ما هي آثار المعاصي شرعاً وقدراً؟

اقرأ في هذا المقال


آثار المعاصي شرعاً وقدراً:

لقد أوضح ابن القيم رحمه الله أن للوقوع في معاصي الله تعالى وانتهاك حرماته، لها آثارعقابية شرعاً وقدراً، تحيط بالعاصي وتلمُّ به وهي في مجموعها تنقسم إلى قسمين:
– قدريةً.
– شرعية.

العقوبات القدرية:

العقوبات القدرية هي ما ينتج من انتهاك حرمات الله، وارتكاب معاصيه من الآثار العقابية القدرية المذمومة المضرة بالدين والجسد والقلب وغير ذلك؛ ممّا يحيط بالعاصي ويلم به في مراحل سفره، سواء كان في الدنيا أو الآخرة وهي متفاوتة بحسب تفاوت المعاصي في درجاتها ومضراتها.

أنواع المعاصي العقابية القدرية:

ومن آثار المعاصي العقابية القدرية، فقد ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى أنوعاً كثيرة من الآثار العقابية في كتاب الداء والدواء، ولكن في معرض كلامه عن أسباب الصبر عن معاصي الله تعالى في “طريق الهجرتين” فقد ساق منها جملة على سبيل الإجمال فقال:” منها سواد الوجه، ظلمة القلب، ضيقةً وغمه، حزنه وألمه وانحصاره، شدة قلقه واضطرابه، تمزيق شمله، ضعفه عن مقاومة عدوه، تعرّيه عن زينته بالثوب الذي جعله الله له وزينه به، العصرة التي تناله، القسوة والحيرة في أمره، تخلي أهله وناصرينه عنه، تولي عدوه المبين له، تواري العلم الذي كان مستعداً له عنه، نسيان ما كان حاصلاً له أو على ضعفه، ومرضه الذي استحكم به وهو الموت لا شك، فالذنوب تميت القلب ومنها إهانة بعد عزّ وغير ذلك الكثير.

تقسيم العقوبات القدرية:

ذُكر هناك ثلاثة أقسام للعقوبات القدرية وهي:


1. تقسيمها باعتبار العموم والخصوص.
2. باعتبار المحل الذي تقع فيه.
3. بااعتبار المكان الذي تقع فيه.

تقسيمها باعتبار العموم والخصوص:

إن مثل هذه العقوبات القدرية أما أن تقع على المتلبّس بالمعصية خاصة ولا تتعداه إلى سواه، أو إما أن تتعداه إلى غيره فيكون لها أثرٌ على مجتمعه. ويتبين لنا من هذا التنويع، أن العقوبة القدرية تقع عامة وخاصة، فإن المعصية إذا خُفيت فلا تضرُ إلا صاحبها، وإذا أعلنت ضرت الخاصة والعامة، وإذا رأى الناس المنكر واشتركوا في ترك إنكاره، أوشك أن يعمهم الله بعقابه. إذًا فيتبين لنا أن العقوبات القدرية قسمة إلى نوعين وهما عامة، وخاصة:
العامة: بمعنى وقوعها على العاصي وغيره، ومجال عمومها، إذا أعلنت وجاهر المذنبون بمعاصيهم ولم ينكر المسلمون ذلك.
الخاصة: وتأتي بمعنى وقوعها على المتلبس للمعصية دون غيره، فيما إذا كان العمل بها خفياً لم تقع المجاهرة به.

تقسيمها باعتبار المحل الذي تقع عليه:

فالآثار العقابية القدرية للمعاصي باعتبار المحل الذي تقع عليه تنقسم إلى قسمين:

1. القسم الأول: على الأبدان والأموال، مثل ارتفاع النعم وحلول النقم، وحدوث الأمراض والآفات في الأبدان والثمار، وتسلط الرعاة على الرعية.
2. على النفوس والقلب: مثل إضعاف القلب عن إزالة الطاعة، والطبع عليه، وتوريثه الذّل، وإفساد العقل وإلغاء نور النفس، وسقوط الجاه والكرامة. والتي تكون على القلب أيضاً لها أمرين:
الأول: آلام وجودية تضرب القلب.
الثاني: قطع المواد التي بها حياة الإنسان وصلاحه عنه.

تقسيمها باعتبار المكان الذي تقع فيه:

وهذا تقسيمٌ ثالث لأثر المعاصي العقابية القدرية بالنسبة لظرف وقوعها المكاني، وقد قسم هذا النوع إلى ثلاثة أقسام أخرى وهي:
1. عقوبات في دار الدنيا.
2. عقوبات في دار البرزخ.
3. عقوبات في الآخرة.
فقال الله تعالى في كتابه العزيز:” وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ“طه:124.

العقوبات الشرعية:

إن العقوبات الشرعية هي أثرٌ من آثار التلبس بمعاصي الله تعالى، وفعل الآثام، والمراد بها، هو ما يرتبه الشارع على ذلك، سواء كان حدّ، كفارة، تعزير. وهذا الأثر العقابي الشرعي الحكمي، هو ما عرف باسم الحدود والتعازير، إذا ما استثني ترتيب الكفارة. وقد ذكر أن المعاصي بالنسبة لترتب هذا الأثر تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
1. وهو ما فيه حدّ مقدر، مثل الزنى والسرقة والقذف وشرب الخمر. فهذا القسم لا كفارة فيه ولا تعزير.
2. ما فيه كفارة، كالجماع في الإحرام، والجماع في نهار رمضان، وولاء المظاهر منها قبل التكفير، والقتل الخطأ، والحنث في اليمين، وهذا ليس فيه حدّ.
3. ما ليس لا حدّ ولا كفارة فيه، وفيه التعزير وهي نوعان:
– ما كان الوازع طبيعياً، مثل أكل العذرة، وشرب البول والدم.
– وما كانت مفسدته أدنى من مفسدة ما رتب عليه الحدّ، كالنظر والقبلة واللمس والمحادثة وسرقة شيء تافه وغير ذلك. فنستنتج من العقوبات الشرعية المترتبة على المعاصي هي ثلاثة أنواع: حدّ مقدر، كفارة مقدرة، تعزير.

إن المعاصي بالنسبة لترتيب هذه العقوبات الشرعية التي تترتب على المعاصي فهي أيضاً ثلاثة أنواع:

– معصية فيها حدّ مقدرة فلا كفارة فيها ولا تعزير.
– معصية فيها كفارة مقدرة فلا حدّ فيها بالاتفاق ولا تعزير.
– ومعصية لا حدّ فيها ولا كفارة وفيها تعزير.

المصدر: كتاب الحدود والتعزيرات عند ابن القيم، تأليف بكر بن عبد الله أبو زيد.كتاب الفقه الإسلامي وأدلته، وهبة الزحيلي، باب الحدود.كتاب الحدود في الإسلام من فقه الجريمة والعقوبة،للدكتور حسن عيسى عبد الظاهر.كتاب الحدود، نايف الجهني.


شارك المقالة: