ما هي الحكمة من تحريم الخمر والمسكر؟

اقرأ في هذا المقال


الحكمة من تحريم الخمر والمسكر:

هناك حكم كثيرة بليغةٌ وظاهرة لكلِ متأمل ولكل فقيه نفس في تحريم الخمر والمسكر، وقد بين مجمل تلك العلاقة ابن القيم رحمه الله بقوله: ” حرم الله سبحانه السكر لأمرين ذكرهما في كتابه وهما:
إيقاع العدواةِ والبغضاء بين المسلمين، والصدّ عن ذكر الله وعن الصلاة، وذلك يتضمن حصول المفسدة الناشئة من النفوس بواسطة زوال العقل، وانتفاء المصلحة التي لا تتم إلا بالعقل، وإيقاع العدواةِ من الأول والصدّ عن ذكر الله من الثاني.
وأشار ابن القيم رحمه الله إلى الضرر البالغ الكبير الذي يسببه الخمر على الدماغ العقل وذلك بقوله: إن الخمر هو أم الخبائث التي ما جعل الله لنا فيها شفاءٌ قط، فإنها شديدة المضرة بالدماغ الذي هو مركز العقل عند الأطباء وبعض الفقهاء والمتكلمين.
لقد قال أبقراط في أثناء كلامه في الأمراض الحادة، إن ضرر الخمر بالرأس شديد؛ لأنه يُسرِع في الارتفاع إليه، ويرتفعُ بارتفاعه الأخلاط التي تعلو في البدن، وهو في تلك الحالة يضرُ بالذهن.

عقوبة شارب الخمر والمسكر:

لقد أتت الشريعة الإسلامية المطهرة بعقوبة محددة لمن شرب الخمر وتَعاطى السكر تأديباً وتطهيراً له، ولعلهُ يرتدع وينتهي عن فعله القبيح، وقد ذهب جمهور من الفقهاء رحمهم الله إلى أن عقوبة شارب الخمر حدّية مقدرة وأن الخلاف إنما حصل في تقدير عدد جلدات الحدّ، وممّن قال بالإجماع على هذا الأمر ابن عبد البر وابن حزم وابن قدامة وغيرهم.

إذا تقرر أن عقوبة شارب الخمر حدّية مقدرة من الشارع، وإنما وقع الخلاف في تقدير هذه العقوبة، فإن الفقهاء رحمهم الله إنهم اختلفوا في تقدير حدّ شرب الخمر على قولين:
1. إن حد شرب الخمر يُقدر بثمانونَ جلدة، وهذا مذهب الحنفية، المالكية ووجه عند الشافعية والحنابلة. وكان دليلهم هو إن الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا في عهد عمر رضي الله عنه على أن حد الخمر ثمانون جلدةً، ولم يُعرف لهم مخالف، وتوجب عليهم الأخذ به.
2. أن حدّ شرب الخمر أربعون جلدة، وهذا كان مذهب الشافعية، ورواية عند الحنابلة رحمهم الله. وقد رأى شيخ الإسلام ابن تيمية، أن حدّ شارب الخمر هو أربعون جلدة، وما زاد عليها إلى الثمانين فهو تعزيرٌ راجع للإمام، وقد انتصر لهذا القول العلامة ابن القيم.
والدليل على هذا القول: إن النبي صلّى الله عليه وسلم جلد شاربُ الخمر أربعين سوطاً، وفعله حجة لا يجوز تركهُ لفعل غيره، ولا يجوز انعقاد الإجماعِ بخلافه، وقد تبعه على ذلك أبو بكر وعلي رضي الله عنهما.
وقد رجحوا في هذا الأمر القول الثاني، وهو أن مقدار حدّ شارب الخمر أربعون جلدةً، وأنه يجوز الزيادة عليه تعزيراً إلى الثمانين أو أقل أو أكثر، وهذا رأي المحققين من أهل العلم.


شارك المقالة: