ما هي قصة أبو جهل التي ذكرت في القرآن الكريم؟

اقرأ في هذا المقال


قصة أبو جهل التي ذكرت في القرآن:

لقد ذكر أن في يوم من الأيام جاء أبو جهل إلى أصحابه، وهم يأكلون التمر والزبدة، فقال لهم أبو جهل تزقموا فإني أتزقم من هذا، أي كان يقصد الزقوم وهي التي ذكرها الله تعالى في القرآن؛ فكل ذلك كان استهزاءً بالشجرة واستهزاء بالعذاب، فقد كان أسلوبه سيء وغير لائق كان يتعامل فيه مع النبي عليه الصلاة والسلام، حتى أن النبي قال: لو أن قطرة من الزقوم قُطرت في الدنيا لأفسدت عليهم معايشهم. فكيف بمن كان طعامه وشرابه.

إن شجرة الزقوم هي شجرة تخرج من أصل الجحيم وطلعها كأنها رؤوس الشياطين، فقد قيل أنها شجرة واحدة تتفرع في النار كلها، وبعضهم قال: أنها عدة أشجار تسمى الزقوم، فكان أبو جهل يسمي نفسه العزيز الكريم فقد كان يقول للناس لا تنادوني بأبي الحكم بل نادوني بالعزيز الكريم، حتى أنزل الله تعالى في كتابه الحكيم يرد على أبو جهل: “إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ – طَعَامُ الْأَثِيمِ – كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ – كَغَلْيِ الْحَمِيمِ – خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَىٰ سَوَاءِ الْجَحِيمِ – ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ – ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ” الدخان:43-49.

إن هذا الكلام سيقال له في جهنم؛ وذلك توبيخًا له، أي أن تقول له جهنم هل أنت الذي تسمي نفسك العزيز الكريم، فالآن سندعك تأكل من الزقوم الذي كنت تستهزء به، فهذا كله لأبي جهل ولكل من ينكر عذاب الله تعالى.

ماذا طلب أبو جهل من الرسول عليه الصلاة والسلام؟

في يوم من الأيام طلب أبو جهل من النبي عليه الصلاة والسلام أن تمطر السماء حجارة وأن يرى العذاب الذي زعم أنه يهدده به، فأنزل الله تعالى: “وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَٰذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍوَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ” الانفال:32-33. فالله تعالى لا يدمر قريش والنبي عليه الصلاة والسلام فيها، وإن كان فيها أناس يستغفرون ربهم لا يعذبها أيضًا ولا يُنزل بأسه عليها.

لقد قال أهل قريش للنبي عليه الصلاة والسلام: هل تريد أن نؤمن بك، فأجابهم النبي نعم، فقالوا له بشرط: فقال النبي: وما هو، قال أريت إلى بلال وخباب وصهيب أولئك العبيد الموالي الفقراء الضعفاء، ما نجلس في مجلسٍ وهم فيه، فقالوا للنبي: تطردهم ونجلس نحن معك؛ لأن نحن كبار القوم والشرفاء ونحن أصحاب المنزلة التجار لا تجالسنا مع الفقراء، فقال تعالى: “وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ” الأنعام:52. فالله يقول لنبيه إذا طردت الفقراء فستصبح أنت من الظالمين.

فكل واحد استهزء بالنبي أرسل الله تعالى له واحد يقتله، إما بدابة أو بسبع أو بسمّ أو ببئر، فكل واحد أرسل له الله من يقتله، فقال تعالى: “إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ” الحجر:92. فالرسول عليه الصلاة والسلام هو حبيب الله وهو خاتم الأنبياء والرسل وأفضلهم وهو صاحب الشفاعة العظيمة يوم القيامة، وأنت يا أبا جهل وعتبة وشيبة تستهزءون به!

في يوم من الأيام خافوا أن تأتي الناس إلى الكعبة من أجل الحجّ، يأتون من جميع البلاد لأداء الحجّ، وخافوا أن ينتشر هذا الدين، ففي بداية الأمر قالوا: هذا النبي حاله كحال غيره فكل واحد جاء ودعا دعوة مثله فقد مات وانتهى أمره، أما هذا النبي عليه الصلاة والسلام خافوا من الأمر الذي بدأ ينتشر والناس بدأت تصبر وتسأل عن هذا الدين، فكلما جاء وفد إلى الكعبة للحج، قالوا لهم: ضعوا أصابعكم في آذانكم، وقالوا لماذا، قالوا: لأنه هناك ساحر عند الكعبة، لو استمعتم له لسحركم، ويبدأ الناس يطوفون حول الكعبة وأصابعهم في آذانهم، فقال تعالى: “وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ”.

إن الله تعالى يتكلم عن قريش فقد كانوا بين فترة وأخرى كانوا يعبدون صنم يختلف عن الآخر، وفي فترة من الزمن كانوا يعبدون حجرًا، فإذا أعجبهم حجر يترك الأول ويعبد حجرًا غيره، فقال تعالى: “أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ” الجاثية:23.

الحوار الذي دار بين العالم اليهودي والنبي عليه الصلاة والسلام:

الله تعالى يقول عن هؤلاء أنهم ما يعبدون أصنام، بل إنهم يعبدون أهواءهم، أي معبود يعجبهم يعبدونه، فالعقل الصحيح في هذا الكون لا يدلك إلى على الله، ومن يعبد غير الله فإنما يعبد هواه، فلما هاجر النبي عليه الصلاة والسلام إلى المدينة، رأه رجل من علماء اليهود واسمه عبد الله بن سلام، فيقول أول ما رأيت النبي عليه الصلاة والسلام لما أرى إلا وجهه وقلت إن هذا الوجه ليس بوجه كذاب بل إن هذا وجه واحد صادق، فعندما تجرد عن الأهواء وصار يصدّ عن الحق وأول ما سمعته كان يقول: “أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصِلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تتدخلون الجنة بسلام”.

فجاء عبد الله بن سلام إلى النبي عليه الصلاة والسلام وصار يسأل بعض الأسئلة ويحاوره، فاقتنع بالإسلام وشهد الشهادتين ودخل في الدين الإسلامي، ففرح النبي عليه الصلاة والسلام له، وعالم من علماء اليهود يُسلم، فقال: يا رسول الله؟ إن يهود تعلم إني عالم من علمائها أنا وأبي، فإذا شئت يا رسول الله أن تخبئني في بيتك، ضعني وراء ستار في بيتك وادعو اليهود واسألهم عني، فإنهم قوم بهت، انظر ماذا سيقولون عني قبل إسلامي وانظر ماذا سيقولون بعد إسلامي.

وبعدها جاء الأحبار من اليهود إلى النبي عليه الصلاة والسلام في بيته وجلسوا عنده، فعبد الله مختبئ وراء الستار لا يرونه اليهود، فسأل النبي عليه الصلاة والسلام لأحبار اليهود؟ هل تعرفون عبد الله بن سلام، فقالوا: نعم، فما رأيكم فيه، قالوا: خيرنا وابن خيرنا فهو عالمُنا وابن عالمِنا، فقال عليه الصلاة والسلام: أرأيتم إن أسلم، قالوا: نعيذه بالله أن يسلم، وكرر عليهم القول مرتين أرأيتم أن أسلم، فقال الأحبار: أعوذ بالله أن يسلم، فكرر عليهم القول مرة ثالثة وقال: أرأيتم إن أسلم، قال: نعيذه بالله إن أسلم.

فخرج عليهم عبد الله بن سلام وقال لهم: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، فقال له الأحبار: أنت شرّنا وابن شرنا وسيئنا وابن سيئنا، فقال لهم النبي: الآن قلتم أنه خيركم وابن خيركم وعالمكم، فهل أصبح شرّ لكم، فأنزل الله تعالى قوله: “قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ” الأحقاف:10.


شارك المقالة: