زكاة بهيمة الأنعام:
الزكاة: وتُعرفُ بأنّها الأموال التي وقعت عليها الزكاة، وتقسم إلى أربعة أصناف منها، السائمة من بهيمة الأنعام، والذي يخرج من الأرض وأيضاً الحبوب والثمار، والذهب والفضة، وعروض التجارة.
وتحتوي الأنعام أيضاً على الإبل والبقر ويتضمنُ منها الجواميس، والغنم أيضاً تحتوي على الضأن والماعز، ففي قوله عليه الصلاة والسلام: “ما من رجل تكون له إبل أو بقر أو غنم لا يؤدي حقها، إلّا أُتي بها يوم القيامة أعظم ما تكون وأسمنه، تطؤه بأخفافها، وتنطحه بقرونها، كلما جازت أخراها، ردت عليه أولاها حتى يقضى بين الناس” رواه البخاري.
ويُقصد بالزكاة أيضاً هي إخراج قدرٌ محدود من المال، لمن بلغ مالهُ النصاب في كلِ حول، وهي واجبة على أغنياء المسلمين من بلغ مالهُ النصاب الشرعي. والحِكمة من زكاة المال؛ كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: “أنها تؤخذ من أغنيائهم وتُردّ على فقرائهم”.
وابتُدئ بذكر بهيمة الأنعام فقدمت على أصناف الأموال الزكوية اقتداءً بالنبي عليه الصلاة والسلام حينما ذكره زكاة الأنعام فقدمها على غيرها، واقتداء الصديق رضي الله عنه في كتابه لأنس رضي الله عنه. أخرجه. وسُميت البهيمة بهذا الاسم؛ لأنّها لا تتكلم بكلامٍ يفهمهُ الناس؛ ولما في صوتها من الإبهام، أما مع بعضها فتتكلم بكلام تفهمهُ بينها، وقد قال موسى لفرعون لما سألهُ: “قالَ فَمَن رَبُكُما يَا موسى” قال: “رَبُنَا الّذي أعطى كُلّ شيءٍ خلقهُ ثمّ هَدَى” طه:50. وبهيمة الأنعام: وهي الإبل والبقر والغنم، قال تعالى: “أحِلّت لَكُم بَهيمةُ الأنعام” المائدة:1.
وتعتبر زكاة الأنعامِ واجبةً؛ وذلك لقول النبي عليه الصلاة والسلام: “مَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ، وَلَا بَقَرٍ، وَلَا غَنَمٍ، لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهَا إِلَّا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْظَمَ مَا كَانَتْ وَأَسْمَنَهُ، تَنْطحُهُ بِقُرُونِهَا، وَتَطَؤُهُ بِأظْلَافِهَا [ الظلف: هو الحافر] ، كُلَّمَا نَفِدَتْ أُخْرَاهَا عَادَتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ” رواه مسلم.
شروط الزكاة في بهيمة الأنعام:
الشرط الأول: أن يُتخذ هذا النوع من الزكاة للدرّ والولادة والتسمين، لا أجل العمل، فالإبل المُعدّة للعمل والركوب، والسقي، وبقرِ الحرث والسقي لا زكاة فيها عند جمهور العلماء.
الشرط الثاني: السوم تُعتبر أكثر الحول، والسائمةُ: هي عبارة عن الراعية التي ترعى خارج المعالف، أما المَعلوفةِ أي التي يُطعمها صاحبها على معلفها ولا يُخرجها للرعي، ولا تُرعى أكثر الحول فلا زكاة فيها وهذا عند جمهور أهل العلم؛ وذلك لحديث علي رضي الله عنه مرفوعاً، وفيه: “وفي البقر في كل ثلاثين تبيع، وفي الأربعين مسنة، وليس على العوامل شيء” رواه أبو داود.
أمّا ما يُعرف بالسائمة أكثرت الحول، فإنّ فيها زكاة؛ وذلك بدليل حديث انس رضي الله عنه، وفيه: “وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة” رواه البخاري. وهناك حديث بهز ابن حكيم عن أبيه عن جده: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: “في كلّ إبل سائمة في كلّ أربعين ابنة لبون” رواه أبو داود. أمّا السائمة التي أعدها مالكها للتجارة فزكاتها زكاة عروض التجارة.
الشرط الثالث: وهو أنّ يمضي عليها عند مالكها حولاً كاملاً؛ وذلك لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “لا زكاةً في مال حتى يحول عليه الحول” صحيح ابن ماجه.
ويُستثنى نتاجُ السائمةِ، فحول يكون مع حول أمهاتها، وتزكى مع أمهاتها، فتُزكى مع أمهاتها إنّ كانت الأمهات بلغت نصاباً؛ فإنّ لم تبلغ الأمهات نصاباً فبداية الحول من كمال النصاب بالنتاج، ومثال ذلك: رجل عنده أربعون شاة فولدت كل واحدة ثلاثة إلا واحدة ولدت أربعة، فأصبحت مائةً وإحدى وعشرين ففيها شاتان مع أنّ أنّ النتاج لم يحل عليه الحول؛ ولكنّه يتبع الأصل.
لقد تحدث كلّ من الجمهور وبعض من أصحاب المذاهب منهم الشافعية والحنابلة والحنفية على وجوب السوم، أي الرعي في الكلأ المُباح لبهيمة الأنعام وقالوا إنّ كانت تأكل من المعالف كما ذكرنا فلا زكاة عليها؛ وذلك لحديث الحاكم عن عمرو بن حزم بأن كلّ خمسٍ من الإبل السائمةِ شاة.
ومن شروطهم أيضاً أن لا تكون عاملة، فإذا كانت عاملة فلا زكاة عليها؛ بدليل حديث أبي داود عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: “ليس في البقر العواملِ شيء”. وخالفهم في ذلك المالكية، فقد أوجبوا الزكاة في السائمة المعلوفةِ والسائمة العاملة وما شابه ذلك.
الشرط الرابع: وهي أن تبلغ النصاب الشرعي، وأمّا ما دون النصاب من الأعداد اليسيرة فلا زكاة فيها، ونصاب بهيمة الأنعام تتقسم لمجموعة من الأقسام .