الملائكة مخلوقات خلقها الله تعالى بصفات خاصة ومميزات كثيرة، وهي مخلوقات غيبية لا يراها البشر، لكن أعلم الله تعالى عباده بها، وأمرهم بالإيمان بوجودها، ووردت نصوص قرآنية، وأحاديث نبوية تُبين للناس، صفات الملائكة وقدراتهم، وسنتعرف هنا عزيزي القارئ على قدرات الملائكة، كما جاء في كتاب الله تعالى وسنة نبيه الكريم.
القدرات التي تتميز بها الملائكة:
قدرتهم على التشكل:
القدرة على التشكل هي ميزة أعطاها الله تعالى لمن خلق من الملائكة، وجعلهم قادرون على التشكل بأشكال غير أشكالهم، فالملائكة يتشكلون على شكل البشر، حيث بعث الله عز وجل جبريل _عليه السلام_ إلى السيدة مريم، على صورة إنسان، فقال تعالى: “وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا* فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا* قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا* قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا” سورة مريم 16- 19.
كما جاء الملائكة إلى إبراهيم _عليه السلام_ على صورة بشر، ولم يكن إبراهيم عليه السلام قادراً على معرفة حقيقته، إلّا بعد أن أعلموه بحقيقة أصلهم، وأنهم ملائكة من السماء، وليس من البشر. وهناك الكثير من الأمثلة التي تتحدث عن قدرة الملائكة على التشكل.
سرعتهم العظيمة:
أثبت الله سبحانه وتعالى لعباده بأنّ الملائكة مخلوقات، تتميز بالسرعة الكبيرة، لا يمكن قياسها أو حسابها بحسابات البشر ومقاييسهم، فكان جبريل _عليه السلام_، يأتي للنبي _صلى الله عليه وسلم_ برسالات ربه عز وجل، بمجرد ما انتهى السائل من سؤاله، فيكون جبريل _عليه السلام قد قطع آفاق الكون ووصل للنبي _عليه الصلاة والسلام_ بالجواب.
علمهم الوفير:
وعلم الله تعالى ملائكته علماً كثيراً، فهم يتميزون بالعلم الوفير، إلّا أن الله تعالى أعطى الإنسان قدرة أكبر على التعلم والتعرف على الأشياء، فقال تعالى: “وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ* قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ”سورة البقرة 31- 32.
فقد أعطى الله سبحانه وتعالى الإنسان نعمة التعرف والتدبر والاكتشاف، ليعلم بقدرة الله تعالى ويدرك حكمته في الكون، لكن علم الملائكة تعليم مباشر، وفي المقابل فإنّ الله تعالى علم ملائكته الكثير من العلم، الذي يفوق ما يعرفه البشر.
تنظيم كافة شؤونهم:
خلق الله تعالى الملائكة وأمرهم بعبادته، وهم مخلوقات منظمون في عبادتهم، وفي كل شؤونهم وأعمالهم، وأمر رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ المسلمين بالاقتداء بالملائكة في الصلاة فقال: “ألا تَصُفُّونَ كما تصُفُّ الملائِكَةُ عندَ ربِّهم جَلَّ وعزَّ ، قُلنا وَكَيفَ تَصفُّ الملائِكَةُ عندَ ربِّهم؟ ، قالَ : يتمُّونَ الصُّفوفَ المقدَّمةَ ويتَراصُّونَ في الصَّفِّ“ سنن أبي داود.
وسيرى الإنسان الملائكة يوم القيامة آتون في صفوفاً منظمة، فقال تعالى: “وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا“سورة الفجر 22. كما تنفذ الملائكة أوامر الخالق جل وعلا بانتظام ودقة، ولا يخالفون الله تعالى بشيء ويطيعونه بكل ما يأمرهم به.
سبحان الله تعالى عمّا خلق ودبّر، خلق الملائكة وعلمهم، وأمرهم، وميّزهم، فأطاعوه وعبدوه، وخلق الإنسان وأنعم عليه بالكثير، وما على الإنسان إلّا أن يشكر ربه، ويشغل عقله وتفكيره بما خلق لأجله، ليعمل لآخرته ولا يلهو في الدنيا.