ما هي الأساليب التي اتبعها النبي صالح عليه السلام لدعوة قومه؟

اقرأ في هذا المقال


الأساليب التي اتبعها النبي صالح عليه السلام في دعوة قومه:

من الأساليب التي استخدمها النبي صالح عليه السلام في دعوة قومه إلى الهداية ودين الإسلام هي ما يلي:

  • الدعوة بالحجة والدليل:
    بالرغم من وضوح المنهج، ونصاعةِ الدعوة التي دعا بها صالح عليه السلام لقومه، فقد بدأ واضحاً جلياً أن قومه ثمود لم يصدقوه، وكانوا دائماً يكذبوه ويشككون في دعوته، ويتهمونه بالسحر والجنون والسفاهة، لكن نبي الله صالحاً عليه السلام، نفى كل ذلك عن نفسه، فطلبوا منه دليلاً وبينة واضحة على صدق ما يدعو إليه، لكي يُثبت لهم أنه رسول من رب العالمين أرسله لهم، فقد استجاب الله تعالى لطلبهم، وأيد نبيه صالحاً عليه السلام بالمعجزة الخارقة للعادة، التي لم يعتد عليها الناس، تصدق رسوله فيما يدعو إليه، فلم يكن هذه المعجزة مثيل من قبل ولا بعد، وقد كانت معجزة الناقة بمثابة دليلٍ وبينةٍ وآية على صدق ما يدعو إليه صالح عليه السلام.
    واستشهد نبي الله صالح عليه السلام على صحة نبوته عند قومه ثمود بمعجزة الناقة؛ لأنهم سألوه إياها آية ودلالة على حقيقة قولهِ. فقال الله تعالى: “وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ هَٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً ۖ فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ ۖ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ“. الأعراف:73.
    قال الطبري في تفسيره: حيث قال صالح لثمود: يا قوم اعبدوا الله وحده لا شريك له، فما لكم إلهٌ يجوز لكم أن تعبدوه غيره، وقد جاءتكم حُجة وبرهان على صدق ما أقول، وحقيقة ما إليه أدعو، من إخلاص التوحيد لله وإفراده بالعبادة دون سواه، وتصديقي على أني له رسول وبيّنتي على ما أقول وحقيقة ما جئتكم به من عند ربي، وحجتي عليه، هذه الناقة التي أخرجها الله من هذه الهضبة، دليلاً على نبوّتي وصدق قولي، فقد عرفنا أنه هناك معجزات لا يقدر عليها سوى الله تعالى.
  • التذكير بنعم الله وآلائه على قومه:
    لقد أنعم الله على العباد بنعمٍ كثيرة جلية تستحق الشكر والحمد والثناء، ولكن كثيراً من العباد لم يستغلوا هذه النِعم في طاعة الله تعالى وشكره على النعم بل كفروا وجحدوا بآيات الله، وعَثوا في الأرض مفسدين، فكان من بين هؤلاء الناس قوم ثمود الذين أنعم الله إليهم نبيه صالحاً عليه السلام يدعوهم إلى الله عزّ وجل، يذكرهم بنعم الله عليهم، واستخلافه لهم في الأرض من بعد قوم عاد، من أجل إلى الله وينتهوا عن عبادة غيره، ولكن طغى القوم واتبعوا خطوات الشيطان، وكفروا بأنعم الله، وهنا يدعوهم صالح عليه السلام لعبادة الله ويذكرهم بنعمةٍ عليهم من صناعة القصور في السهول بإتقانٍ وإحكام، وأن الله قد استخلفهم في الأرض بعد قوم عاد، وأعطاكم القوة والجلد، وعلمكم نحت البيوت في بطون الجبال، وصناعة القصور في السهول، كل ذلك لعلهم يرجعوا إلى رشدهم ويؤمنوا بالله.
  • أسلوب القدوة في الدعوة:
    لقد أرسل الله تعالى نبيه صالح عليه السلام لقوم ثمود يدعوهم إلى عبادة الله وحده ولا يشركوا به شيئاً. وذكر القرطبي: أن صالحاً عليه السلام كان من أوسطهم نسباً وأفضلهم حسباً، فدعاهم إلى الله تعالى حتى أبيض شعره وشاب، وكان صالح عليه السلام صاحب رأي ومشورة في قومه، وكان القوم يرجون أن يكون صالح عليه السلام سيداً عليهم لسدادة رأيه وفطنته وأمانته، ولما فيه من الخير والرشاد، وهذه أخلاق الأنبياء قبل البعثة، فقد اختار الله خيرة خلقه لحمل أمانة الدعوة والتبليغ، فكان صالح من أولئك النفر الذين اختارهم الله، وكان قدوةً لقومه قبل البعثة، والناس تقتدي دائماً بالصالحين وأصحاب الرشد والسؤدد والقدوة دائماً يجب أن يتحلى بكل ما هو حميد؛ لأن الناس ينظرون إليه بأنه هو القدوة وهو المتبع فيقلدونهُ، قال تعالى: “لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا” الأحزاب:21.
  • أسلوب الترغيب والترهيب:
    إن النفس البشرية تميل إلى الرغائب والثواب والجزاء وتحت الحوافز، وتكره وتنفر من العقوبة والحرمان، وما خلق الله تعالى الجنة إلا جزاءً للطائعينَ العابدين المؤمنين بالله تعالى، وما خلق الله النار إلا عقوبة العاصين المكذبين، وقد نجد تساوقاً مع هذا الميل الفطري للنفس البشرية، ولو تتبعنا بعض آيات الترغيب والترهيب في كتاب ربنا لوجدناها متلازمات مع بعضها البعض، والحكمة من ذلك أن من لا يتأثر بآيات الترغيب وثوابه، قد يتأثر بآيات الترهيب وعقابه، فالترغيبُ في الثواب يحفز الإنسان على الإخلاص والاجتهاد في العمل، بينما الترهيب يردع هذه النفس عن التمادي في الغي والضلال والفساد خاصةً أن الله قد بين في كتابه عاقبة ذلك وأثره.
    فالمتتبعُ لآيات القرآن الكريم يجد أن نبي الله صالحاً عليه السلام لم يدخر جهداً في دعوة قومه، فقد استخدم جميع أساليب الدعوة إلى الله، والسبل، والسبل الممكنة في دعوة قومه فتارة يرغبهم لعلهم يَذكروا فيؤمنوا، وتارةً يُرهبهم لعلهم يخافون فيَتركوا ما هم عليه من عبادة الأصنام.
    سنتوقف عند بعض آيات الترغيب التي دعا بها صالح قومه: قال تعالى: “فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ ” هود:61. فقد فسر القاسمي هذه الآية بمعنى: فاستغفروه أي من الشرك، ثم توبوا إليه بالتوحيد إنّ ربي قريبٌ مجيب أي قريب الرحمة لمن استغفره، مجيب دعاه بالقبول. وقال تعالى أيضاً: “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ” البقرة:186.
    أما أسلوب الترهيب الذي استخدمه النبي صالح عليه السلام، أنه أخذ يرهبهم ويخوفهم من عقاب الله تعالى ويُذكرهم نِعم الله عليهم ويُحذرهم عذاب الله، فقال عزّ وجل: “فاتَقّوا اللهَ وأطِيعُونِ”. الشعراء:42. قال محمد الشافعي: أي خافوا من عقاب الله في مخالفتكم لي في دعواي.
    ثم يأتي الترهيب الأعظم من ذلك الترهيب، وهو عندما طلبوا منه بينة ومعجزة تدل على صدق دعوته ونبوته فجاءهم بالناقة معجزةً خارقةً للعادة، وحذرهم من أن يَمسوها بسوءٍ فيُصيبهم عذابٌ من الله عزّ وجل أليم بسبب عصيانهم، فقد أمر الرسول، وتكذيبهم في أمر المعجزة “الناقة”. فقال تعالى: “هَٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً ۖ فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ ۖ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ” الأعراف:73.
  • أسلوب الصدق والأمانة في الدعوة:
    إنّ الأنبياء عليهم السلام كانوا أفضل الناس أخلاقاً، فقد ميّزهم الله عن بقية الناس بحسن أخلاقهم، وكان من أجمل تلك الأخلاق الصدق والأمانةِ، فالنبي الكريم محمد عليه الصلاة والسلام كان في الجاهلية يُلقب بالصادق الأمين، ونحن بصدد الحديث عن صدق وأمانة نبي الله صالح عليه السلام في دعوته وصفاته وأخلاقه مع قومه، بما اتصف هذا النبي الكريم صلوات الله عليه. فقال تعالى: “إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ- فاتقوا الله وأطيعُونٌ” الشعراء:143-144.

شارك المقالة: