المسكوكات المزيفة والمزورة:
إذا قلّدَ شخصٌ المسكوكات المتداولة، أو أعان في صرف العملة الفاسدة ونشرها، فإنه يكون قد ارتكب منكراً فيه إضرار للناس، وزعزعةٌ للثقة، وهذه الجريمة ليست لها عقوبة مقدرة، فيجب فيها التعزير.
وقد جاء في كتاب عدة أرباب الفتوى في رجل يعمل السكة المصنوعةِ ريالاً وذهباً وروبيةً، وفي رجلٍ ينشر هذه المسكوكات الزائفة ويروجها، أنهما يُعزران. وينبغي أن يُعزر كذلك كل من نقص قيمة المسكوكات، بأن أخذ جزءاً من المعدن المصنوعة منه، وكذلك كل من طلى مسكوكات يجعلها تشبه غيرها أكثر منها قيمةً؛ لأن هذه الأعمال وأمثالها من المحرمات التي ليست لها عقوبات مقدرة.
التزوير:
لقد روى أن معن بن زائدة عمل خاتماً على نقش خاتم بيت المال، ثم جاء به صاحب بيت المال، فأخذ منه مالاً، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب، فضربه مائة جلدة وحبسه، ثم ضربه بعد ذلك مائةً أخرى، ثم ضربه مائةً ثالثةً ونفاه. والعبرة من من هذا القول أن معن بن زائدة اصطنع خاتم بيت المال، ثم وقع به على طلبٍ بالصرف زوره، ثم قدم هذه الورقة المزورة إلى الموظف المختص ببيت المال، فَخُدع بمظهرها وصرف له المبلغ الثابت بها.
وبذلك يكون الجاني قد قلّد خاتماً للدولة، ثم يُعتبر للدولة، ثم غيّر الحقيقة في محرر بقصد الاستيلاء على مبلغ من المال، وهذا تزوير، ويكون أيضاً قد استعمل هذا المحرر المزور، بأن قدمه إلى خازن بيت المال واستولى بمقتضاه على مبلغ المال.
والتزوير قد يكون في محررات رسمية، كما هو الحال في حادث معن بن زائدة؛ لأن المحرر الذي زوره معن، ولو أنه لم يصدر في الحقيقة عن الموظف العمومي المختص بتحرير أمثاله، إلا إنه يُعطي حكم المحرر الرسمي في باب التزوير ما دام أنه قد اصطنع في صورة المحرمات الرسمية، ونسب زوراً إلى الموظف العمومي المختص.
وقد يكون التزوير في محررات عرفية، فقد جاء في بعض الفتاوى أن من موجبات التعزير كتابة الصكوك والخطوط بالتزوير. وبناءً على ما تقدم بأن التزوير يكون هو العقوبة المثالية لمثل هذه الأفعال، وكذلك استعمال المحررات المزورة، من الجرائم التي ليست فيها عقوبات مقدرة، لذلك يجب فيها التعزير.