ما هي علاقة حسر الفرات بالحدث الكوني؟

اقرأ في هذا المقال


علاقة حسر الفرات بالحدث الكوني:

قد يتساءل البعض قائلاً: أليس من التعسف هنا ربط حسر الفرات بآية الدخان نزول كسف من السماء، خاصة أنه لم يرد في سياق الأحاديث الدالة على حسر الفرات أي قرينة تربط بين الأمرين.
هناك تساؤل قد يطرح، وله وجاهته، لكن طرحه متصور إذا نُظر إلى حسر الفرات كعلامةٍ جزئيةٍ بمعزل عن باقي العلامات، أما إذا نُظر إلى مجموع الأدلة وسياقها، فقد تظهر لنا قرائن عدة تعزز الربط بين كل هذه الأحداث، لذا أرى أنّ أسوق هنا بعض القرائن المعززة لما ذكرت، وهي لا ترتقي بعملية الربط لدرجة الجزم بها، إنما تدخل المسألة في حيز الاحتمال الراجح ومنها:
القرينة الأولى: من نظر إلى سياق الحديث الذي تحدث عن حسر الفرات يجد أنه لا يُصدق على عصرنا، وليس قريباً من معطيات العصر وأنظمته، فسياق الحديث يُشير إلى ظهور جبل من ذهب يقتتل عليه الناس، أي ظهوره ليس في عهد الدول التي نعيشها، بل في مرحلة فوضوية، يملك فيها كل إنسان أن يأتي الجبل ويأخذ منه، أما في عرف الدول الحالية فإن اكتشاف أي كتر أو معدن يترتب على تأميم الدولة لهذا الكتر وحراسته، واستخراجه، والوضع الطبيعي في عرف الدول عند اكتشاف أي معدن أن عيون الناس لا تطمع حتى في التفكير به وهذا أمرٌ معلوم.
وهذا العرف الدولي المعاصر لا يتناسب وسياق الحديث الذي يُشير إلى مرحلة فوضوية، يتصور فيها كل انسان أنه يملك أن ينفرد بهذا الكتر، أو ينال منه النصيب الأكبر، وهذه القرينة معززة لكون حسر الفرات لن يكون في ظل الأعراف الدولية المعاصرة، بل ستكون هناك حالة استثنائية فوضوية تمر بها البلاد على وجه العموم.

القرينة الثانية:
إن حسر الفرات بهذا الشكل الذي يُشير إليه الحديث لم يعهد في الفرات على مر الدهور، فهو نهر أصيل جاري طول العام، وماؤه في الغالب غزير، والحديث يُشير إلى نضوبه، إذا لا بد من تغير مناخي جوهري يؤثر به، ونلاحظ من خلال هذا البحث بأن هناك قرائن عدة تربط بين ثلاثة أمور وهي القحط وآية الدخان وخروج الدّجال، وهذه المرحلة من القحط مناسبة لوقوع الترف أو النضوب في ماء الفرات، وتتفق مع المرحلة الفوضوية الممهدةِ لخروج الدّجال.

القرينة الثالثة:
جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه والمتفق عليه أن الفُرات يُحسر عن كتر بدل جبل، وورد في رواية عن ابن ماجه الربط بين الاقتتال على كتر وبين خروج المهدي، فعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:” يقتتلُ عند كنزكم ثلاثةً كُلهم ابنُ خليفة ثم لا يصير إلى واحدٍ منهم، ثم تطلعُ الرّايات السّود من قبل المشرق، فيقتلونكم قتلاً لم يقتلهُ قومٌ، ثم ذكر شيئاً لا أحفظهُ فقال فإذا رأيتموه فبايعوهُ ولو حبواً على الثلج فإنه خليفة الله المهدي”. أخرجه ابن ماجه.

فسياق الحديث السابق يُشير إلى أن الاقتتال على كتر ما ممهد لخروج المهدي، وقد جاء التعبير النبوي بصيغة الإضافة الدالة على العهد”كَتركم” أي هذا الكتر المعهود لديكم والذي سبق إخباركم عنه.
ومن خلال تتبعنا لعلامات الساعة فلم نجد تصريحاً نبوياً عن كتر يقتتل عليه إلا كتر الفرات، أما كتر الكعبة، فالذي يستخرجه هو ذو السويقتين الحبشي الذي يهدم الكعبة. فالمفهوم ممّا سبق أن الاحتمال قوي في كون الكتر المشار إليه، هو كتر الفرات نفسه، وإذا كان كذلك فيمكننا اعتبار الحديث قرينةً قوية في تحديد زمن حسر الفرات وهو عند ظهور المهدي، والذي يكون أيضاً قبل خروج الدّجال.

القرينة الرابعة:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال:” كنا قعوداً عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم فذكر الفتن فأكثر في ذكرها حتى ذكر فتنةَ الأحلاس، فقال قائلٌ: يا رسول الله وما فتنة الأحلاس؟ قال: هي هرب وحرب ثم فتنةً السّراء دخنُها من تحت قدمي رجلٍ من أهل بيتي، يزعمُ أنه مني، وليس مني وإنما أوليائي المتقون. ثم يصطلح الناس على رجلٍ كورك على ضلعٍ، ثم فتنةُ الدهيماء لا تدع أحداً من هذه الأمة إلا لطمتهُ لطمةً، فإذا قيل انقضت تمادت، يُصبحُ الرّجل فيها مؤمناً ويُمسي كافراً حتى يصير الناسُ إلى فُسطاطين فُسطاط إيمانٍ لا نفاق فيه وفُسطاط نفاقٍ لا إيمان فيه فإذا كان ذاكم فانتظروا الدّجال من يومه أو من غدهِ”. أخرجه أبو داود في الفتن.


شارك المقالة: