شروط الوضوء الصحيح:
إنّ للوضوءِ عشرةُ شروطٍ مهمة ألّا وهي الإسلام والعقل والتمييز والنية ومصاحبة حكمها بأن لا ينوي قطعها حتى تتمُ الطهارة، وأيضاً انقطاع موجب واستنجاءٌ أو استجمارٌ قبله، وطهوريةً ماءٍ وإباحتهُ وإزالة ما يمنع وصوله إلى البشرة ودخول وقتٍ على من حدثهُ دائمٌ لفرضه.
لقد جاء فيما سبق عن شروط الإسلام والعقل والتمييز، وأما شرطُ النية فإنه عند وضوئهِ ينوي بقلبهِ رفعُ الحدث ولا يتلفظ بلسانهِ، ومثل ذلك في مثل جميع العبادات ينوي بقلبهِ ولا يتلفظ بلسانهِ إلّا في الحج والعمرة، فلهُ أن يتلفظ بما نواه فيقول: لبيك عُمرةً، أو لبيك حجّاً أو لبيك حجّاً وعمرةً، ولو غسل وجهه عند قيامه من النوم لا يُريد الوضوء ثم بدا له أن يتوضأ؛ فإنهُ يلزمهُ أنّ يغسل وجهه للوضوء ولا يكتفي بغسله السابق لعدم وجود نية الوضوء عند ذلك الغسل، ولو اغتسل من عليه جنابة للتبرد ناسياً الجنابة، فإنهُ لا يُجزئهُ عن غُسل الجنابة لعدم وجود النية، ومع نية الطهارة يستصحب حكمها حتى تتم الطهارة، فلو نوى قطع النية في أثناء الوضوء ثم أراد إكمال الوضوء، فليس له ذلك، بل يتعينُ عليهِ البدء بالوضوء من أوله، ولا يكمل ما بقي عليه؛ لأنه قد ألغى ما حصل منه، وهذا هو الشرط الخامس.
الشرط السادس: انقطاعٌ موجب، أي ما يسمّى انقطاعٌ موجبُ الوضوء وهو الحدث، وذلك بأن ينتظر عند قضاء حاجتهِ حتى انقطاع ما يخرج من السبيلين فلا يُشرع في الوضوء قبل الانقطاع.
الشرطُ السابع: وهو ما يسمّى الاستنجاءِ أو الاستجمار قبل الوضوء، وهذا إذا كان الخارج من السبيلين بولاً أو غائطاً. أما خروج الريح فإنهُ لا استنجاء ولا استجمار فيه، والاستجمار يغني عن الاستنجاء إذا لم يتجاوز الخارج موضع العادة، فإن تجاوزهُ احتيجَ مع ذلك إلى الاستنجاء لإزالة النجاسة.
الشرط الثامن: وهي طهورية ماءٍ وإباحتهِ، وهما شيئان، فالذي جعل الشروط عشرةً وذكر بعد هذا شرطين، وعلى هذا فقد اعتبر الطهورية والإباحة شرطاً واحداً، ويُشترط في ماء الوضوء أن يكون الماء مُباحاً ليس مغصوباً، وهذا الأخير كان محلَ خلافٍ وفي اشتراطهِ، ولكن الأظهرُ أن من توضأ بماءٍ مغصوب فوضوءهُ صحيح، وهو آثمٌ على الغضب، ومثلهُ من صلّى في أرضٍ مغصوبة، أو صلى في ثوب حرير، فإن صلاتهُ صحيحة، وهو آثم في الغصب وفي لبس الحرير.
الشرط التاسع: وهو إزالة ما يمنع وصولهُ إلى البشرةِ فلا بدّ في الوضوء من وصول الماءِ إلى أغضاءِ الوضوء، ويجبُ إزالة ما يمنع وصوله إليها كالطين والعجين والطلاء أو غير ذلك ممّا يُغطي البشرة، أما ما يُغير اللون ولا يغطي البشرة مثل الحناء، فإن ذلك لا يمكن أن يؤثر.
الشرط العاشر: وهو دخول وقتٍ على من حدثهُ دائمٌ لفرضهِ، والمعنى أن من كان به سلس بول أو تخرج منه الريحُ باستمرار وكذا المرأةُ المستحاضةِ، فإن هؤلاء يتوضؤون عند دخول الوقت لكلّ صلاةٍ مفروضة، فلو توضأ أحدكم لصلاة الظهر بعد دخول وقتها وصلاها ثم دخل عليه وقت العصر، فلا يُصلّي العصر بوضوء الظهرِ، لا بل عليه أن يتوضأ بعد دخول العصر لصلاة العصر، ويدلُ على ذلك أمرهُ عليه الصلاة والسلام لفاطمة بنتُ أبي حبيش وكانت مستحاضة وكانت “تتوضأ لكل صلاةٍ” أخرجهُ البخاري.
مسائل في الوضوء:
- إذا نهضَ المسلم من نومه، وأراد أن يتوضأ من إِناءٍ فلا يغترفُ منه بيديه حتى يغسلهما ثلاثُ مرات؛ وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ في الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ” متفق عليه.
- يتوجب على المسلم أن يحرص على إِيصال الماء لجميع الأعضاء الواجب غسله، خاصة فيما بين أصابع اليدين والرجلين، وما بين اللحية والأذن، وكذا المرفقين، والكعبين، والعقبين العقب: مؤخر القدم وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم، “ويْلٌ لِلأعْقابِ مِن النَّارِ” رواه مسلم.
- إن في الأصل البناء على اليقين، فلو تيقن الطهارة ثم شك في انتقاض الوضوء بُنى على اليقين وهو الطهارة، ولو تيقن عدم الطهارة وشك هل توضأ أم لا؟ فاليقين أنه كان على غير طهارةٍ.
- إِذا توضأ المسلم فغسل أعضاء الوضوء مرةً مرةً، أو مرتين مرتين، أو بعضها مرة، وبعضها مرتين، وبعضها ثلاثًا، فوضوؤه صحيح ولكنه ترك الأفضل.
- من صلى بغير وضوء ناسيًا، وجب عليه إِعادة الصلاة حال تذكره.
- إذا توضأ المسلم ثم أصابته بعد ذلك نجاسة، فإنه يُزيل النجاسة ولا يتوضأ؛ لأن هذا ليس بحدث.