ما هي عقوبة هرب المحبوسين وإخفاء المجرمين؟

اقرأ في هذا المقال


هرب المحبوسين وإخفاء المجرمين:

لقد ضَمِنت الشريعة الإسلاميَّة تحقيقَ مصالح الناس وسعادتهم في العاجِل والآجِل، كما حافظت على حُريَّاتهم وشددت على أهميَّتها، إلا أنها قد جعلتْ لهذه الحريَّات قيودًا من أجل أن لا يقعَ الضررُ على بقيَّة المُجتمَع، ومن تلك القيود التي وضعتها الشريعة ألا وهي “عقوبةُ الحبس” التي أصبحت في هذا العصر العقوبةَ الأولى والشائعة من بين جميع العقوبات.
إذا مكّن أحداً شخصاً مقبوضاً عليه من الهرب، أو ساعده عليه، أو سهله له بأية طريقة كانت؛ فإنه يكون قد مكّن للمنكر وساعد عليه، وهذا محرم ليس فيه عقوبة مقدرة، فيستوجبُ التعزير. وإذا أخفى أحداً شخصاً هرب بعد القبض عليه، أو متهماً بارتكاب جريمة أو أعانه بأي طريقةٍ من الطرق على الإفلات من القضاء، فإنه يكون كذلك قد ساعد على إفلاته من الجزاء، وهذا فيه تثبيتٌ للمنكر، فهو محرم يستوجب التعزير.

بعض الحالات على عقوبة الحبس:

لقد ذكر الفقهاء حالات كثيرة في هذا المجال، وقالوا إن فيها التعزير. ومن هذه الحالات أنه من يأوي محارباً أو سارقاً أو قاتلاً أو غيرهم ممّن يكون عليهم حقٌ لله تعالى أو لآدمي؛ ويمنعه ممّن يستوفي منه الواجب، فقالوا إنه يُعتبر شريكاً له في جرمه، وقد لعنه الله ورسوله؛ وذلك لما رواه في مسلم في صحيحه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ” لعن الله من أحدث حدثاً أو آوى محدثاً”.
وقيل في عقوبته إنه يطلب منه إحضاره أو الإعلام عن مكانه، فإن امتنع فإنه يُعاقب بالحبس والضرب مرةً بعد مرة، حتى يمكن من الجاني الهارب. وغير ذلك أيضاً أن يعلم شخصٌ مكان الرجل المطلوب بحقٍ من الحقوق المذكورة أو نحوها، فيجب عليه الإعلام به والدلالة عليه، فإن كَتَمه فإنه يكون قد ارتكب محرماً يوجب تعزيره، إذ تعاون على الإثم والعدوان، وهنا كذلك يكون التعزير بالحبس وغيره حتى يُخبر بمن يعلم مكانه؛ لأنه امتنع من حق وجب عليه.
ومهما كان الدافع للممتنع عن إحضار المطلوب إحضاره الدلالة على مكانه، وسواء أكان هذا الدافع هو المحاياة والحمية للشخص المطلوب، أم البغض والمعاداة للمظلوم، أم الإعراض عن القيام بالواجب الذي يُمليه عليه كونه عضواً في المجتمع، أم الجبن والخذلان، أم غير ذلك، فإن الفقهاء على اتفاق في استحقاق هذا الممتنع للعقوبة، وذلك لما عطل من حدود وضيع من حقوق.


شارك المقالة: