صفة المسيح الدجال العامة:
الدجال: وهو عبارة عن رجلٌ من بني آدم، عظيمُ الخلقةِ، ضخم الجسم، أفحج ومشيتهُ معيبة بسبب تباعد ساقيه عن بعضهما، عريض النحر، عظيم الرأس، وجَعد الرأس أي أن شعرهُ ليس ناعماً، ولا أملس، جفال الشعر، يوصف شعرهُ بالكثافةِ، وجلي الجبهة، بشرتهُ سمراء صافية، ووجنتهُ محمرة، ممسوح العين اليمنى؛ كأنها عنبة طافئة، وعينه اليسرى عليها عليها ظفرة، ولحمهُ غليظ، ومكتوبٌ بين عينيهِ” ك- ف- ر” بالحروف المقطعة أو “كافر” بدون تقطيع، يقرؤها كل مؤمن، كاتب وغير كاتب، ويقرؤُها كل من كره عمله، وهو عقيم لا يولد له ، يطوف الأرض، ويحرم عليه دخول مكة والمدينة ومسجد الطور والمسجد الأقصى، ومع هذه الأوصاف المنقوصة المعيبة، إلا أنه يّدعي الربوبية، وهذا ليس بمستغرب على هذا الدّجال ولكن العجب فيمن يتبعه ويُصدقهُ ويؤمن به.
تنبيه عن الدّجال: إن الدّجال يشبه رجلاً يُسمّى عبد العزى بن قطن: أراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يُقرب لأذهان الصحابة شكل الدّجال، فشبهه برجلٍ يعرفهُ أكثر الصحابة، وهو عبد العزّى بن قطن بن عمرو الخزاعي.
ففي صحيح البخاري عن أبن عمر رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:”بينَما أنا نائِمٌ رأيتنِي أطوفُ بالكعبة، فإذا رَجلٌ آدَمٌ سَبْطُ الشَّعرِ، بينَ رجُليْنِ يَنطُفُ رأسهُ ماءً ، فقلتُ : مَنْ هذا ؟ قالُوا: هذا ابنُ مَرْيَمَ ، ثمَّ ذهبتُ ألْتَفِتُ، فإذا رجُلٌ أحمَرٌ جَسيمٌ ، جَعدُ الرأس، أعورُ العينِ، كأن عينَه عِنبةٌ طافِيةٌ، قلتُ: مَنْ هذا؟ قالُوا: الدَّجالُ، أقربُ الناسِ بهِ شبَهًا ابنُ قطَن رجل من خزاعة”.
وفي رواية أخرى:”ذَكر رسول الله صلّى الله عليه وسلَّمَ يوماً بين ظَهراني الناس المَسِيح الدَّجال، فقال: إنّ اللَّه تَبارك وتَعالَى ليسَ بأَعور، ألا إنَّ المسِيح الدَّجال أعور، العَينِ اليُمنَى كَأن عَينهُ عنَبَة طافية، قالَ: وقال رسول اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ: أرانِي اللَّيْلَةَ في المَنامِ عِنْدَ الكَعْبَةِ، فإذا رجل آدَمُ كَأَحسَنِ ما ترى مِن أُدم الرِّجال، تَضرِب لِمتهُ بينَ مَنكِبَيه، رَجِل الشعرِ يَقطرُ رَأسُه ماءً، واضِعاً يدَيهِ علَى مَنكِبَي رجلين، وهو بينَهما يَطوف بالبَيتِ، فَقلت: من هذا؟ فقالوا المَسِيح ابن مَريمَ، ورَأَيت وراءَه رَجلًا جَعداً قَطَطا، أعور عَينِ اليُمنى كَأَشبه مَن رأَيت من النَّاس بابنِ قَطَن، واضعاً يَدَيه علَى مَنكبَي رجلَينِ يَطوف بالبَيتِ، فَقلت: من هذا؟ قالوا: هذا المَسِيح الدَّجَّال.
تنبيهات عن المسيح الدجال:
- لقد ورد في الحديث السابق، أن النبي عليه الصلاة والسلام رأى الدّجال يطوف بالكعبة، ولعلّ قائلٌ يقول: ألم يقل النبي عليه الصلاة والسلام عن الدّجال أنه: لا يدخل مكة والمدينة، فكيف رآه يطوف بالكعبة؟ الجواب على هذا الأمر سيقوله القاضي عياض رضي الله عنه كما نقل عنه النووي في شرح مسلم، وعلى هذا يحملُ ما ذكر من طواف الدّجال بالبيت، وأنّ ذلك رؤيا، إذ قد ورد في الصريح، أنه” لا يدخل مكة ولا المدينة”، مع أنه لم يذكر في رواية مالك طواف الدّجال، وقد يُقال: إن تحريم دخول المدينة عليه إنما هو في زمن فتنةٍ، والله هو أعلم بذلك.
وقال الحافظ ابن حجر رضي الله عنه في فتح الباري: وغلطَ من استدل بهذا الحديث على أنّ الدّجال يدخل مكة أو المدينة، إذ لا يلزم من كون النبي عليه الصلاة والسلام رآه في المنام بمكة أنه دخلها حقيقة، ولو سلم أنه رؤي في زمانهِ عليه الصلاة والسلام بمكةَ، فلا يلزم أن يدخلها بعد ذلك إذا خرج في آخر الزمان. - الشبه بين الدّجال وابن قطن لم يكن متطابقاً كمال التطابق؛ وبذلك دليل رواية ابن عمر رضي عنه وفيها: وأقربُ الناس به شبهاً ابن قطن”. وكذلك رواية النواس بن سمعان رضي الله عنه وفيها: كأني أشبهه بعبد العُزى بن قطن”.
- ابن قطن هذا يُسمّى عبد العُزّى بن قطن بن عمرو الخزاعي، وقيل: من بني المصطلق من خزاعة، وأمه: هالة بنت خويلد، وليس له صحبة، فقد هلك في الجاهلية على الراجح، وقد وقع في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند الإمام زياد وهي أن ابن قطن سأل النبي عليه الصلاة والسلام فقال: يا رسول الله، هل يضرني شبهه؟ قال: لا، أنت مؤمن، وهو كافر. وقال الحافظ في الفتح: وهذه الزيادة ضعيفة، فإن في سنده المسعودي: وقد اختلط، والمحفوظ أنه عبد العزّى بن قطن، وأنه هلك في الجاهلية كما قال الزهري.