ما هي حقيقة القتل الخطأ والأثر المترتب عليه؟

اقرأ في هذا المقال


تعريف القتل الخطأ:

الخطأ في اللغة: وهو ضد الصواب والخِطءُ والذنب، والمخطئ من أراد الصواب فصار إلى غيره، والخاطئُ من تعمد ما لا ينبغي، أي قصد شيئاً وأصاب آخر. قال المناوي: الزلل عن الحق من غير تعمدٍ أو ودّ أن لا يخطأ.

الخطأ الاصطلاح:
فقد عرف الفقهاء بتعاريف متطابقة ملخصها: وقوع الشيء من غير إرادةِ فاعله، فالفاعل لا يأتي الفعل عن قصد ولا يريده، فالقتل الخطأ يكون خطأً في القصد، كأن يرمي شخصاً يظنهُ صيداً فإذا هو آدمي، وخطأ في الفعل، كأن يرمي غرضاً فيُصيبُ آدمياً فيقتلهُ.
قال ابن عابدين (وقاصدُ شخصٍ إن أصاب خلافه فذا خطأ والقتل فيه معذّر) وقد اتفق الفقهاء على هذا القسم من القتل. فقال ابن المنذر: “وأجمعوا على أن القتل الخطأ أن يُريد رمي الشيء فيصيب غيره.

دليله على ذلك من الكتاب والأثر:

– قال تعالى:وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ۚ وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا ۚ فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ۖ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ۖ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا” النساء:92.
ووجه الدلالة في ذلك: أوجب الله تعالى الدية في قتل الخطأ، كما أوجب القصاص في قتل العمد زجراً، وجعل الدية على العاقلة رفقاً، وهذا يدل على أن قاتل الخطأ لم يكتسب إثماً ولا محرماً.
– الأثر: عن محمود بن لبيد قال: اختلفت سيوف المسلمين على اليمان أبي حذيفة يوم الأحد، فقتلوه ولا يعرفونه، فأراد رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يديه، فتصدق حذيفة بديته على المسلمين. ووجه الدلالة: أن النبي عليه الصلاة والسلام أوجب الدية على الصحابة الذين قتلوا والد حذيفة خطأ.

ما يترتب على القتل الخطأ:

إن في حالة تحقق القتل الخطأ تترتب عليه آثاره، وهي الكفارة والدية المخففة على العاقلة بالاتفاق. قال البغدادي: أما الخطأ المض، فالواجب به ديةً بلا خلاف. وقال ابن المنذر: وأجمعوا على أن على القاتل خطأ كفارة ودية تحملها العاقلة.

السبب في تحمل القاتل الكفارة:

1. احترام النفس الذاهبة.
2. لكون القاتل لا يخلو من تفريطه.
3. لئلا يخلو القاتل من تحمل شيء، حيث لم يحمل من الدية.
فالديّة على العاقلة؛ لأنها إذا وجبت الدية عليها في شبه العمد، فلأن تجب في الخطأ بطريق الأولى؛ ولأنّ الخطأ يكثر، فلو وجبت الدية على القاتل لأُجحف به. فوجبت على العاقلة تخفيفاً على القاتل، نظراً له لوقوعه فيه لا عن قصد. قال الكاساني: التحرير أو الصوم في الخطأ، إنما وجب شكراً للنعمة حيث سلم له أعز الأشياء إليه في الدنيا وهو الحياة مع جواز المؤاخذة بالقصاص، وهكذا ارتفع عنه المؤاخذة في الآخرة مع جواز المؤاخذة.


شارك المقالة: