمان بكثرة الأشخاص الذين يُفسدون وانتشار الفُساق، فقال ابن عابدين الحنفي: أنّهُ تُمنع الفتاةُ الفتيةُ من أن تكشف الوجه بين الرجال؛ وذلك ولأنّ وجهها عورة، وأيضاً خوفاً عليها من الفتنة مثل مسه وإنّ أمن الشهوة لأنّه أغلظ. فالمعنى من هذا القول هو الامتناع عن كشف وجهها لكي لا يراها الرجال، وتحدث الفتنة، لأنّه مع كشف وجهها قد يقع النظر إليها بطريقة غير شرعية.

وهناك بعض الأدلة على وجوب النقاب ومنها قول الله تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً” الأحزاب:95.

فقد قرّر أغلبية المفسرون لهذه الآية الكريمة على أنّ معناها هي تغطية الوجه، فالجلباب هو الشي الذي يُوضع الرأس، فإذا أدني ستر الوجه، وقيل أيضاً إنّ الجلباب الشيء الذي يستر البدن، وهذا ما صححه الإمام القرطبي.

وهناك أيضاً قوله تعالى: “إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا” النور:31. ودليلٌ هذه الآية هو ظاهر الثياب، كما في قول ابن مسعود رضي الله عنه وهو رواية عن ابن عباس، أو معناه: ما ظهر منها عن غير قصدٍ، مثل أن يُكشف شيء من جسدها بفعل الهواء أو ما يُشبهُ ذلك.

وهناك أيضاً آية كريمة تتحدث عن الحجاب وهي قوله تعالى: “وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ” الأحزاب:53. فالطهارةُ هنا ليست تخص أمهات المؤمنين فقط، لا بل يحتاج إليها عامة المؤمنين جميعاً، لا بل أنّ جميع المسلمين أولى بالحكم من أمهات المؤمنين الطاهرات المبرَّءات رضي الله تعالى عنهنّ جميعاً.

ومن الأدلة أيضاً على لبس النقاب هي قوله تعالى: “وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ” النور:31. فقد روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: “حينما نزلت هذه الآية الكريمة أخذنّ أزرهنّ، فشققنها من قبلُ الحواشي فاختمرنّ بها” رواه البخاري. فقال الحافظ ابن حجر: أنّ معنى كلمة اختمرن أي غطينّ على وجوهِهنّ.

ويقول تعالى أيضاً: “وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ۖ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” النور:60. لقد بيّن الترخيص هنا للقواعد من النساء وهنّ الكبيراتِ اللاتي لا يشتهين بوضع ثيابهن، والمعنيُ بذلك الشيءُ هو الحجاب، وذلك بدليل قوله تعالى: “غير مُتبرجات بِزِينةٍ” بمعنى غير متجملات، فيما رَخص لهنّ بوضع الثياب عنه وهو الوجه؛ وذلك لأنّه مكان الزينة.

وقد دلّ هذا الترخيص للنساء الكبيرات أنّ غيرهنّ، وهن الشواب من النساء، أنّهن أمرن بلبس الحجاب، وبتغطية الوجه، منهيات عن وضع الثياب، ثُم خُتمت الآية بندبِ النساء العجائز بالاستعفافِ وهو كمال التسترِ سعياً في طلب العفاف، فقال تعالى: “وإنّ يَستعففنّ خيراً لهنّ”.

وعن ابن عُمر أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: “لا تنتقبُ المرأة المُحرمة ولا تلبس القفازين” رواه البخاري. وروى الترمذي وغيرهُ من حديث أبي هُريرة رضي الله عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: “المرأةُ عورة فإذا خرجت استشرقها الشيطان” فدلالة الحديث هي أنّ جميع جسم المرأة عورة من ناحية النظر.

وقال الإمام أبو بكر بن العربي: أنّ تغطية المرأة لوجهها بالبرقع أو النقاب هو فرض إلّا في الحجّ، فإنّها ترخي شيئاً من خمارها على وجهها دون أن يلتصق بها، وأنّها تُعرض عن الرجال  وهم يعرضون عنها. فقد قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: “كنّا إذا مرّ بنا الركبان في الحج سدلت إحدانا الجلباب على وجهها، فإذا جاوزناهُ كشفناهُ”.

وقد ورد في الصحيحينِ عن عائشة رضي الله عنها، أنّها قالت سمعتُ صوت صفوان بنُ المُعطل في غزوة الإفكِ يسترجعُ حينما نظر بأنها قد تخلفت عن الغزو قالت: “فلما سمعتُ صوتهُ خمرتُ وجهي، وكان قد رآني قبل الحجاب” فأدرك في ذلك الوقت بأنّ النساء كنّ قبل الحجاب لا يخمرن وجوههنّ وبعد الحجاب أصبحن يُخمرن وجوههنّ، لذلك كان الصحابيات يُخمرنّ وجوههنّ عن الرجال في حجّة الوداع مع النبي عليه الصلاة والسلام.


شارك المقالة: