اقرأ في هذا المقال
- حكم من جامع زوجتهُ في نهار رمضان
- ماذا يترتب على الجماع في نهار رمضان
- ماذا يترتب على المرأة إذا جومعت في نهار رمضان طائعة
حكم من جامع زوجتهُ في نهار رمضان:
إنّ الحكم على من جامع زوجتهُ في نهار رمضان عامداً متعمداً فصومهُ فاسد. ومن الأدلة على هذا الأمر هو القرآن والسنة والإجماع:
أولاً: القرآن الكريم: قال الله تعالى: “أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ”البقرة:187.
ووجه الدلالة في هذه الآية: هو أنّ الشارع علّق حلّ الرفث إلى النساء: أي الجماع، على ظهور الخيط الأبيض من الأسود من الفجر، وهذا هو وقت بداية الصيام، ثم بعد ذلك يُحب إتمام الصيام والإمساك عن ذلك الليل، فإذا حصل الجماع قبل الليل، فإنّ الصيام حينئذٍ لم يتم، فإنّهُ يكون باطلاً.
ثانياً: السنة النبوية: عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلَّم جاء إليه رجل فقال: “هلكتُ يا رسولَ الله. قال: وما أهلَكَك؟ قال: وقعْتُ على امرأتي في رمضانَ، فقال: هل تجِدُ ما تُعتِق؟ قال: لا. قال: هل تستطيعُ أن تصومَ شَهرينِ مُتَتابعينِ؟ قال: لا. قال: فهل تجِدُ إطعامَ سِتِّينَ مِسكينًا؟ قال: لا. قال: فمكث النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فبينا نحن على ذلك أُتِيَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعرق فيها تمر والعَرق: الْمِكتَل قال: أين السَّائِلُ؟ فقال: أنا. قال: خذْ هذا فتصَدَّقْ به. فقال الرجُلُ: على أفقَرَ مني يا رسولَ اللهِ؟ فواللهِ ما بين لابَتَيْهان يريدُ الحَرّتينِ أهلُ بَيتٍ أفقَرُ مِن أهل بيتي. فضَحِكَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتى بدَتْ أنيابُه، ثم قال: أطعِمْه أهلَك” رواه بخاري ومسلم.
ثالثاً: الإجماع: وفي مثل ذلك نقل ابن المنذر وقال: أن الله تعالى على الصَّائم بأن يُجامع زوجتهُ نهار رمضان. وقال ابن حزم أيضاً بأنهم اتفقوا على أنَّ الجماع في الفرجِ للمرأة، إذا كان ذلك أثناء النهار وعمداً، وهو ذاكر لِصيامِه ففي هذه الحالةِ يُنتقضُ صيامَه. أما قول ابنُ قدامة وهو: أنّنا نعلم بين أهلِ العلم خلافاً في أنَّ من جامع في الفرج، فأنزل أو لم ينزل أو دونَ الفرجِ فأنزل؛ أنّه يفسد صومه إذا كان عامداً.
ماذا يترتب على الجماع في نهار رمضان:
– الكفارة: وتجبُ الكفارة على الشخص المُجامع، وكان هذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة، الشافعية والحنفية والمالكية والحنابلة. والدليلُ على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه: “أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمواقع أهله في رمضانَ: هل تجدُ ما تُعتق؟ قال: لا. قال: هل تستطيعُ أن تصومَ شَهرينِ مُتَتابعَينِ؟ قال: لا. قال: فهل تجِدُ إطعامَ ستِّينَ مِسكينًا؟ قال: لا” رواه البخاري.
– القُضاء: يتوجب على من جامع زوجتهُ في نهار رمضان، أن يقضي هذا اليوم، ذلك باتفاق أصحاب المذاهب الأربعة. فقال السرخسي: إذا جامع الزوج زوجتهُ عامداً فقد توجب عليه أن يُكملَ صومهُ في ذاك اليوم كسائر الصائمين، ولكن توجب عليه يقضي وأن يُخرج كفارة، أمّا جمهور العلماء قالوا أيضاً بوجوب القضاء لأمرين وهما: أولاً: لأنّه أفسد صومَه الواجب، فلزمه القضاءُ، كالصلاة والأمر الثاني: لأنه إذا وجب القضاءُ على المفطِر بعُذرٍ، فعلى المتعمِّد ذلك من باب أنّه أَولى.
ماذا يترتب على المرأة إذا جومعت في نهار رمضان طائعة:
إذا جامع الرجل زوجته في نهار رمضان وهي راضية ومُطيعة، فقد توجب عليها أن تقضي هذا اليوم وأن تدفع الكفارة، وهذا رأي المذاهب الأربعة، وهذا ما يتعلقُ بالقُضاء؛ وذلك لأنّهُ فاتها الصيام من غير عذر، فوجب القضاء. أمّا بالنسبة للكفارة، فهذا الأمرُ يُقاسُ على الرجل؛ وذلك لأنّ الأحكام الشرعية تتساوى فيها الرجل مع المرأة، ما لم يكن هناك دليلٌ على خلافه، فالمرأةُ اعتدت على حرمت الشهر بالجماع، فتوجبت عليها الكفارةُ مثل الرجل. وأمّا بالنسبةِ للكفارات فإنّهُ لا يتشارك فيها، فإنّ كلٌ منهما حدث منه ما يُنافي الصيام من الجِماع، فكانَ على كل واحدٍ منهما كفارة.
والدليلُ على ذلك هو حديث أبي هريرة مرفوعاً: “من أفطَرَ في شهرِ رَمضانَ ناسيًا؛ فلا قضاءَ عليه ولا كفَّارةَ” رواه ابن خزيمة. ووجه الدلالةِ هنا هو أعمُ بأن يكون أكلٌ أو شرب. فشمل الجماع. وأنّ أغلب ما كان يردُ في الأحاديث بشأن هي الكفارة في الجماع أنّ في بعضها “هلكتُ” وبعضها “احترقتُ” ولا يحدثُ مثل ذلك إلّا إذا كان متعمداً، ولأنّ الناسي ليس عليه إثمٌ بالجماع.
وهناك أيضاً قياساً على الطعام والشراب ناسياً، فقد صح الحديث حينما قال من أكلَ ناسياً لا يُفطر، وكان الجماع في معناه، وقد خصّ بذلك الذكر الطعام والشراب؛ وذلك لأنّهما غالباً ما يقعا، وأيضاً لعدم الاستغناء عنهما.